مقالات

هيئة زيادة الدخل

د. فاتح عبدالسلام

هناك‭ ‬هيئات‭ ‬كثيرة،‭ ‬واسعة‭ ‬الصلاحيات،‭ ‬وكبيرة‭ ‬الموازنات‭ ‬لكنها‭ ‬قليلة‭ ‬المفعول‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬معدومته،‭ ‬مرتبطة‭ ‬برئاسة‭ ‬الوزراء،‭ ‬لا‭ ‬أريد‭ ‬هنا‭ ‬أن‭ ‬أسميها‭ ‬لكي‭ ‬لا‭ ‬تبدو‭ ‬انها‭ ‬المقصودة‭ ‬بعينها،‭ ‬لكنها‭ ‬معروفة‭ ‬للمعنيين‭ ‬بمستقبل‭ ‬العراق،‭ ‬الرجاء‭ ‬عدم‭ ‬الضحك‭ ‬أعرف‭ ‬انه‭ ‬تعبير‭ ‬غريب‭ ‬ومقحم‭ ‬لا‭ ‬محل‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬الاعراب‭ ‬الا‭ ‬من‭ ‬رحم‭ ‬ربي‭ ‬في‭ ‬بلادنا‭. ‬لكن‭ ‬أمضي‭ ‬وأقول‭ ‬اننا‭ ‬نفترض‭ ‬انَّ‭ ‬هناك‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭ ‬القريب‭ ‬مَن‭ ‬يضع‭ ‬العراق‭ ‬فوق‭ ‬مصالح‭ ‬الأحزاب‭ ‬والمليشيات‭ ‬والاعتبارات‭ ‬الشخصية‭ ‬والفئوية،‭ ‬فأجدُ‭ ‬انَّ‭ ‬تلك‭ ‬الهيئات‭ ‬ذات‭ ‬العناوين‭ ‬البرّاقة،‭ ‬استهلاكية‭ ‬في‭ ‬طبيعتها‭ ‬ليست‭ ‬هناك‭ ‬اية‭ ‬إنتاجية‭ ‬نافعة‭ ‬فيها،‭ ‬حتى‭ ‬ما‭ ‬يقع‭ ‬تحت‭ ‬طائلة‭ ‬المحاسبة‭ ‬النزاهة‭ ‬في‭ ‬صلاحيات‭ ‬بعضها‭ ‬لا‭ ‬يصل‭ ‬الى‭ ‬مرحلة‭ ‬استرجاع‭ ‬الأموال‭ ‬من‭ ‬اللصوص‭ ‬ويكتفي‭ ‬بإجراءات‭ ‬بائسة‭ ‬حضورية‭ ‬أو‭ ‬غيابية‭. ‬البلد‭ ‬المعتمد‭ ‬على‭ ‬النفط،‭ ‬لا‭ ‬يملك‭ ‬شيئاً‭ ‬سواه‭ ‬من‭ ‬الثروات‭ ‬،سوى‭ ‬العقول‭ ‬البشرية‭ ‬المغيبة‭ ‬حتى‭ ‬اللحظة،‭ ‬والتي‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬تعطي‭ ‬للبلد‭ ‬ما‭ ‬يوفر‭ ‬له‭ ‬ثروات‭ ‬من‭ ‬العملات‭ ‬الصعبة‭ ‬والاكتفاء‭ ‬الداخلي‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الحقول‭ ‬الإنتاجية‭. ‬لكن‭ ‬ذلك‭ ‬يحتاج‭ ‬الى‭ ‬قيام‭ ‬مؤسسة‭ ‬جديدة‭ ‬،‭ ‬شرط‭ ‬الغاء‭ ‬معظم‭ ‬المؤسسات‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬انشاؤها‭ ‬لإرضاء‭ ‬الأحزاب‭ ‬ومراكز‭ ‬القوى‭ ‬ودول‭ ‬الجوار،‭ ‬هذا‭ ‬المؤسسة‭ ‬تحمل‭ ‬عنوان‭ ‬زيادة‭ ‬الدخل‭ ‬الوطني،‭ ‬تلزم‭ ‬جميع‭ ‬الوزارات‭ ‬في‭ ‬التحول‭ ‬في‭ ‬خلال‭ ‬سقف‭ ‬زمني‭ ‬قصير‭ ‬من‭ ‬الحالة‭ ‬الاستهلاكية‭ ‬الى‭ ‬الإنتاجية‭ ‬،‭ ‬ثم‭ ‬الانتقال‭ ‬الى‭ ‬مرحلة‭ ‬تأهيل‭ ‬مسارات‭ ‬توفير‭ ‬العملة‭ ‬الصعبة‭ ‬وتقليص‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬الإيرادات‭ ‬النفطية‭ ‬عبر‭ ‬تخصيص‭ ‬أموال‭ ‬مستقطعة‭ ‬من‭ ‬الإيرادات‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬ملزم‭ ‬تصب‭ ‬في‭ ‬صندوق‭ ‬استثمارات‭ ‬حقيقي‭ ‬داخل‭ ‬البلد‭ ‬او‭ ‬خارجه،‭ ‬مراقب‭ ‬من‭ ‬الحكومة‭ ‬والبرلمان‭. ‬وبعد‭ ‬ذلك‭ ‬تخضع‭ ‬هذه‭ ‬الهيئة‭ ‬الجديدة‭ ‬للمساءلة‭ ‬امام‭ ‬لجان‭ ‬متخصصة‭ ‬من‭ ‬الخبراء‭ ‬يتم‭ ‬طلبها‭ ‬في‭ ‬البرلمان،‭ ‬وتظهر‭ ‬نتائج‭ ‬عمل‭ ‬الهيئة‭ ‬أمام‭ ‬الاعلام‭ ‬في‭ ‬برنامج‭ ‬نصف‭ ‬سنوي‭ ‬من‭ ‬مسار‭ ‬عملها،‭ ‬ويكون‭ ‬رئيس‭ ‬الهيئة‭ ‬المستقلة‭ ‬برتبة‭ ‬وزير‭ ‬ومن‭ ‬الكفاءات‭ ‬العالية،‭ ‬ليس‭ ‬بالدرجة‭ ‬العملية،‭ ‬ولكن‭ ‬بالقدرة‭ ‬على‭ ‬الابتكار‭ ‬وإنتاج‭ ‬الأفكار‭ ‬والحزم‭ ‬في‭ ‬المتابعة،‭ ‬فما‭ ‬اكثر‭ ‬ما‭ ‬سمعنا‭ ‬عن‭ ‬تشكيل‭ ‬حكومات‭ ‬تكنوقراط‭ ‬وكفاءات‭ ‬علمية‭ ‬في‭ ‬بلدنا‭ ‬لكن‭ ‬النتائج‭ ‬كانت‭ ‬سلبية‭ ‬للغاية‭. ‬ربّما‭ ‬نحتاج‭ ‬الى‭ ‬انتهاء‭ ‬هذا‭ ‬الجيل‭ ‬السياسي‭ ‬المليء‭ ‬بالعقد‭ ‬والاحقاد‭ ‬والنقائص‭ ‬والضغائن‭ ‬والمثالب‭ ‬والخطايا،‭ ‬ونتطلع‭ ‬الى‭ ‬بيئة‭ ‬سياسية‭ ‬بالمعنى‭ ‬الوطني،‭ ‬كما‭ ‬الحال‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬العالم،‭ ‬نظيفة‭ ‬وباحثة‭ ‬عن‭ ‬مصالح‭ ‬البلاد‭ ‬قبل‭ ‬مصالح‭ ‬الفئات‭ ‬والاعتبارات‭ ‬الشخصية‭. ‬هذا‭ ‬الجيل‭ ‬السيء‭ ‬انتهى‭ ‬افتراضيا‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬استمرار‭ ‬بعض‭ ‬وجوهه‭ ‬الكالحة‭ ‬المتقيحة،‭ ‬وبتنا‭ ‬نتطلع‭ ‬الى‭ ‬نافذة‭ ‬تلوح‭ ‬في‭ ‬الافق‭ ‬منفرجة‭ ‬عن‭ ‬أمل‭ ‬العراقيين‭. ‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى