مقالات

أية وطنية لا تحميها قوانين ضد الطائفية؟

فاتح عبدالسلام

جميع‭ ‬القوى‭ ‬السياسية‭ ‬تتحدث‭ ‬باسم‭ ‬الوطنية،‭ ‬اغلبها‭ ‬يرتدي‭ ‬معطف‭ ‬الطائفية‭ ‬في‭ ‬سلوكه‭ ‬وليس‭ ‬في‭ ‬مسماه‭ ‬فحسب،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬يضع‭ ‬على‭ ‬رأسه‭ ‬قبعة‭ ‬الوطنية‭ ‬لتكون‭ ‬زيه‭ ‬الذي‭ ‬يدخل‭ ‬به‭ ‬المناسبات‭ ‬العامة،‭ ‬ولكي‭ ‬تكون‭ ‬سهلة‭ ‬النزع‭ ‬متى‭ ‬أراد‭.‬حين‭ ‬ظهر‭ ‬مصطلح‭ ‬حكومة‭ ‬الأغلبية‭ ‬الوطنية،‭ ‬رأينا‭ ‬سياسيا‭ ‬معمما‭ ‬يكاد‭ ‬يبكي‭ ‬نائحا‭ ‬من‭ ‬الخوف‭ ‬ان‭ ‬تتحول‭ ‬الحصة‭ ‬الكبيرة‭ ‬الى‭ ‬حصة‭ ‬أصغر‭ ‬بحكم‭ ‬بروز‭ ‬حصص‭ ‬صغيرة‭ ‬كثيرة‭ ‬تشوش‭ ‬على‭ ‬من‭ ‬خلع‭ ‬على‭ ‬كتفيه‭ ‬الاستئثار‭ ‬الابدي‭ ‬بمصطلح‭ ‬الأغلبية‭ ‬الخاصة‭ ‬به،‭ ‬رافضاً‭ ‬الأغلبية‭ ‬السياسية‭ ‬التي‭ ‬تخص‭ ‬الوطن‭.‬بلا‭ ‬شك‭ ‬انّ‭ ‬الأحزاب‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تعش‭ ‬الحالة‭ ‬السياسية‭ ‬بمعناها‭ ‬الوطني‭ ‬لا‭ ‬الطائفي‭ ‬في‭ ‬نظامها‭ ‬الداخلي‭ ‬وحياتها‭ ‬السرية،‭ ‬لن‭ ‬تتقبل‭ ‬الانتقال‭ ‬الجوهري‭ ‬من‭ ‬أفكار‭ ‬الصوامع‭ ‬المعتمة‭ ‬الى‭ ‬رحاب‭ ‬شمس‭ ‬الأفكار‭ ‬الوطنية‭ ‬المنفتحة‭ ‬على‭ ‬الجهات‭ ‬الأربع‭.‬الخائفون‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬التحول،‭ ‬يدركون‭ ‬انَّ‭ ‬جبالاً‭ ‬من‭ ‬مكاسب‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬حساب‭ ‬تحققت‭ ‬تحت‭ ‬جنح‭ ‬فترة‭ ‬الاحتلال‭ ‬الأمريكي‭ ‬واسست‭ ‬لحياة‭ ‬سياسية‭ ‬مشوهة‭ ‬محصورة‭ ‬في‭ ‬المقار‭ ‬والغرف‭ ‬المظلمة‭ ‬والدهاليز‭ ‬واجتماعات‭ ‬ما‭ ‬وراء‭ ‬الحدود،‭ ‬أصبحت‭ ‬اليوم‭ ‬او‭ ‬تكاد،‭ ‬مكاسب‭ ‬في‭ ‬مهب‭ ‬ريح‭ ‬الجيل‭ ‬الجديد‭ ‬في‭ ‬البلاد‭ ‬التي‭ ‬تبحث‭ ‬عن‭ ‬متنفس‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الاختناق‭ ‬السياسي‭ ‬القاتل‭ ‬،‭ ‬وليس‭ ‬الانسداد،‭ ‬كما‭ ‬يُسميه‭ ‬بعضهم‭ .‬قلت‭ ‬قبل‭ ‬أيام‭ ‬هنا،‭ ‬انّ‭ ‬تغيير‭ ‬الدستور،‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬له‭ ‬كلفة‭ ‬عالية‭ ‬ولابدّ‭ ‬من‭ ‬دفعها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التصدي‭ ‬لمَن‭ ‬أراد‭ ‬للدستور‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬شماعة‭ ‬متأرجحة‭ ‬لتعليق‭ ‬اثواب‭ ‬هلامية‭ ‬في‭ ‬الظلام‭ ‬ووراء‭ ‬الباب‭ ‬المقفل،‭ ‬واجدها‭ ‬مناسبة‭ ‬للقول‭ ‬انّ‭ ‬مفتاح‭ ‬التغيير‭ ‬الحقيقي‭ ‬هو‭ ‬قيام‭ ‬تشريعات‭ ‬ينص‭ ‬على‭ ‬مبادئها‭ ‬الدستور‭ ‬وتعالج‭ ‬البقية‭ ‬منها‭ ‬القوانين‭ ‬الأصغر،‭ ‬تعزز‭ ‬فكرة‭ ‬الوطنية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تجريم‭ ‬الفكر‭ ‬الطائفي‭ ‬والتشرذمي‭ ‬والانقسامي،‭ ‬وهي‭ ‬سياقات‭ ‬قانونية‭ ‬ستعزز‭ ‬الانتماء‭ ‬للوطن‭ ‬الواحد‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يتيح‭ ‬قيام‭ ‬أحزاب‭ ‬تتناقض‭ ‬افكارها‭ ‬مع‭ ‬فكرة‭ ‬الوطنية،‭ ‬وتلك‭ ‬مشاكل‭ ‬ترتد‭ ‬على‭ ‬الأحزاب‭ ‬لتغيير‭ ‬منطلقاتها‭ ‬وادبياتها‭ ‬لكي‭ ‬تخرج‭ ‬من‭ ‬مشاريع‭ ‬التقوقع‭ ‬الطائفي‭ ‬الى‭ ‬هواء‭ ‬الوطنية‭ ‬الحر،‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬نسبة‭ ‬نقائه‭.‬لا‭ ‬تزال‭ ‬الأحزاب‭ ‬في‭ ‬مبناها‭ ‬ومعناها‭ ‬طائفية،‭ ‬لا‭ ‬تفتح‭ ‬باب‭ ‬الانتماء‭ ‬العام‭ ‬اليها،‭ ‬او‭ ‬لعل‭ ‬العراقيين‭ ‬انفسهم‭ ‬لن‭ ‬يفكروا‭ ‬بالانتماء‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬خارج‭ ‬التقسيم‭ ‬المرسوم‭ .‬رؤساء‭ ‬حكومات‭ ‬أتيح‭ ‬لهم‭ ‬المنصب‭ ‬والصلاحيات‭ ‬والفرص‭ ‬ونالوا‭ ‬الأضواء‭ ‬والدعم‭ ‬بما‭ ‬يمكّنهم‭ ‬من‭ ‬الانتقال‭ ‬من‭ ‬دهاليز‭ ‬احزابهم‭ ‬المريضة‭ ‬الى‭ ‬ساحات‭ ‬الحياة‭ ‬الصحية‭ ‬الوطنية،‭ ‬ولكنهم‭ ‬لم‭ ‬يفعلوا،‭ ‬لأنّهم‭ ‬لا‭ ‬يحسنون‭ ‬الانتقال‭ ‬من‭ ‬الطائفية‭ ‬السياسية‭ ‬الى‭ ‬الوطنية‭. ‬والتناقض‭ ‬بين‭ ‬الحاليتن‭ ‬قوي،‭ ‬برغم‭ ‬التجميل‭ ‬اللفظي‭ ‬لبعضهم‭ ‬في‭ ‬محاولته‭ ‬اسباغ‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬المواءمة‭ ‬بين‭ ‬متناقضين‭ ‬لا‭ ‬يلتقيان‭ ‬ابداً‭.‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى