مقالات

الفساد أخو الإرهاب

هشام الهاشمي

الاولى نيوز / بغداد

منذ أيام والكتابات والتقارير والتحليلات السياسية تهتم بتصريحات الدكتور العبادي التي أعلن من خلالها الحرب على الفساد، وكنت أتوقع أن يكون أثرها على حزب الدعوة والتحالف الوطني الحاكم مثل زلزال سياسي وشرعي، سواء على البرلمانيين أو الحكوميين منهم، النزيهين أو الفاسدين.

ويستحيل في أي حزب أو تنظيم سياسي في العالم أن يمر عليه نقد قائدهم لهم بسبب فساد غالبيتهم دون انهيار لبقية القيادات من أعلى مستوى، ويجعل الأتباع تضرب كفاً بكف، فمن يحاسب مَن؟ ومَن يراجع مَن؟ ومَن يحقق مع مَن؟ ومَن يحكم على مَن؟ إذا كان القائد هو من يعلن فساد قيادات حزبه، وبعض نواب الحزب الحاكم متورطون في الفساد ونهب المال العام بتقارير موثقة، وبالأرقام من أعلى جهاز رقابي رسمي في الدولة (النزاهة، الرقابة المالية والإدارية، المفتش العام).

الفساد أخو الإرهاب

الدولة العميقة والرشوة والتطاول على المال العام وقتل الأبرياء، كل هذه ليست شيئاً مستقلاً بذاته، القضية مرتبطة بالنزاهة تشريعاً وقانوناً، الضعف في أحدها، له تأثيره المباشر على استقرار الدولة ومؤسساتها.

‏مشروع الحكومة لمكافحة الفساد لا يزال نظرياً بحتاً، ما لم يرفع الحماية عن أغطية الفساد المسيطرة على مفاصل اقتصاد وأمن وعسكر العراق، ولا يتشكل وفق المعطيات على الأرض، وإلا فإن هذا المشروع سوف يكون مجرد دعاية انتخابية سرعان ما تفقد بريقها ونشاطها وتعود إلى الضمور.

‏الخروج على الأعراف السياسية العراقية في المحاصصة القومية والطائفية غير منسجم مع هيمنة التحالفات الشيعية – الكردية – السنية، أما فساد الكبار فالشأن فيه مختلف؛ لأن الفاسد لديه حصانة القضاء والبرلمان ومخابرات دول الجوار.

كل مجهود حكومي يسهم في اجتثاث جذور ورؤوس الفساد، واقتلاع أحزابه، يجب دعمه دعماً كاملاً، هناك مرجفون يبثون أخباراً مضادة بأن الدولة العميقة سوف تقلب المائدة على العبادي وفريقه متى ما بدأ الحرب على الفساد، وهذه مرتزقة إلكترونية تعمل لصالح أطراف ضالعة ومتورطة بالفساد.

الأمر الذي يجب الإشارة إليه، تلك القفزات والتحولات السياسيّة، التي حققها كل من العبادي والصدر والحكيم، والجبوري والكربولي والخنجر، ونيجرفان وقوباد ونشيروان وظهور قيادات صاعدة آراس والفتلاوي واللويزي والمساري وبافل وسروة، وبروز فلسفة منافسة المالكي وعلاوي والمطلك وبارزاني.

إيران في البعد الانتخابي العراقي ضرورة استراتيجية تمنح البيت الشيعي مكاسب جيوسياسية، وتحمي الفاسدين من قادة تلك الأحزاب، الأمر الذي ترتب عليه الفصل بين الأحزاب الشيعية الموالية لإيران والأحزاب المعارضة حتى الآن.

مما لا شك فيه أن إيران بمواصفات ما بعد2003 تمثل حجر زاوية في سياسة العراق، وأميركا لا تزال تتعامل معها وفق الاحتواء لعدم وجود البديل الإقليمي.

‏دورة سقوط الفاسد حتمية؛ لأن العمل المؤسساتي محكوم بقانون ينضبط به النظام، ومَن يرى حال الفاسدين في العراق أمام محاكم النزاهة يدرك تلك الحكمة.

كل وقت يقتضي حروباً معينة، وفي هذا الوقت تسابق حملة مكافحة الفساد رصاص القوات الأمنية، ومن السياسة الناضجة، التركيز على استدامة الحملة، خاصة فيما يخص الرؤوس منها.

الأحزاب الكبيرة ذات البعد المخابراتي والديني لا يردع طموحها ورغبتها في التوسع بالفساد إلا باجتماع الأحزاب المتوسطة والصغيرة ووحدة الصف وتعزيز استقلالية القضاء لتحصين القانون وحماية رجاله .

نقلا من موقع HuffPost News

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى