مقالات

الحشد والخضراء.. الكوميديا والتراجيديا

د. فاتح عبدالسلام

بحسب‭ ‬التشريعات‭ ‬السارية،‭ ‬أصبحت‭ ‬فصائل‭ ‬الحشد‭ ‬الشعبي‭ ‬هيئة‭ ‬رسمية‭ ‬مرتبطة‭ ‬بالقائد‭ ‬العام‭ ‬للقوات‭ ‬المسلحة،‭ ‬وللهيئة‭ ‬رئيس‭ ‬بدرجة‭ ‬وظيفية‭ ‬خاصّة‭ ‬ويكون‭ ‬تعيينه‭ ‬بتوقيع‭ ‬القائد‭ ‬العام‭. ‬في‭ ‬المحصلة‭ ‬يكون‭ ‬المعنى‭ ‬هو‭ ‬انّ‭ ‬الحشد‭ ‬قوات‭ ‬مسلحة‭ ‬رسمية،‭ ‬وهنا‭ ‬يفترض‭ ‬ان‭ ‬يكون‭ ‬حالها‭ ‬حال‭ ‬الجيش‭ ‬والقوات‭ ‬الأمنية‭ ‬في‭ ‬الإطار‭ ‬العام‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬استثنائها‭ ‬من‭ ‬حق‭ ‬العمل‭ ‬السياسي‭ ‬وما‭ ‬يتصل‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬تنظيم‭ ‬تظاهرات‭ ‬واقتحامات‭ ‬للمقار‭ ‬العسكرية‭ ‬والمدنية‭. ‬هل‭ ‬يجوز‭ ‬أن‭ ‬تتظاهر‭ ‬فرقة‭ ‬عسكرية‭ ‬أو‭ ‬لواء‭ ‬مغاوير‭ ‬أو‭ ‬كتيبة‭ ‬دبابات‭ ‬أمام‭ ‬مقر‭ ‬القائد‭ ‬العام‭ ‬للقوات‭ ‬المسلحة‭ ‬لأسباب‭ ‬لها‭ ‬صلة‭ ‬بالانتخابات‭ ‬أو‭ ‬سواها‭. ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى،‭ ‬هناك‭ ‬واجبات‭ ‬عسكرية‭ ‬للحشد‭ ‬في‭ ‬حماية‭ ‬مدن‭ ‬العراق‭ ‬من‭ ‬هجمات‭ ‬محتملة‭ ‬لتنظيم‭ ‬داعش،‭ ‬وهذا‭ ‬الأصل‭ ‬في‭ ‬تأسيس‭ ‬الحشد‭ ‬بعد‭ ‬الفتوى‭ ‬الشهيرة‭. ‬لكن‭ ‬قيام‭ ‬الحشد،‭ ‬بهذه‭ ‬الاعداد‭ ‬الكبيرة‭ ‬في‭ ‬المرابطة‭ ‬امام‭ ‬المنطقة‭ ‬الخضراء‭ ‬ومقار‭ ‬السفارات‭ ‬والدوائر‭ ‬الرئاسية،‭ ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬وجبات‭ ‬منتظمة‭ ‬في‭ ‬الحضور‭ ‬والانصراف،‭ ‬يثير‭ ‬سؤال‭ ‬بشأن‭ ‬العدد‭ ‬الفعلي‭ ‬للذين‭ ‬يقاتلون‭ ‬الان‭ ‬على‭ ‬الجبهات‭ ‬المحتملة‭ ‬لداعش‭. ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬الجواب‭ ‬انّ‭ ‬هذه‭ ‬الاعداد‭ ‬زائدة‭ ‬وخارج‭ ‬الحاجة‭ ‬لقتال‭ ‬الأعداء،‭ ‬فهذا‭ ‬يعني‭ ‬انّ‭ ‬موازنة‭ ‬دفع‭ ‬الرواتب‭ ‬الحكومية‭ ‬لهؤلاء‭ ‬المتظاهرين‭ ‬ضد‭ ‬الحكومة‭ ‬بحاجة‭ ‬الى‭ ‬مراجعة‭ ‬لفرز‭ ‬الذين‭ ‬يحملون‭ ‬صفة‭ ‬متظاهر‭ ‬عن‭ ‬الذين‭ ‬يحملون‭ ‬صفة‭ ‬مقاتل‭ ‬والبلد‭ ‬يحتاجه‭ ‬للدفاع‭ ‬عن‭ ‬ترابه‭. ‬أمّا‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬الحشد‭ ‬ليس‭ ‬جزءا‭ ‬من‭ ‬القوات‭ ‬الأمنية،‭ ‬فتلك‭ ‬مسألة‭ ‬أخرى‭ ‬وهنا‭ ‬يحق‭ ‬له‭ ‬التظاهر‭ ‬حسب‭ ‬الدستور‭ ‬كمواطنين‭ ‬عاديين‭. ‬‭ ‬وفي‭ ‬حالة‭ ‬وجود‭ ‬اقتناع‭ ‬لدى‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬والقائد‭ ‬العام‭ ‬للقوات‭ ‬المسلحة‭ ‬في‭ ‬انّ‭ ‬الحشد‭ ‬فوق‭ ‬التصنيفات‭ ‬العادية‭ ‬المتصلة‭ ‬بالقوات‭ ‬الأمنية‭ ‬او‭ ‬الهيئات‭ ‬المنصوص‭ ‬عليها‭ ‬قانوناً،‭ ‬فهنا‭ ‬لا‭ ‬يحق‭ ‬له‭ ‬أن‭ ‬يلوم‭ ‬الحشد‭ ‬اذا‭ ‬تظاهروا‭ ‬ضده‭ ‬او‭ ‬ضد‭ ‬القوات‭ ‬الأمنية‭ ‬التي‭ ‬تحمي‭ ‬المنطقة‭ ‬الخضراء،‭ ‬وربّما‭ ‬عليه‭ ‬ان‭ ‬يشجعهم‭ ‬على‭ ‬الاستمرار‭ ‬في‭ ‬محاولات‭ ‬اقتحام‭ ‬المنطقة‭ ‬الخضراء‭ ‬وصرف‭ ‬علاوات‭ ‬لهم‭ ‬فوق‭ ‬رواتبهم‭. ‬‭ ‬الراضون‭ ‬بالعيش‭ ‬في‭ ‬مساحة‭ ‬يقوم‭ ‬بها‭ ‬الجميع‭ ‬بخلط‭ ‬الأوراق‭ ‬من‭ ‬اجل‭ ‬إضاعة‭ ‬الورقة‭ ‬الوحيدة‭ ‬التي‭ ‬لها‭ ‬صلة‭ ‬بالبلد،‭ ‬هم‭ ‬أنفسهم‭ ‬مشاركون‭ ‬في‭ ‬قبول‭ ‬الاعتداء‭ ‬على‭ ‬أنفسهم‭ ‬،‭ ‬ولا‭ ‬يجدر‭ ‬بهم‭ ‬أن‭ ‬يتظلموا‭. ‬كوميديا‭ ‬ستنتهي‭ ‬ذات‭ ‬يوم‭ ‬الى‭ ‬تراجيديا،‭ ‬وهذه‭ ‬المرة‭ ‬لا‭ ‬ينبغي‭ ‬لأي‭ ‬شخص‭ ‬أن‭ ‬يقول‭ ‬متى؟‭ ‬‭ ‬.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى