مقالات

الأكثر جدوى

كريم شغيدل

غالبية دول العالم أدركت مبكراً أنه لا فائدة من الحظر الصحي، وإنما هناك إجراءات صحية: تباعد، نظافة، تطهير، تعفير، كمامات، كفوف، إغلاق الملاهي والبارات والمقاهي والمطاعم ودور السينما وغير ذلك، أي منع التجمعات بأية صورة كانت ولأي غرض كان، والأهم من ذلك وعي المواطن وحرصه وتعاونه مع الجهات الصحية المسؤولة، ففي الكثير من المدن الأوروبية يمكن للمواطن أن يجلس وحده في حديقة عامة على الهواء الطلق، لكن إذا سار مع أحدهم عليه أن يبتعد عنه مسافة مترين على الأقل، الدخول إلى أسواق المواد الغذائية مرة واحدة في اليوم، عدم تواجد أكثر من ثلاثة أشخاص في أي مكان مغلق، محل أو صيدلية مثلاً، طبعاً هذه الإجراءات لم تمنع انتشار الوباء، كما أن الحظر الذي تتخذه خلية الأزمة عندنا بين آونة وأخرى لم توقف العدوى بالفيروس اللعين، وفي الواقع نجد أن الحظر هو مجرد إيقاف عملية الانتقال من منطقة إلى أخرى، وأن المواطن يعمل بقاعدة (الممنوع مرغوب)، إذ تزداد حركة الناس في أسواق المدن، لا سيما تلك المناطق الشعبية ذات الكثافة السكانية العالية، تزاحم على الأفران والمحال والمطاعم بعيداً عن عين الرقابة، وحركة إعمار لما تعطل من أدوات المنزل، فضلاً عن الضرر الذي يلحقه ببعض الكسبة، إذاً ما فائدة الحظر؟، وهذا الزحام لم تشهده الأيام العادية.بعض المواطنين لا يزالون غير متيقنين من حقيقة الوباء، من باب نظرية المؤامرة على الأغلب، وبعضهم يرى في كسر الحظر نوعاً من التمرد على السلطة، أو المشاكسة، وهم بهذا يجنون على أنفسهم وعلى أسرهم، فالوباء حقيقة مرة، ولا بد من الاعتراف بأن خطره أقوى من إمكانات العالم الصحية واستعداداته، وعلى المواطن ألّا يعول على إجراءات الحظر بقدر ما يعول على احترازاته الذاتية، فرب الأسرة مسؤول عن أسرته، ورب العمل مسؤول عن عماله، والمسؤول في أي موقع مسؤول عمن هم بمعيته، لا في الإجراءات الصحية فحسب، وإنما في التوعية الصحية، والتعامل مع الوباء بوصفه خطراً داهماً يهدد حياة البشرية، خلاصة القول إن اتباع الإجراءات الصحية والرقابة على تنفيذها أكثر جدوى من الحظر المخترق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى