مقالات

الخيط‭ ‬الأبيض والخيط‭ ‬الأسود

فاتح عبدالسلام

لو‭ ‬لم‭ ‬تعلن‭ ‬قوات‭ ‬سوريا‭ ‬الديمقراطية‭ ‬تحطم‭ ‬مروحتين‭ ‬لها‭ ‬داخل‭ ‬العراق‭ ‬ومقتل‭ ‬احد‭ ‬كبار‭ ‬قادتها‭ ‬بين‭ ‬تسعة‭ ‬اخرين،‭ ‬لكان‭ ‬خبر‭ ‬التحطم‭ ‬نوعاً‭ ‬من‭ ‬أنواع‭ ‬الاخبار‭ ‬الشبيهة‭ ‬بالصحون‭ ‬الطائرة‭ ‬والاجسام‭ ‬الغريبة‭ ‬التي‭ ‬تظهر‭ ‬وتختفي‭ ‬في‭ ‬بلدان‭ ‬عدة،‭ ‬وتدور‭ ‬حولها‭ ‬الحكايات‭ ‬والتأويلات‭ ‬وتبني‭ ‬بشأنها‭ ‬أجهزة‭ ‬الاستخبارات‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬سيناريوهات‭ ‬واحتمالات،‭ ‬ثمّ‭ ‬تمرّ‭ ‬فترة‭ ‬من‭ ‬الزمن‭ ‬تُطوى‭ ‬فيها‭ ‬مثل‭ ‬تلك‭ ‬الاخبار‭.‬

الطائرتان‭ ‬اخترقتا‭ ‬حدود‭ ‬العراق،‭ ‬كامل‭ ‬السيادة‭ ‬اليوم،‭ ‬ولا‭ ‬طائرة‭ ‬تدخل‭ ‬أجواءه‭ ‬إلا‭ ‬بموافقته‭ ‬الرسمية،‭ ‬أما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬لا‭ ‬يعلم‭ ‬بالاختراق‭ ‬أصلاً،‭ ‬فتلك‭ ‬قضية‭ ‬أخرى‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬الاحتمال‭ ‬الأسلم‭ ‬الذي‭ ‬سيخلّصه‭ ‬من‭ ‬الحرج‭ ‬مع‭ ‬تركيا‭ ‬كي‭ ‬لا‭ ‬يبدو‭ ‬داعماً‭ ‬ومُسهّلاً‭ ‬الاتصالات‭ ‬مع‭ ‬مجموعة‭ ‬مُسلّحة‭ ‬يعدها‭ ‬الجار‭ ‬التركي‭ ‬محظورةً‭ ‬ومُصنّفة‭ ‬على‭ ‬قائمة‭ ‬الإرهاب‭ ‬لديه‭.‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬يقع،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أنّ‭ ‬التصريحات‭ ‬الرسمية‭ ‬في‭ ‬بغداد‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬تتصدر‭ ‬كل‭ ‬مباحثات‭ ‬مع‭ ‬أي‭ ‬مسؤول‭ ‬دولي‭ ‬زائر‭ ‬في‭ ‬عدم‭ ‬السماح‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬أرض‭ ‬العراق‭ ‬مسرحاً‭ ‬لتحرّكات‭ ‬دول‭ ‬أو‭ ‬جهات‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬أيّ‭ ‬عمل‭ ‬عدائي‭ ‬ضد‭ ‬اية‭ ‬دولة‭ ‬أخرى‭.‬‭ ‬نعلم‭ ‬أنَّ‭ ‬هناك‭ ‬دولاً‭ ‬كبيرة‭ ‬منها‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وإيران‭ ‬وتركيا‭ ‬تعطي‭ ‬الأذن‭ ‬التي‭ ‬بها‭ ‬صمم‭ ‬لهذا‭ ‬الكلام،‭ ‬ونعذر‭ ‬الحكومة‭ ‬العراقية‭ ‬في‭ ‬تركها‭ ‬هامشاً‭ ‬احتياطياً‭ ‬مع‭ ‬تلك‭ ‬الدول،‭ ‬للمناورة‭ ‬بشأن‭ ‬هذه‭ ‬التصريحات‭ ‬السيادية‭ ‬لاسيما‭ ‬في‭ ‬أوقات‭ ‬الاحتكاك‭ ‬العصيبة،‭ ‬لكن‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬العُذر‭ ‬المُقنع‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬تقوم‭ ‬مليشيات‭ ‬أو‭ ‬مجموعات‭ ‬مُسلّحة‭ ‬في‭ ‬استخدام‭ ‬أجواء‭ ‬العراق‭ ‬أو‭ ‬أراضيه،‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬أعمال‭ ‬مُسلّحة‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬مُسلّحة‭ ‬لكنّها‭ ‬تصب‭ ‬في‭ ‬خانة‭ ‬استخدام‭ ‬المجال‭ ‬العراقي‭ ‬لأغراض‭ ‬تُقلق‭ ‬أمنَ‭ ‬دول‭ ‬مجاورة‭ ‬أخرى؟‭ ‬‭ ‬المسألة‭ ‬تحتاج‭ ‬الى‭ ‬إيضاحات‭ ‬أوسع‭ ‬وأدق،‭ ‬لكي‭ ‬يبين‭ ‬الخيطُ‭ ‬الأبيض‭ ‬من‭ ‬الخيط‭ ‬الأسود‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المعمعة‭ ‬الطويلة‭ ‬العريضة‭ ‬التي‭ ‬وقعت‭ ‬في‭ ‬وسطها‭ ‬الملتهب‭ ‬‮«‬‭ ‬السيادة‭ ‬العراقية‮»‬‭.‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى