مقالات

هدر الثروة ورئيس الوزراء المقبل

د. رابعة العبيدي

أهوال مريعة أحدقت بشعب العراق، على مر تاريخه؛ حتى إستسلم! مستعدا للرضى بالحد الأدنى من حقوقه، ولم يعد يشترط في رئيس الوزراء المقبل، ألا الذي يسعى لإيقاف الهدر في ثروات البلاد، ضامنا أيمانه بالله وولاءه للوطن وإخلاصه للشعب ومواظبته على العمل بنزاهة، و… الحفاظ على ما تبقى مما غفله الفاسدون.

“نزف البكاء دموع عينك فإستعر.. عينا لغيرك دمعها مدرار.. من ذا يعيرك عينه تبكي بها.. أرأيت عينا للبكاء تعار”.

تزامن مارثون إختيار رئيس الوزراء، مع إنتشار جائحة فايروس كورونا، الذي كشف مراءآة رجال الدين وإستعراض السياسيين، إذ لم يُقْدِمُ معظمهم على التبرع ولو بثمن وجبة أكل لمتعففين.. مياومي الدخل.. طفق الجوع فيهم خلال حظر التجول، فإضطروا لمناشدة أهل الرحم، ولم يظهر “رحوما” من بين المسؤولين، ينقذ حياة الفقير الذي إنتحر في البصرة بعد ان عجز عن إطعام عائلته، أثناء الحظر.

بكل لا إنسانية، يستغل رجال دين وشيوخ عشائر ومسؤولون ورؤساء نقابات مهنية ومنظمات مدنية وجمعيات خيرية، حاجة الناس، بنشر فيديوهات يدعون فيها جهات دولية للتبرع كي يغطوا حاجة الذين فقدوا مصادر رزقهم جراء حظر التجوال في العراق، ولا يكتفون بعدم مساعدة المحتاجين، إنما يعدونهم: “إنتظروا في الساعة كذا نجيء” ولا يذهبون، بينما لهفة المحتاج تبلغ السماء السابعة، من دون جدوى…

“المو كدها ليش يوعد!؟”

والسؤال: لماذا في العراق فقراء وأمواله تديم رفاه عشر دول أخرى.. بنفس تعداد شعبه 35 مليون × 10؟ ولماذا يصر قدر العراق الا ان يصادق على نبوأة السياب “ما مر عام والعراق ليس فيه جوع”.

حددت وزارة التخطيط أن 40 % في العراق يعيشون على الاساس الاقتصادي البدائي.. قبل التدجين “من اليد الى الفم” يتدبرون قوت عوائلهم.. كل يوم بيومه.. و20 % من هؤلاء الـ 40 يعيشون تحت خط الفقر، يعني لا يجدون ما يأكلون.

هذا من جهة، ومن جهة أخرى، تعاني الموازنة عجزا فادحا حد الفضيحة، من دون أن يتوقف هدر ثروات البلد.

وهما شأنان يمكن معالجتهما، بترك التداول الاقتصادي يمر بدورته التقليدية، من دون أن يصب ريع النفط في أرصدة أفرد وفئات.

وبما أن مجموع رواتب النواب يبلغ ١٣ مليارا! فإن نصف رواتبهم تكفي لسد عجز الموازنة ويفيض ما يغني الفقراء.. لكن

هل ترتوي شهوة المال لدى أناس يعبون أموالا خرافية منذ 17 عاما وما زالوا شرهين.

وإقتطاع نصف رواتب الرئاسات الثلاث.. الجمهورية والوزراء والنواب ومجلس القضاء والدرجات الخاصة والوكلاء والمدراء العامين، ممكن ان تفيض الموازنة مهما هبطت أسعار النفط.. تحت الصفر.

كل تلك الاعباء بإنتظار رئيس وزراء، يتخذ إجراءات عملية لإحتوائها، من دون إلحاق ضرر بالمواطن ذي الدخل المحدود، حتى ولو إنطوت على خطوة جريئة بعقلنة رواتب المسؤولين والنواب والدرجات الخاصة، ويوقف الإستيلاء على ثروة البلاد.

تنظيم الاقتصاد العراقي، يعني عقلنة رواتب المسؤولين، وترك عائدات النفط تأخذ مجراها الرسمي، وليس صبها في أرصدة شخصية.

إلتفتوا الى شعبكم تفلحون؛ لأن الفيلسوف الشهيد محمد باقر الصدر، يقول: “الشعوب أقوى من الطغاة” فإحتضنوا شعبا لن يطالبكم بأكثر من لقمة عيش كريمة.. بل هو مستعد للإستشهاد بين يديكم؛ إذا تأكد من صدق نواياكم الوطنية تجاهه.

“نزف البكاء دموع عينك فإستعر.. عينا لغيرك دمعها مدرار.. من ذا يعيرك عينه تبكي بها.. أرأيت عينا للبكاء تعار”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى