مقالات

اغتيال الطفولة بيد اللادولة

د. فاتح عبدالسلام

تابعت‭ ‬قضية‭ ‬وفاة‭ ‬الطفلة،‭ ‬سما،‭ ‬التلميذة‭ ‬في‭ ‬مدرسة‭ ‬أغادير‭ ‬الابتدائية‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الموصل‭ ‬الجديدة‭ ‬ضمن‭ ‬تربية‭ ‬نينوى،‭ ‬بعد‭ ‬ان‭ ‬قامت‭ ‬مديرة‭ ‬المدرسة‭ ‬بطردها‭ ‬من‭ ‬الامتحان‭ ‬بسبب‭ ‬عدم‭ ‬ارتدائها‭ ‬الحجاب‭ ‬الكامل،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬كانت‭ ‬الطفلة‭ ‬الشهيدة‭ ‬ترتدي‭ ‬القبعة‭ ‬التي‭ ‬تغطي‭ ‬معظم‭ ‬شعرها،‭ ‬فيما‭ ‬يبدو‭ ‬تنفيذاً‭ ‬لقرارات‭ ‬المديرة‭ ‬أو‭ ‬اية‭ ‬جهة‭ ‬تفرض‭ ‬الحجاب‭ ‬على‭ ‬الأطفال‭ ‬في‭ ‬المدارس،‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬تنظيم‭ ‬داعش‭ ‬يفعل‭ ‬في‭ ‬المدينة‭ ‬ذاتها‭.‬تنازل‭ ‬الاب‭ ‬عن‭ ‬الدعوى‭ ‬وخرج‭ ‬بتصريح‭ (‬عاداتنا‭ ‬ترفض‭ ‬ان‭ ‬نقبل‭ ‬بسجن‭ ‬النساء‭)‬،‭ ‬ويبدو‭ ‬ان‭ ‬مجال‭ ‬تداول‭ ‬القضية‭ ‬محصورا‭ ‬في‭ ‬دائرة‭ ‬الضغوط‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والعشائرية،‭ ‬التي‭ ‬تلغي‭ ‬وجود‭ ‬الدولة،‭ ‬كما‭ ‬لا‭ ‬تعترف‭ ‬بوجود‭ ‬الحق‭ ‬العام‭ ‬الذي‭ ‬يبدو‭ ‬انه‭ ‬ذهب‭ ‬في‭ ‬خبر‭ ‬كان‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬الدولة‭ ‬التي‭ ‬ضاعت‭ ‬مع‭ ‬الكلام‭ ‬غير‭ ‬المسؤول‭ ‬الذي‭ ‬يفكك‭ ‬المجتمع‭ ‬من‭ ‬الداخل‭.‬مديرة‭ ‬المدرسة‭ ‬عادت‭ ‬الى‭ ‬عملها،‭ ‬وكأنّ‭ ‬شيئاً‭ ‬لم‭ ‬يكن،‭ ‬فيما‭ ‬لايزال‭ ‬دم‭ ‬التلميذة‭ ‬حارا‭ ‬تحت‭ ‬تراب‭ ‬مقبرة‭ ‬المدينة‭. ‬مدير‭ ‬التربية‭ ‬يحقق،‭ ‬الشرطة‭ ‬تحقق،‭ ‬الطب‭ ‬العدلي‭ ‬يحقق،‭ ‬الوزير‭ ‬يحقق،‭ ‬كلها‭ ‬محاولات‭ ‬واضحة‭ ‬لغلق‭ ‬الملف‭ ‬وليس‭ ‬فتحه،‭ ‬وهذا‭ ‬أخطر‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬القضية‭ ‬بدليل‭ ‬انّ‭ ‬المتهمة‭ ‬الوحيدة‭ ‬طليقة‭ ‬وتعاود‭ ‬ممارسة‭ ‬نفس‭ ‬الأسلوب‭ ‬في‭ ‬وظيفتها‭ ‬المفترض‭ ‬انها‭ ‬تربوية‭.‬تنازل‭ ‬الاب‭ ‬برضاه‭ ‬أو‭ ‬مكرها،‭ ‬عن‭ ‬الحق‭ ‬الخاص‭ ‬لابنته،‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬انّ‭ ‬المسألة‭ ‬انتهت‭.‬نريد‭ ‬التحقيق‭ ‬الأكبر‭ ‬من‭ ‬وزير‭ ‬التربية،‭ ‬في‭ ‬قانونية‭ ‬ان‭ ‬تقوم‭ ‬مديرة‭ ‬مدرسة‭ ‬بطرد‭ ‬الطفلة‭ ‬لعدم‭ ‬ارتداء‭ ‬الحجاب‭. ‬وهل‭ ‬الحجاب‭ ‬مفروض‭ ‬قانوناً‭ ‬في‭ ‬البلاد‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬الدين‭ ‬على‭ ‬الأطفال؟‭ ‬وماهو‭ ‬رده‭ ‬على‭ ‬مَن‭ ‬تسن‭ ‬قوانين‭ ‬لحسابها‭ ‬الخاص‭ ‬وهي‭ ‬تحت‭ ‬إمرته‭ ‬في‭ ‬الوزارة؟ونريد‭ ‬ان‭ ‬نعرف‭ ‬كيف‭ ‬يوافق‭ ‬الوزير‭ ‬على‭ ‬استمرار‭ ‬المتسببة‭ ‬بموت‭ ‬طفلة،‭ ‬في‭ ‬مهمة‭ ‬تربوية‭ ‬تعليمية،‭ ‬يبدو‭ ‬انها‭ ‬لا‭ ‬تمت‭ ‬بصلة‭ ‬لها،‭ ‬وكيف‭ ‬يمكن‭ ‬تفسير‭ ‬موافقة‭ ‬الوزارة‭ ‬على‭ ‬عودة‭ ‬الأمور‭ ‬الى‭ ‬ما‭ ‬كانت‭ ‬عليه‭ ‬قبل‭ ‬الوفاة،‭ ‬على‭ ‬انها‭ ‬ليست‭ ‬تواطؤاً‭ ‬في‭ ‬جريمة‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬وفاة‭ ‬طفلة‭ ‬واحدة،‭ ‬وماهو‭ ‬الأكبر‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬تردي‭ ‬المهام‭ ‬التربوية؟اذا‭ ‬ذهبنا‭ ‬معهم‭ ‬في‭ ‬تسويق‭ ‬انّ‭ ‬الطفلة‭ ‬كانت‭ ‬مريضة‭ ‬في‭ ‬القلب،‭ ‬وانّ‭ ‬ذلك‭ ‬سبب‭ ‬وفاتها،‭ ‬أليس‭ ‬مرضها‭ ‬سبباً‭ ‬للوقوف‭ ‬عنده‭ ‬ومحاسبة‭ ‬مَن‭ ‬هي‭ ‬في‭ ‬الموقع‭ ‬التربوي‭ ‬،‭ ‬كيف‭ ‬تضع‭ ‬طفلة‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬الامتحان‭ ‬الصعب‭ ‬تحت‭ ‬ضغط‭ ‬نفسي‭ ‬وقهر‭ ‬شديدين،‭ ‬وهي‭ ‬تعلم‭ ‬انها‭ ‬طفلة‭ ‬لها‭ ‬مشكلة‭ ‬صحية،‭ ‬ينبغي‭ ‬مراعاتها‭.‬هذه‭ ‬القضية،‭ ‬هي‭ ‬استهداف‭ ‬للطفولة،‭ ‬ولا‭ ‬نستبعد‭ ‬أن‭ ‬تتطور‭ ‬تحت‭ ‬ظروف‭ ‬تعيسة‭ ‬أخرى‭ ‬الى‭ ‬سبي‭ ‬الطفولة‭.‬كل‭ ‬المبررات‭ ‬التي‭ ‬أرادت‭ ‬تجميل‭ ‬موت‭ ‬الشهيدة‭ ‬غير‭ ‬مقنعة،‭ ‬ولن‭ ‬يقبلها‭ ‬عاقل،‭ ‬لكن‭ ‬في‭ ‬بلادنا‭ ‬يقبلونها‭ ‬بسهولة،‭ ‬لأنّ‭ ‬اللادولة‭ ‬تحكم‭ .‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى