مقالات

يعاني العراق في وسط دوامة أربعة احتلالات معقدة

بقلم مهدي قاسم

يعاني العراق منذ سنوات من أربعة احتلالات ، قسم منها احتلال مباشر مثل الاحتلال الأمريكي ثم الاحتلال التركي يليه الاحتلال المباشر من قبل عناصر حزب العمال الثوري الكوردي التركي العمال الكوردي الثوري أما القسم غير المباشر من سلسلة هذا الاحتلال وهو الاحتلال الإيراني ، من خلال ميليشياتها المسلحة ، وهو أخطر الاحتلالات على الإطلاق في الوقت الراهن ..نقول أنه أخطر الاحتلالات من حيث كونه مشكّل و مكوّن من عدد ليس قليل من ميليشيات ذات تبعية إيرانية أو موالية لها و بالغة بعشرات من مجاميع مسلحة ابتداء من ربع وحبايب وحزب الله انتهاء بعصائب أهل الحق وفيلق بدر والخ .. الخ ، وهذا يوضح ضخامة حجم الهيمنة الإيرانية ونفوذها الواسع و الكبير على صناعة القرار السياسي في العراق ، و خاصة على صعيد حسم الأمور لصالح النظام الإيراني في أي وقت يشاء هذا النظام ، وذلك لعدم وجود قوة مسلحة كبيرة و ضاربة موازية حاليا في العراق تفوقها قوة وعددا ميليشياتها الآنفة الذكر ، إضافة إلى صعوبة وتعقيد مقاومة النفوذ الإيراني في العراق لكون أدواته المسلحة وتنظيماته و أحزابه المتنفذة في أغلبها تعتبر نفسها ” عراقية ” الأصول و الفصول !!..و هكذا أصبح الاحتلال الإيراني غير مباشر للعراق احتلالا متجذرا إلى أجل غير مسمى ..أما الاحتلال التركي فهو قديم منذ عهد النظام السابق وضمن اتفاقية رسمية كانت موقّعة بين الطرفين ــ لمطاردة عناصر حزب العمال الثوري الكوردي التركي الانفصالي ، ولا زال الأمر يأخذ طابع كر وفر بين الطرفين دون أي حسم واضح أو قريب ، وهو الوضع الذي جعل القوات التركية تصول وتجول ارضا وجوا ضمن عمليات عدوانية داخل شريط حدودي طويل و عريض في العراق وإلى أبعد مسافات في المناطق الشمالية ، وهي العملية العدوانية المسلحة التي تتكرر بين فترة واخرى وحتى الآن ، وضمن هذه الرؤية فإن الاحتلال التركي هو الآخر يعتبر احتلالا متجذرا إلى أمد بعيد ، وإن كان مقتصرا على عمليات وخطوات ” أمنية ” و استباقية ، دون أي تأثير على القرار السياسي في العراق ، مثلما الأمر بالنسبة للنظام الإيراني ..أما الإحتلال الرابع للعراق فهو متجسد بوجود عناصر مقاتلة لحزب العمال الثوري الكردي التركي في جبال قنديل وأطرافها انتشارا إلى حيث يشاءون ، وقد تجسدت ملامح هذا الاحتلال في سيطرة وتحكم هذا الحزب التركي على مدينة سنجار تحكما شبه كامل والقيام بإدارة شؤونها وأوضاعها وكأنها الحزب المنتخب هناك من قبل السكان وهو التصرف الكيفي والتعسفي الذي ازعج حتى الأحزاب الكوردية الحاكمة في الإقليم الكوردي العراقي ، ويبدو أن احتلال هذا الحزب لمناطق من العراق سيبقى هو الآخر لفترة غير معروفة ..ويتضح مما سبق ذكره ــ أعلاه ــ أن الخلاص من الاحتلال الأمريكي هو الذي كان أسهل المنال والهدف تحقيقا ، بل وخروجا من العراق منذ عهد نوري المالكي الذي وقع مع إدارة أوباما اتفاقية أمنية بهذا الخصوص ، وخاصة أن اليانكيين قد حققوا هدفهم الكامن وراء غزو العراق إلا وهو تدمير الدولة العراقية و تسليمه بعد ذلك للنظام الإيراني على صينية من الذهب وبشكل مجاني عجيب وغريب بعد تقديم خسائر فادحة في أرواح ومعدات !!.بينما الاحتلال الإيراني غير المباشر هو الأخطر والأصعب ، بل و سيكون الأطول في الوقت نفسه : لإنه مزيج وخليط من سموم عقائدية ـــ على تداخلات وتشابكات سياسية واجتماعية ـــ على فئوية ـــ على ارتزواقية وعمالة صريحة وسافرة..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى