مقالات

كيف تراقبون الأسعار لمواد غير مسعّرة أصلاً؟

زيد الحلّي

منذ ايام احاول لجم ضحكتي عند سماعي الاخبار التي تشير الى وجود حملات في الأسواق التجارية لمراقبة أسعار السلع والمواد الغذائية التي شهدت ارتفاعا كبيرا في الآونة الأخيرة… فمع قناعتي بالنيات الطيبة التي دعت الى القيام بهذه الحملات ، لكني اسأل ببراءة عن الأسس التي تقوم عليها هذه المراقبة ، لاسيما ان الاسعار اصلاً غير معلومة عند المواطن ، وليس لها ثبات من جهة معينة ، فالتاجر هو الذي يحددها وفق قناعته الذاتية دون حسيب من احد ، فعلى اي اسس تتم هذه المراقبة ، فهل سبق للحكومة ان اعلنت ان سعر كيس الطحين بـ30 الف دينار ، ثم قام الجشعون برفعه الى خمسين الفاً ؟ ( هذا مثال بسيط ) شخصياً ، كيف اتصرف كمواطن أمام الزيادة على اسعار اللحوم ومشتقات الالبان والحبوب والخضروات .. الخ ، ولمن اوجه اللوم اذا لم تكن عندي تسعيرة رسمية بالمواد المعروضة في السوق ؟ان الواقعية تتطلب محاكاة الواقع بالمنطق ، وليس بالهبة .. وهذه الواقعية تفرض على الحكومة كما أرى ، اتخاذ اجراءات فورية بتسعير المواد الغذائية والخضروات ، مثلما كنا نشاهدها يوميا عبر التلفاز ، وسماعها عبر الاثير وفي الصحف خلال فترة الحصار في تسعينيات القرن المنصرم ، تلك التسعيرة كانت تنصف الباعة ، مثلما تنصف المتسوق ، ففي اعادة تلك التسعيرة الى العلن نقضي على حالة الشد والجذب التي تحدث حاليا بين المواطنين ، باعة ومتسوقين ..ان اللقاءات المباشرة مع المواطنين التي تقدمها الفضائيات ، تبين لنا حجم معاناتهم في الحصول على قوتهم اليومي بسبب الغلاء ، وفقدان المعالجات الاقتصادية الرصينة , وهذه اللقاءات التي اشاهدها تزيدني ألما ، حيث تفاقمت متاعب الطبقة الفقيرة ، واشعر كذلك ان الطبقة الوسطى من المجتمع باتت تعيش حسرة تأمين الغذاء لعائلاتها .. والحالة التي نعيشها حاليا ، اجدها متطابقة مع ألية اقتصاد السوق سيئة الصيت ، فأول تأثيرات اقتصاد السوق هي ابعاد يد الدولة عن مراعاة ظروف المجتمع ، وهذا يتنافى مع ما يطمح اليه الشعب من رعاية مأمولة من الدولة ، تتمثل بدعم سلة البطاقة التموينية بمواد جديدة ، وبانسيابية التوزيع ..وفق شعور مملوء بالمسؤولية الأخلاقية والإنسانية ، والسعي الى تطوير منظومة الخدمات الاجتماعية لتكون أكثر كفاءة وعدالة ، ودعم البرامج الخاصة بسوق العمل وحماية الأجور، واعانة الباحثين عن العمل من العاطلين ، لاسيما الشباب ..الانتباه لحالة الشعب ، اولى من المناكفات ، والتصريحات السياسية … اليس كذلك اصحاب الفخامة والمعالي ؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى