مقالات

ولِمَ لا تقصفنا إيران؟

فاتح عبدالسلام

يبدو‭ ‬انّ‭ ‬كلّ‭ ‬ما‭ ‬قيل‭ ‬عن‭ ‬رفض‭ ‬العراق‭ ‬‬أن‬يكون‭ ‬ساحة‭ ‬مفتوحة‭ ‬لصراعات‭ ‬الاخرين،‭ ‬إنّما‭ ‬هو‭ ‬كلام‭ ‬داخلي‭ ‬ليس‭ ‬له‭ ‬إمكانية‭ ‬أن‭ ‬يُسمع‭ ‬أحداً‭ ‬خارج‭ ‬الجدران‭ ‬الأربعة‭ ‬التي‭ ‬قيل‭ ‬داخلها‭.‬‭ ‬أربع‭ ‬قوى‭ ‬في‭ ‬الأقل،‭ ‬حاليا،‭ ‬وقد‭ ‬تزداد‭ ‬في‭ ‬المستقبل،‭ ‬لن‭ ‬تغمض‭ ‬عيونها‭ ‬عما‭ ‬يجري‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬هي‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وإيران‭ ‬وتركيا‭ ‬وإسرائيل،‭ ‬مهما‭ ‬حاول‭ ‬العراق‭ ‬العيش‭ ‬على‭ ‬وفق‭ ‬مفهومه‭ ‬للنأي‭ ‬بالنفس‭ ‬عن‭ ‬أزمات‭ ‬وصراعات‭ ‬الدول‭ ‬الأخرى‭. ‬لكن‭ ‬في‭ ‬واقع‭ ‬الحال،‭ ‬رب ‬سائل‭ ‬يسأل‭: ‬هل‭ ‬ينأى‭ ‬العراق‭ ‬بنفسه‭ ‬عن‭ ‬الحروب‭ ‬الخارجية‭ ‬حقاً‭ ‬وهو‭ ‬يشهد‭ ‬ارسال‭ ‬مليشيات‭ ‬من‭ ‬أبنائه‭ ‬الى‭ ‬سوريا‭ ‬واليمن‭ ‬ولبنان‭ ‬او‭ ‬ربما‭ ‬أوكرانيا‭ ‬للقتال؟هناك‭ ‬انفصام‭ ‬بشخصية‭ ‬الحكم‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الجانب‭ ‬المتناقض،‭ ‬ولا‭ ‬أحد‭ ‬يجرؤ‭ ‬من‭ ‬قيادات‭ ‬البلد‭ ‬الدستوريين‭ ‬فتح‭ ‬فمه‭ ‬بكلمة‭ ‬واحدة‭ ‬إزاء‭ ‬ذلك‭ ‬الواقع‭ ‬المفروض،‭ ‬لذلك‭ ‬تسقط‭ ‬حجة‭ ‬ان‭ ‬العراق‭ ‬غير‭ ‬منخرط‭ ‬في‭ ‬أزمات‭ ‬المنطقة،‭ ‬لأنّ‭ ‬قوانينه‭ ‬تبيح‭ ‬تصدير‭ ‬مقاتلين‭ ‬من‭ ‬شعبه‭ ‬للقتال‭ ‬برواتب‭ ‬شهرية‭ ‬في‭ ‬الخارج‭.‬من‭ ‬هنا‭ ‬فإنّ‭ ‬القصف‭ ‬الإيراني‭ ‬على‭ ‬أربيل‭ ‬يأتي‭ ‬من‭ ‬نفس‭ ‬المنطلقات،‭ ‬وهي‭ ‬انّ‭ ‬ما‭ ‬تراه‭ ‬إيران‭ ‬مناسبا‭ ‬في‭ ‬تنفيذه‭ ‬داخل‭ ‬العراق‭ ‬تفعله‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬تردد،‭ ‬لأنها‭ ‬على‭ ‬يقين‭ ‬ان‭ ‬الطريق‭ ‬امامها‭ ‬معبد‭ ‬ومبلط‭ ‬كالمرايا،‭ ‬برغم‭ ‬عناوين‭ ‬الاحتجاج‭ ‬التقليدية‭ ‬المسموح‭ ‬بها‭ ‬رسميا،‭ ‬حتى‭ ‬الان‭.‬العراق‭ ‬هو‭ ‬احوج‭ ‬الدول‭ ‬الى‭ ‬منظومات‭ ‬الدفاع‭ ‬الجوي‭ ‬المتقدمة‭ ‬مثل‭ ‬باتريوت‭ ‬وثاد‭ ‬وسواها،‭ ‬لأنه‭ ‬البلد‭ ‬الأكثر‭ ‬ترشيحا‭ ‬في‭ ‬المدى‭ ‬القريب‭ ‬كي‭ ‬يكون‭ ‬ممراً‭ ‬للصواريخ‭ ‬العابرة‭ ‬فوقه‭ ‬وأن‭ ‬يكون‭ ‬أيضاً‭ ‬مستقرا‭ ‬لتلك‭ ‬الصواريخ،‭ ‬وكذلك‭ ‬الطائرات‭ ‬الهجومية‭ ‬والمسيّرات‭ ‬المسلحة‭. ‬ان‭ ‬البلد‭ ‬بحسب‭ ‬تلك‭ ‬المعطيات‭ ‬يستنطق‭ ‬السؤال‭ ‬بسؤال‭ ‬آخر،‭ ‬وهو‭ ‬لِمَ‭ ‬لا‭ ‬تقصفنا‭ ‬إيران‭ ‬ونحن‭ ‬منخرطون‭ ‬في‭ ‬توليفة‭ ‬الحروب‭ ‬والصراعات‭ ‬سواء‭ ‬بإرادتنا‭ ‬أم‭ ‬بدونها‭ ‬وسواء‭ ‬علمنا‭ ‬أم‭ ‬جهلنا؟‭ ‬هل‭ ‬يكفي‭ ‬لحمايتنا‭ ‬ان‭ ‬يكون‭ ‬البلد‭ ‬عضوا‭ ‬في‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬وله‭ ‬علم‭ ‬وسارية؟من‭ ‬يظن‭ ‬انه‭ ‬آمن‭ ‬وهو‭ ‬يرى‭ ‬أربيل‭ ‬تُقصف‭ ‬بالصواريخ‭ ‬الباليستية،‭ ‬كونه‭ ‬بعيداً‭ ‬عنها‭ ‬في‭ ‬بغداد‭ ‬أو‭ ‬النجف‭ ‬أو‭ ‬الانبار‭ ‬أو‭ ‬كربلاء‭ ‬أو‭ ‬الناصرية‭ ‬أو‭ ‬البصرة،‭ ‬فهو‭ ‬واهم،‭ ‬ولعلّه‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬وقت،‭ ‬سيكون‭ ‬الهدف‭ ‬التالي‭.‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى