مقالات

جرائم بلا شرف

جرائم بلا شرف – بشرى العزاوي

إن من الجرائم الخطيرة التي انتشرت، وبشكل مخيف، في الآونة الأخيرة والتي أثرت على كرامة وشرف المواطن هي الجرائم الالكترونية التي تعدت على حقوق الفرد ومست سمعته وحريته وشرفه وكرامته والتي لا يحق لأي كان المساس بتلك الحقوق.لكن تخلف البعض وأخلاقياتهم السيئة الانتقامية ولمصالح معينة باتوا يتعدون على غيرهم ويستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي من اجل تحقيق غايات دنيئة في نفوسهم، وهذا لا يتقبله الدين ولا الفرد ولا يسمح به القانون، فبالرغم من ان الدستور العراقي النافذ لعام 2005 كفل حرية الرأي والتعبير، حيث نصت المادة (38) على :(تكفل الدولة بما لا يخل بالنظام العام والآداب حرية التعبير بكل الوسائل وحرية الصحافة والطباعة والإعلان والإعلام والنشر، هذا فضلا عن إباحة النقد والطعن بأعمال الموظف والمكلف بخدمة عامة وفقا للقانون).إلا انه لا يحق للفرد ان يسيء لسمعة وكرامة الاخرين ويشهر بهم، فالتشهير والقذف من الجرائم التي تمس حرية الانسان، وعرّفتها نصوص قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل، واستناداً الى المواد (433) و(430) من قانون العقوبات يمكننا ان نعرف التشهير او القذف بأنه:(إسناد واقعة معينة الى الغير بإحدى طرق العلانية من شأنها لو صحت استوجبت عقاب من اسندت إليه او احتقاره في اهله وطنه).وإن المشرع العراقي قد نظم احكام جريمة التشهير او القذف واورد لها نصوصا تحكمها استناداً الى المواد (433) و (430) من قانون العقوبات العراقي رقم (111) لسنة 1969 المعدل، يضاف الى ذلك ان المشرع العراقي اعتبرها من جرائم الجنح، وجعل لها عقوبة الحبس او الغرامة، إلا ان المشرع لم يحدد لهذه الجريمة عقوبة الحبس المقيد بمدة محددة، وإنما جعل لها عقوبة الحبس المطلق، والمقصود بالحبس المطلق الحبس (24) ساعة الى (5) سنوات او غرامة لا تقل عن (201) مائتين وألف دينار، وألا تزيد عن (1000.000) مليون دينار.وفي حالة حصول الجريمة بإحدى طرق العلانية عدت ظرفا مشددا. أما إذا حصلت دون علانية عدّ ذلك ظرفا مخففا استناداً الى المادة (435) من قانون العقوبات العراقي.إذاً بالرغم من وجود رادع لكل النفوس الضعيفة الدنيئة التي لا تخاف الله ولا تحمل من الاخلاق شيئا إلا ان العقوبة بنظرنا خفيفة لا تتناسب وحجم الأذية والجريمة التي ترتكب، فإن المادة (344) من قانون العقوبات العراقي يجب ان تعدل لغرض تشديد العقوبة على كل من يشهر عبر المواقع الالكترونية ويقذف بالآخرين ويشـــــوه سمعتهم ويـــساومهم ويبتزهم ويسيء إليهم، فالديمقراطية لا تعني التشهير بل احترام الذات والآخرين، وان يتحلى الفرد بأخلاق نبيلة يشار إليها بالبنان، وليس العكس، فأي تصرف سيء يعود على صاحبه بالسلب.لذلك علينا جميعا التكاتف من أجل وضع حد لهذه المشكلة، وعلى المشرع العراقي ان يساهم في ذلك، بالإضافة الى دور الإعلام في نشر الثقافة الصحيحة ونبذ الجرائم الالكترونية، وعلى منظمات المجتمع المدني أيضا المساهمة في ذلك من خلال عقد ندوات ودورات تثقيفية وإقامة حملات واسعة لتحقيق الامن النفسي والمحافظة على كرامة وحرية الانسان، بالإضافة الى دور المؤسسات التربوية في غرس الأخلاق الصحيحة في نفوس أجيال المستقبل ليكونوا بذرة صالحة تنبذ كل ما هو سيء، وتعود على المجتمع بالسلوكيات الصحيحة التي تنفع الآخرين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى