مقالات

أعياد رمزية لسكان وادي الرافدين

علي حسن الفوازعيد الشجرة أو عيد الأم أو عيد النوروز، أو حتى عيد أكيتو أعياد تلتقي في يوم واحد، هو الحادي والعشرين من شهر مارس/ آذار من كلّ سنة، لتشكل فضاء احتفاليا للعديد من الشعوب في العراق وفي الشرق، فهي أعياد طقوسية للحياة والخصب، كما هي عند سكان وادي الرافدين الذين تتعالق طقوسهم بالخصب والربيع والعبادة، بدءا من عيد اكيتو الذي يعني بدء السنة الكلدانية، وصولا الى عيد النوروز، أي «اليوم الجديد» الذي يرمز للبطولة والحرية والثورة بنهاية ظلم «الملك الضحاك»، حيث تحتفي به الشعوب في ايران وأذربيجان وتركيا وفي افغانستان وكردستان.يقول الباحث سليم مطر: إن (21 آذار) حسب التقويم العراقي القديم(الشمسي ـ القمري) يكون اول نيسان (نيشانو بالاكدي) لاختلاف عشرة أيام بين الشمس والقمري، وهو يوم المنقلب الربيعي وأول ايام السنة، حيث برج الحمل(برج تموز).وهذا ما يجعل هذه الاعياد العراقية أكثر تمثيلا للهوية الحضارية لبلاد ما بين النهرين، مثلما هو ارتباطها بالأساطير وبالطقوس، التي تؤكد الطبيعة المشتركة للشعوب، التي عاشت في العراق القديم وما جاوره، وأن ربط هذه الاعياد بالخصب والأمل والحرية هو تعبير عن تحوّلها الى مجتمعات زراعية لها أشكال حياتية متطورة، ارتبطت بابتكارها لنظم الزراعة والفنون والعبادات وبدء قطف المحاصيل الزراعية، فضلا عما تعنيه هذه الأعياد عن رمزية انسانية لمواجهة لأشكال الطغيان، والفرح بالانتصار على مظاهرالظلم.إن معنى الاحتفال عند شعوب وادي الرافدين يحمل طابعا مقدسا لوجودها ولطقوسها، ولبدء سنتها القمرية، فهي ترتبط بدلالات تخصّ نظم التعبد والتجدد، حيث تقام لها احتفالات كبرى، لا سيما الاحتفال الذي يقترن بالزراعة بوصفها رمزا لعيد الخصب بمعناه الرمزي، أي بدء الحياة والانتصار الجوع والشر، وهذا ما دأب العراقيون على الاحتفاء به الى يومنا هذا، عبر الاحتفاء بعيد النوروز الرسمي، والذي يتشاطر العراقيون مع كثير من شعوب المنطقة الاحتفاء به عبر اقامة الطقوس الرمزية الكبيرة، فضلا عن الاحتفاء به بوصفه عيدا للشجرة، والذي لا ينفصل عن رمزية الخصب والزراعة، حيث كانت تقام له مواسم خاصة تُزرع فيها الأشجار، كإعلان عن بدء الربيع واستشراف يوم جديد للحياة، فضلا عن رمزيته لنهاية فصل الشتاء، كما أن الاحتفاء به كيوم مبارك لـ»عيد الأم» هو الأكثر تمثيلا لدلالة الخصب والبركة، بوصفه الأم هي الرمز المقدس والعالي للحب والأمن والتوالد والحياة، إذ بات هذا العيد اليوم ظاهرة اجتماعية تحتفي بها الأسر بالأمهات، اللائي يمنحنّ الوجود معنى، ويعطينّ لمفهوم الخصب قيمة انسانية، تتماهى مع الرمزية التي حملها عيد اكيتو كعيدٍ للربيع، وحملها النوروز كعيد للأمل ولليوم الجديد، وكعيد الشجرة التي ترمز للخصب وهو تماثل اخلاقي وانساني مع صورة الأم التي انعشت مفهوم التجدد، واعطاء الحياة قيمتها عبر رمزيات الأنوثة المقدسة التي تشبه أنوثة الارض.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى