مقالات

حلوى رخيصة بدل الشيء الثمين

د. فاتح عبدالسلام

هناك سياسي، ظهر بقوة في العملية السياسية بالعراق في أوج اندفاعاتها، وتوارى اليوم، منقطع عن مقابلات وتصريحات تتوافر على توصيف واقعي بليغ لم يسبقه اليه أحد في الاختصار والجرأة والتوقيت .

لا حاجة لي لذكر اسمه فالعراقيون شاهدوا مقابلته التلفزيونية التي قال فيها انَّ الأمريكا والاسرائيليين أخذوا الدولة وأعطونا السلطة نفعل بها ما نشاء من انتقامات وقتل تنفسياً عمّا في داخلنا من معاناة قديمة.

وزاد بالقول: انّنا كحال ذلك الطفل الذي يحمل بيده شيئاً ثميناً ( هي الدولة) فيأتون اليه ويعطونه قطعة حلوى فيفرح بها (هي السلطة) ويأخذون منه ذلك الشيء الثمين، وهذا ما حصل مع الوضع في العراق. وختم بالقول أنّ يوم الحساب آت ولن ينجو منه أحد بمن فيهم هو المتحدث نفسه.

ياترى هل تشعر القوى السياسية بفداحة ماحصل للبلد، وهل توقّف احد منهم في مؤتمره الحزبي الداخلي ليعترف بأخطاء مسارات كثيرة عمّقت الجراح من اجل الانتقال الى بداية صحيحة في طريق جديد؟

هل من المسموح أن تقع هكذا نقاشات واعترافات داخل الاحزاب؟حتى هذا اليوم، وبعد ثماني عشرة سنة تعيسة، لم تحدث مراجعة حقيقية لبناء العراق من خلال الافصاح عن نضج في ادبيات وسلوكيات القوى التي تصدرت المشهد الحاكم والقائم اليوم على خرابة كبيرة، لا ينفع معها اصلاح جزء منخور أو ترقيع جزء مشقوق.

هل سيكتبون تاريخ أحزابهم وقواهم في السنين المقبلة بطريقة الانقلابيين العسكريين الذي يحملون الآخر المسؤولية في كل انهيار وتصدع سابق؟

هل تحتمل الحياة الحزبية الداخلية، المفروض انها تتوافر على نسبة عالية من الصراحة، كُلّ هذي الاكاذيب والبالونات المنتفخة بالدجل والتزوير والرياء والازدواجية والتسويف؟صورة الحياة السياسية في العراق قاتمة للاحزاب قبل السلطة الرسمية، لأنَّ الجميع انغمس سريعاً بقطعة الحلوى ومنحوا الدولة للمجهول ولا اقول كما قال ذلك السياسي، منحوها لأمريكا واسرائيل، بدلاً من العمل على استعادتها من دون مزايدات وشعارات بات الجميع يعرف لماذا ترفع هنا وتصدح هناك مع المواسم الاقليمية والدولية.. ولأجل عيون مَن؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى