مقالات

ألا تفضلونني: انني مستقل

نوزاد حسن

حين اقرأ كلمة مستقل في بوسترات المرشحين الملصوقة في اماكن مختلفة من العاصمة اتساءل عن شيئين اثنين: الاول ثقة هذا المستقل بدوره القادم إن نجح ووصل الى البرلمان، والامر الاخر الذي يشغلني هو ان كلمة المستقل لها وقع اخر يختلف عن وقع المرشح غير المستقل الذي ينتمي لجهة معينة. وعلى هذا الاساس تثير مفردة المستقل شريطا طويلا من ممارسات خاطئة وفساد كبير وقع خلال الاعوام الماضية. بكلمة واحدة يريد هذا المرشح المستقل ان يقول: عليكم ان تفضلوني لأنني مستقل، وكأنه هنا يذكرنا بمعنى الحرية الذي يفقده المرشح المنتمي لحزب من الاحزاب. فالمستقل حر، والاخر المنتمي للحزب غير حر، ولن يستطيع ان يقوم بدوره لان قراره يعود الى الجهة التي ينتمي لها. هكذا افهم انا المواطن البسيط اسلوب اعداد البوسترات، وايضا اسلوب كتابة البرامج الانتخابية المتشابهة الى حد كبير. يعرف النائب المستقل جيدا ان الاحزاب هي التي تقود العملية السياسية. والبرلمان هو الصورة الثانية لهذه الاحزاب. وتحت قبة البرلمان يصنع كل شيء بلا استثناء. وفي داخل هذا المحيط كيف سيصمد المرشح المستقل ان كان يريد ان يشرع قانونا من القوانين او ان يستجوب وزيرا من الوزراء. انا اتحدث هنا عن اصحاب النوايا الطيبة من المستقلين، واحاول ان افهم جيدا حدود الواقع السياسي كمتابع اتعبته الشعارات والكلام السياسي. اقول: الكل سيخضع لشرط لا خلاف عليه. نظام الحصص او المحاصصة هذا القانون الاعمى الذي قاد العملية السياسية، ولم يستطع احد ان يقول ان العمى السياسي لن يقود الاوطان الى بر الامان. ومع اعتراف الجميع بأن هذه المحاصصة دمرت كل شيء الا انها لا تزال تفرض نفسها على العملية السياسية.انها مضرة كالحلوى الصناعية لكنها مطلوبة. ولا يمكن الاستغناء عنها. وان تحدث احد عن مفهوم للحرية في ظل نظام قرر ان يقسم البلد الى فئات تحصل على امتيازاتها حسب الحجم والتاثير، فهذا يعني ان النتائج معروفة سلفا. فليس في قدرة المستقل ان يكون حرا، ولا المرشح المنتمي لحزبه ان يكون حرا، كلاهما سيخضعان لقانون واحد لا يقل قوة عن قانون الجاذبية الارضية. المستقل والمتحزب سيقولان: لنقسم حسب ذوق المحاصصة، وتنتهي المسألة. لكني مع ذلك لست متشائما.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى