مشجع كفيف يُبصر في مدرجات “خليجي 25”
تشهد مدرجات الملاعب تواجدا معتادا للجماهير التي تريد مشاهدة فرقها عن قرب والاستمتاع بما تراه من أداء داخل المستطيل الأخضر.
لكن الأمر يبدو مختلفا بعض الشيء بالنسبة للمشجع العراقي عصمت البصراوي، الذي يعد حالة استثنائية من ذلك الحضور، حيث جاء بقانون جديد أثبت من خلاله أن القلوب ترى أيضا، حتى إن غاب البصر عن العيون.
الشاب العراقي لم يمنعه انطفاء الضوء عن عينيه من مشاطرة جماهير بلاده فرحتهم باستضافة بطولة كأس الخليج العربي بنسختها الـ25، ومؤازرة منتخب أسود الرافدين الذي يخوض التباري والتنافس في البصرة، موطن عصمت صاحب الـ39 عاما.
يلاحق الشاب الكفيف لاعبي المنتخب العراقي، ويتفحص مواضع الفرح والخطر على شباكهم من خلال هتافات الجماهير وإيقاع أصواتهم، بما يعوضه عن بصره المفقود منذ لحظات ولادته.
رافق عصمت أستاذ مختص في التربية الرياضية، زميل له، في مدرجات المدينة الرياضية خلال المباريات الثلاث التي خاضها المنتخب العراقي في “خليجي 25″، حيث كان يسرد له تفاصيل بعض ما يدور في الملعب من مجريات.
ورغم ذلك، يقول عصمت إنه يستشعر أحداث المبارة من خلال الحاضرين، ليعرف مسار الكرة وتشابك الصراع داخل المستطيل الأخضر.
وعن إصراره على الحضور إلى مشاهدة مباريات المنتخب الوطني، وإن كان مهووساً بمدرجات الملاعب من قبل، يوضح عصمت: “لم يسبق لي أن حضرت في مباراة قبل بطولة خليجي 25، لكن لعظيم الحدث باستضافة العراق لذلك الكرنفال الذي انتظره العراقيون بفارغ الصبر كان الإصرار سيد المشهد بالتواجد بين صفوف الجماهير”.
ولا يقتصر الأمر على الحضور لمشاهدة المباريات، فمنذ بدء البطولة يتجول عصمت ما بين أماكن عدة في المحافظة، من بينها الكورنيش وشط العرب ومركز المدينة حيث يوجد الوافدون من أبناء الخليج وهم يقضون أوقاتا باستكشاف الأماكن عند البصرة الفيحاء، كم يطلق عليها في العراق.
ويقول عصمت إن “البصرة بمعظمها تعيش بطولة خليجي 25، حيث الجماهير الخليجية وتدفقها نحو معالم المدينة وحرارة الاستقبال من قبل أبناء المحافظة وكرم الاستقبال وتبادل التحايا، وهو ما يجعلني أقضى ساعات طويلة عند تلك الأماكن، بما يعزز الشعور لديّ بأن الحياة بدت تتحرك في مدينتي بزوراق شط العرب”.
ويواصل الحديث قائلاً: “كما لم يمنعني فقدان بصري من إكمال دراستي وتحدي الظروف حتى الحصول على الشهادة الجامعية، وكذلك الأمر في الوقوف مع المنتخب الوطني ومشاطرة مدينتي عرس استضافة البطولة عبر المدرجات الجماهيرية”.
وتستضيف المدينة الرياضية في محافظة البصرة، أقصى جنوب العراق، بطولة خليجي 25 التي تقام بين 6 و19 يناير/ كانون الثاني الحالي.
وتأتي تلك الاستضافة بعد نحو 43 عاماً من آخر بطولة احتضنها العراق في العاصمة بغداد، وتوج فيها بطلاً لكأس الخليج بنسختها الخامسة.
