مقالات

الانسداد.. وعلاج الجرّاحين

د. فاتح عبدالسلام

ما‭ ‬قالته‭ ‬المبعوثة‭ ‬الأممية‭ ‬جينين‭ ‬بلاسخارت‭ ‬في‭ ‬تقريرها‭ ‬أمام‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬يضع‭ ‬الانتخابات‭ ‬العراقية‭ ‬في‭ ‬ميزان‭ ‬التقييم‭ ‬الدولي‭ ‬النهائي،‭ ‬ويؤكد‭ ‬أنّ‭ ‬ما‭ ‬سيتم‭ ‬الإعلان‭ ‬عنه‭ ‬من‭ ‬نتائج‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬لاحق‭ ‬سيكون‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬اعتراف‭ ‬دولي‭ ‬ناجز‭. ‬تقريرها‭ ‬يذهب‭ ‬الى‭ ‬أسوأ‭ ‬الاحتمالات‭ ‬وهو‭ ‬محاولة‭ ‬تغيير‭ ‬النتائج‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬العنف‭ ‬بحسب‭ ‬النص،‭ ‬وانّ‭ ‬قولها‭ ‬بارتداد‭ ‬محاولات‭ ‬العنف‭ ‬على‭ ‬أصحابها‭ ‬يستلزم‭ ‬موقفاً،‭ ‬لا‭ ‬نعرف‭ ‬حتى‭ ‬اللحظة‭ ‬مَن‭ ‬المتكفل‭ ‬بالرد‭ ‬على‭ ‬العنف‭ ‬الصادر،‭ ‬هل‭ ‬هي‭ ‬الحكومة‭ ‬العراقية‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬تصريف‭ ‬الأحوال‭ ‬أم‭ ‬قوات‭ ‬التحالف؟‭ ‬في‭ ‬خلاصة‭ ‬المطالعة‭ ‬الدولية،‭ ‬نقرأ‭ ‬علامات‭ ‬سوداء‭ ‬في‭ ‬الأفق‭ ‬العراقي،‭ ‬وصفته‭ ‬المبعوثة‭ ‬بلاسخارت‭ ‬بانسداد‭ ‬سياسي،‭ ‬لكن‭ ‬المعنى‭ ‬يوحي‭ ‬بإنَّ‭ ‬أيّ‭ ‬انسداد‭ ‬اذا‭ ‬طال‭ ‬أمدُه‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬معالجة‭ ‬يؤدي‭ ‬الى‭ ‬انفجار،‭ ‬وقس‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬شيء،‭ ‬في‭ ‬جسم‭ ‬الانسان‭ ‬كالشرايين‭ ‬أو‭ ‬المجاري‭ ‬العامة‭ ‬او‭ ‬انابيب‭ ‬الغاز‭ ‬في‭ ‬مبنى‭ ‬أو‭ ‬منزل‭ . ‬الانسداد‭ ‬هو‭ ‬المقدمة‭ ‬الطبيعية‭ ‬الحتمية‭ ‬لأي‭ ‬انفجار‭. ‬هناك‭ ‬مَن‭ ‬يلجأ‭ ‬الى‭ ‬علاج‭ ‬القسطرة‭ ‬والتدخل‭ ‬الجراحي‭ ‬السريع‭ ‬لتدارك‭ ‬الانفجار‭ ‬في‭ ‬الشرايين‭ ‬أو‭ ‬الانابيب‭. ‬لكن‭ ‬الحال‭ ‬العراقي‭ ‬لا‭ ‬يوحي‭ ‬بوجود‭ ‬جراحين‭ ‬قادرين‭ ‬على‭ ‬التدخل‭ ‬الجراحي‭ ‬السياسي‭ ‬في‭ ‬التوقيت‭ ‬المناسب،‭ ‬فالجميع‭ ‬يدورون‭ ‬في‭ ‬ذات‭ ‬المستنقع‭ ‬النفعي‭ ‬من‭ ‬التوافقات‭ ‬المصلحية‭ ‬التي‭ ‬ترفض‭ ‬أيّ‭ ‬استحقاق‭ ‬ديمقراطي‭ ‬يتقاطع‭ ‬معها‭. ‬القيادات‭ ‬السياسية‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬انسداد‭ ‬تام،‭ ‬لأنّها‭ ‬لا‭ ‬تدرك‭ ‬انّ‭ ‬العلاجات‭ ‬التوافقية‭ ‬الملوثة‭ ‬الماضية‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬مجدية‭ ‬كونها‭ ‬كانت‭ ‬من‭ ‬نتاج‭ ‬فترة‭ ‬وجود‭ ‬الاحتلال‭ ‬الأمريكي‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬المؤسس‭ ‬والداعم‭ ‬الأول‭ ‬للعملية‭ ‬السياسية‭ ‬التي‭ ‬أوصلتهم‭ ‬الى‭ ‬واجهة‭ ‬السلطة‭. ‬اليوم،‭ ‬هناك‭ ‬استحقاقات‭ ‬لتحوّل‭ ‬سياسي‭ ‬حتمي‭ ‬بحكم‭ ‬التقادم‭ ‬الزمني‭ ‬عمره‭ ‬ثماني‭ ‬عشرة‭ ‬سنة،‭ ‬وأمامه‭ ‬طريقان،‭ ‬إمّا‭ ‬الذهاب‭ ‬الى‭ ‬إقامة‭ ‬دولة‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬تعنيه‭ ‬الكلمة‭ ‬أو‭ ‬الضياع‭ ‬في‭ ‬تشرذم‭ ‬سيبدأ‭ ‬سياسياً‭ ‬ثمّ‭ ‬أمنياً‭ ‬وينتهي‭ ‬بالبلاد‭ ‬الى‭ ‬المجهول‭ ‬المرعب‭ ‬الذي‭ ‬تلوح‭ ‬علاماته‭. ‬نسمعُ‭ ‬بمفترق‭ ‬الطرق‭ ‬دائماً،‭ ‬ولم‭ ‬نرها،‭ ‬غير‭ ‬انّنا‭ ‬في‭ ‬القريب‭ ‬العاجل‭ ‬قد‭ ‬نراها‭ ‬بوضوح‭. ‬‭ ‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى