مقالات

الخبير‭ ‬اللغوي

فاتح‭ ‬عبد‭ ‬السلام

‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يستمر‭ ‬الحال‭ ‬في‭ ‬السماح‭ ‬للمطابع‭ ‬الخاصة‭ ‬بطباعة‭ ‬كتب‭ ‬لمَن‭ ‬يدفع‭ ‬ثمنها‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تتوافر‭ ‬على‭ ‬أبسط‭ ‬شروط‭ ‬السلامة‭ ‬اللغوية‭. ‬ناشرون‭ ‬يقبضون‭ ‬ثمن‭ ‬الكتاب‭ ‬من‭ ‬المؤلف‭ ‬ثمّ‭ ‬ينشرونه‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬المرور‭ ‬على‭ ‬جهة‭ ‬تحدد‭ ‬سلامة‭ ‬لغته‭ ‬العربية،‭ ‬ولا‭ ‬أقول‭ ‬سلامة‭ ‬مضمونه‭ ‬لأنّ‭ ‬هذا‭ ‬الباب‭ ‬سيدخل‭ ‬فيه‭ ‬حق‭ ‬حرية‭ ‬التعبير‭ ‬والأفكار‭ ‬والمعتقدات،‭ ‬ولست‭ ‬معنياً‭ ‬بطلب‭ ‬تحديد‭ ‬شروطها‭ ‬ومواضعاتها‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬انّ‭ ‬ذلك‭ ‬ممكن‭ ‬تحت‭ ‬شرط‭ ‬السلامة‭ ‬العلمية‭ ‬وحرية‭ ‬التعبير‭ ‬ايضاً‭.‬رأيت‭ ‬كتباً‭ ‬في‭ ‬الشعر‭ ‬والرواية‭ ‬والقصة‭ ‬والفكر‭ ‬والثقافة،‭ ‬صدرت‭ ‬في‭ ‬داخل‭ ‬العراق‭ ‬غارقة‭ ‬بالأخطاء‭ ‬اللغوية‭ ‬والاملائية،‭ ‬وهناك‭ ‬مَن‭ ‬يرتكب‭ ‬الأخطاء‭ ‬القاتلة‭ ‬في‭ ‬عنوان‭ ‬الكتاب،‭ ‬موغلاً‭ ‬في‭ ‬تكريس‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬التردي‭ ‬ستتحول‭ ‬بعد‭ ‬سنوات‭ ‬الى‭ ‬سمة‭ ‬عامة‭ ‬للمشهد‭ ‬العلمي‭ ‬والثقافي‭ ‬والادبي،‭ ‬وستتحول‭ ‬المكتبة‭ ‬الوطنية‭ ‬التي‭ ‬تمنح‭ ‬الترقيم‭ ‬الوطني‭ ‬لفهرسة‭ ‬إصدار‭ ‬الكتاب‭ ‬الى‭ ‬مستوع‭ ‬لمؤلفات‭ ‬مشوّهة،‭ ‬لا‭ ‬يصح‭ ‬أن‭ ‬يقرأها‭ ‬الجيل‭ ‬التالي‭ ‬الذي‭ ‬قد‭ ‬يأخذها‭ ‬على‭ ‬انها‭ ‬كتب‭ ‬صحيحة‭ ‬المبنى‭ ‬والمعنى،‭ ‬ولا‭ ‬يدقق‭ ‬في‭ ‬كونها‭ ‬كتباً‭ ‬انتجتها‭ ‬اكثر‭ ‬فترات‭ ‬الانحطاط‭ ‬والضحالة‭ ‬في‭ ‬الفكر‭ ‬والثقافة‭ ‬التي‭ ‬مرت‭ ‬بها‭ ‬البلاد‭.‬أكاد‭ ‬أجزم‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬كتاب‭ ‬واحد‭ ‬في‭ ‬اللغة‭ ‬الانكليزية‭ ‬يصدر‭ ‬بأخطائه‭ ‬اللغوية‭.‬‭ ‬لماذا‭ ‬الاستهانة‭ ‬باللغة‭ ‬العربية‭ ‬الى‭ ‬هذه‭ ‬الدرجة؟‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬المؤلفون‭ ‬في‭ ‬مستويات‭ ‬ضحلة‭ ‬فلتقم‭ ‬الجهات‭ ‬الثقافية‭ ‬الرسمية‭ ‬بتشديد‭ ‬الضوابط‭ ‬واشتراط‭ ‬شهادة‭ ‬سلامة‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬المكتوب‭ ‬بها‭ ‬الكتاب،‭ ‬أو‭ ‬اتخاذ‭ ‬أية‭ ‬وسيلة‭ ‬ناجعة‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬سلامة‭ ‬لغة‭ ‬الكتب‭ ‬المطبوعة‭ ‬في‭ ‬العراق‭.‬‭ ‬حتى‭ ‬الكتب‭ ‬العلمية‭ ‬والاكاديمية‭ ‬في‭ ‬الطب‭ ‬والهندسة‭ ‬والعلوم‭ ‬الصرفة‭ ‬والنواحي‭ ‬الأخرى‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬يجيد‭ ‬مؤلفوها‭ ‬الكتابة‭ ‬والتأليف‭ ‬بلغة‭ ‬عربية‭ ‬سليمة،‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تحظى‭ ‬بشهادة‭ ‬من‭ ‬خبير‭ ‬لغوي‭ ‬يجيز‭ ‬سلامتها‭ ‬بعد‭ ‬تدقيقها‭ ‬وتصحيحها،‭ ‬وقد‭ ‬شهدت‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬المراجعات‭ ‬بنفسي‭ ‬قبل‭ ‬ثلاثة‭ ‬عقود،‭ ‬ولا‭ ‬أدري‭ ‬ماذا‭ ‬حصل‭ ‬اليوم‭.‬‭ ‬أرى‭ ‬أنّه‭ ‬ربّما،‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬تبنت‭ ‬الجهات‭ ‬الثقافية‭ ‬الرسمية‭ ‬المقترح،‭ ‬ستتوافر‭ ‬فرص‭ ‬عمل‭ ‬بدرجة‭ ‬مصححين‭ ‬لغويين‭ ‬لأعداد‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬خريجي‭ ‬اقسام‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬يجدون‭ ‬عملا‭ ‬منذ‭ ‬سنوات،‭ ‬اذا‭ ‬كانوا‭ ‬قد‭ ‬نالوا‭ ‬شهاداتهم‭ ‬عن‭ ‬استحقاق‭ ‬وتلقوا‭ ‬تعليماً‭ ‬يليق‭ ‬بلغة‭ ‬الضاد‭ ‬،‭ ‬واذا‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬العلة‭ ‬مستوطنة‭ ‬فيهم‭ ‬وفي‭ ‬الذين‭ ‬تخرجوا‭ ‬على‭ ‬أيديهم‭ ‬أصلاً‭.‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى