مقالات

أحلام الاستثمار والعوامل الثلاثة

د. فاتح عبدالسلام‭ ‬

سمعنا‭ ‬كثيراً،‭ ‬من‭ ‬الحكومات‭ ‬العراقية‭ ‬التي‭ ‬أعقبت‭ ‬الاحتلال‭ ‬الأمريكي‭ ‬انها‭ ‬جادة‭ ‬في‭ ‬سعيها‭ ‬عبر‭ ‬مؤتمراتها‭ ‬ووفودها‭ ‬للعواصم‭ ‬الكبرى‭ ‬لتحصيل‭ ‬الاستثمارات‭ ‬الأجنبية‭ ‬لبناء‭ ‬البلد‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يخرج‭ ‬من‭ ‬اثار‭ ‬الحرب‭ ‬حتى‭ ‬اللحظة‭. ‬وكان‭ ‬هذا‭ ‬منذ‭ ‬البداية‭ ‬واضحاً‭ ‬انه‭ ‬مجرد‭ ‬هواء‭ ‬في‭ ‬شبكة،‭ ‬فلا‭ ‬استثمارات‭ ‬ولا‭ ‬أفق‭ ‬استراتيجي‭ ‬لتحقيق‭ ‬هذا‭ ‬الهدف‭ ‬المعقد‭ ‬الذي‭ ‬تحار‭ ‬في‭ ‬أمره‭ ‬بلدان‭ ‬متقدمة‭ ‬وليس‭ ‬البلد‭ ‬الذي‭ ‬يتربع‭ ‬على‭ ‬صدارة‭ ‬عرش‭ ‬الأكثر‭ ‬فساداً‭ ‬على‭ ‬الكوكب‭. ‬‭ ‬جذب‭ ‬الاستثمارات‭ ‬الأجنبية‭ ‬يتطلب‭ ‬ان‭ ‬نحدد‭ ‬اولوياتنا‭ ‬في‭ ‬مجيء‭ ‬الشركات‭ ‬لتلبي‭ ‬حاجات‭ ‬محددة‭ ‬وليس‭ ‬لفرض‭ ‬استثمارات‭ ‬تفيد‭ ‬الخارج‭ ‬وتزيد‭ ‬من‭ ‬تردي‭ ‬الواقع‭ ‬الداخلي‭ . ‬‭ ‬كما‭ ‬ان‭ ‬جذب‭ ‬الاستثمارات‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬يحتاج‭ ‬الى‭ ‬عاملين‭ ‬لاغنى‭ ‬عنهما،‭ ‬الأول‭ ‬هو‭ ‬توفير‭ ‬الامن‭ ‬الكامل‭ ‬وضمان‭ ‬عدم‭ ‬اختطاف‭ ‬عمال‭ ‬أجانب‭ ‬وعدم‭ ‬حدوث‭ ‬قصف‭ ‬صاروخي‭ ‬ضد‭ ‬منشأة‭ ‬استثمارية‭ ‬قيد‭ ‬الإنجاز،‭ ‬وسوى‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬الاشتراطات‭ ‬الأمنية‭ ‬التي‭ ‬تتوافر‭ ‬عادة‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ . ‬والعامل‭ ‬الثاني‭ ‬هو‭ ‬التسهيلات‭ ‬والاغراءات‭ ‬عبر‭ ‬حزمة‭ ‬من‭ ‬القوانين‭ ‬التي‭ ‬تجعل‭ ‬المستثمر‭ ‬الأجنبي‭ ‬يفكر‭ ‬في‭ ‬المجيء‭ ‬الى‭ ‬العراق‭ ‬ولا‭ ‬يذهب‭ ‬الى‭ ‬دول‭ ‬في‭ ‬جواره،‭ ‬وهذه‭ ‬الناحية‭ ‬تحتاج‭ ‬حكومة‭ ‬مستقرة‭ ‬وبرلماناً‭ ‬راكزاً‭ ‬غير‭ ‬غارقين‭ ‬بواقع‭ ‬فاسد‭. ‬‭ ‬وقبل‭ ‬هذا‭ ‬وذاك،‭ ‬هناك‭ ‬عامل‭ ‬ثالث،‭ ‬إذْ‭ ‬لا‭ ‬معنى‭ ‬للاستثمارات‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬أفواه‭ ‬الفاسدين‭ ‬العفنة‭ ‬مفتوحة‭ ‬كما‭ ‬كانت‭ ‬طوال‭ ‬ثماني‭ ‬عشرة‭ ‬سنة‭. ‬دعونا‭ ‬نرى‭ ‬القوانين‭ ‬المستقرة‭ ‬التي‭ ‬توفر‭ ‬القاعدة‭ ‬الاستثمارية‭ ‬الصحيحة‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تجذب‭ ‬شركات‭ ‬العراقيين‭ ‬القائمة‭ ‬في‭ ‬الخارج،‭ ‬وهنا‭ ‬لا‭ ‬اقصد‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬دمها‭ ‬وعظمها‭ ‬حرام‭. ‬وبعد‭ ‬ذلك‭ ‬نرى‭ ‬الأفق‭ ‬الحقيقي‭ ‬لاستقرار‭ ‬الوضع‭ ‬الأمني‭ ‬لكي‭ ‬تكون‭ ‬قوافل‭ ‬الشركات‭ ‬وهي‭ ‬تنقل‭ ‬معداتها‭ ‬عبر‭ ‬ميناء‭ ‬البصرة‭ ‬آمنة‭ ‬في‭ ‬خلال‭ ‬المدن‭ ‬والبلدات‭ ‬التي‭ ‬تمر‭ ‬عبرها‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ . ‬وصول‭ ‬الاستثمارات‭ ‬الى‭ ‬البلد‭ ‬يعني‭ ‬انه‭ ‬معافى‭ ‬،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬يتحقق‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭. ‬‭ ‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى