مقالات

في سيرة الشاعر الراحل صلاح عبد الحميد أبو صالح

كتب : شاكر فريد حسن

غيب الموت الصديق الشاعر السخنيني صلاح عبد الحميد أبو صالح، إثر مرض عضال لم يمهله طويلًا، تاركًا وراءه سيرة إنسانية طيبة، وإرثًا شعريًا سيخلد اسمه.

صلاح عبد الحميد من مواليد العام 1960 أنهى دراسته الابتدائية في بلده سخنين، التحق بجامعة حيفا، وحصل على اللقب الأول في اللغة العربية، ثم عمل مدرسًا ونائبًا لمدير إحدى المدارس في بلده سخنين.

عشق الكلمة منذ نعومة اظفاره، كتب الشعر ونشر قصائده في العديد من المنتديات المحلية والعربية، واشترك في العديد من الأمسيات الشعرية في البلاد. وشارك في ديوان العرب ” مئة قصيدة لمئة شاعر “الصادرة عن دار الملتقى الثقافي العربي – اسطنبول.

صدر ديوانه الشعري الأول ” عيون الزهر ” في ايار العام 2017، وديوانه الثاني ” حقول العمر ” العام 2019.

امتاز صلاح عبد الحميد بنظرته الإنسانية الثاقبة، وعبّر بريشته وقلمه عن الحب الذي سكن أعماق قلبه، وكتب أجمل القصائد والأشعار الوجدانية والعاطفية في الحب والغزل والوطن والحنين، وفي أغراض شعرية أخرى. وفي كل كتاباته يفيض بالإحساس الصادق المرهف، والوطنية الملتزمة، مازجًا بين اللغة الوصفية والشعرية. واتصفت قصائده بالرقة والسلاسة والانسيابية والصدق الجمالي الفني والتعبيري.

من نصوصه اخترت هذه القصيدة بعنوان ” عناق حلم ” من ديوانه “عيون زهر “.. حيث يقول :

ويظلُّ وجهُكِ مُشرِقُا في مُقْلَتي

كالصبحِ يُهدي باقةً من نورِه

ليكونَ يومي مثلما أحبَبْتُهُ

في كل ثانيةٍ بهِ تتبخترينَ

وتمرحينَ بأضلُعي

***
تعالَي نغنَي أغاني الحياة

نعانِقُ حُلمًا بأنّا معًا

بعيدًا بعيدًا نُسافِرُ حتى

يكونَ الطريقُ بلا مُنْتهاه

تعالَي نُغَنّي كأسرابِ طيرٍ

إذا حلَّ آذارُ يُهدي ورودًا

يُراقصُ معَها اندِفاقَ المياه

***
تعالِي فكم قلتُ إنّي أحبُّ

وإنّي أموتُ وأحيا وأحيا

ففيكِ الضياعُ وفيكِ الهدايَةُ

فيكِ النهايةُ فيكِ البدايةُ

فيكِ احتراقي كأنّكِ جمرٌ

تثورُ وتزدادُ فِيَّ لظاه

***
تعاليَ وطفَي بحضنِكِ شوقي

أضيء بلُؤلُؤِ عينيكِ عمري

فعمري أعَدْتِ إليهِ صِباه

دعينا نغنّي إذا ما أتيتِ

دعينا نغنّي أغاني الحياة

***
ويظلُّ ثغرُكِ مَوْرِدي

وأظل عطشانًا .. أنا لا أرتوي

يا موسمَ الأفراحِ يُزهِرُ

إنّما

في شّوْقيَ المجنونِ لّمَا يبتَدِ

أما القصيدة المؤثرة فهي التي كتبها على سرير المرض وهو في أيامه الأخيرة، ونشرها على صفحته الشخصية في الفيسبوك، ويقول فيها :

شهرَيْن أسبَحُ ضدّ تيّارِ السَّقَم

شهرينِ يمرحُ في الكبِد

ألَمٌ كَنارٍ من جَحيمٍ ليْسَ يُطفيهِ الأطِبَّةُ

والأحِبّةُ .. لا أحد

لا نائِمًا .. لا صاحِيًا

أنا بَيْنَ بَيْن

أغفو فيوقِظُني حُلُم

أصحو فيُسكِرُني الألَم

أنا بَيْنَ بَيْن

وَشَهِيّتي فَقَدَتْ شَهِيَّتَها

للطَّعمِ ، للألوانِ ، للأشْكالِ

للفَرَحِ المُخبّأ في رِواياتِ الطّفولة ..

للحُبِّ .. للمَطَرِ الّذي يَهوي .. يُقبّلُ وَجْنَةَ الأرضِ الجَميلةِ

للقَناديلِ المُضاءَة …

قدَمايَ مُتعَبَتانِ رَغْمَ تَوَسُّلي

أنْ تَحمِلاني بِضعَ خُطْواتٍ .. ولكنْ لا مُجيب

وتوسُّلي قد عادَ لي ..

من يَسْمَعُك

غيرُ الصّدى المُرتَدِّ حتّى يَسْتَجيب ؟!

وأنا .. كأنّي ها هنا .. حطّتْ رِحالي في مَحَطَّتِيَ الأخيرة

قَلَمي معي

قَدَري معي

ألَمي معي

لأخُطَّ آخِرَ أسْطُري

وأنامَ في وَجَعِ القصيدَة

سافر صلاح عبد الحميد إلى عالمه الآخر، تاركًا أوراقه وأشعاره، ومخلفًا فراغًا في المشهد الشعري النظيف، فقد كان من الشعراء الصادقين المتواضعين، صاحب يراع نقي وجميل، فله الرحمة والسكينة.

وداعًا صديقي صلاح ، وستبقى مخلدًا في ذاكرة كل من عرفك، وأحبَّ أشعاركَ وطيبتكَ ونبلُكَ وتواضعكَ ورهافة احساسكَ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى