مقالات

الإحتلال الدماغي..!

د-صادق السامرائي

الإحتلال الدماغي يعني أن يمتلك غيرك رأسك , وهو من أبشع أنواع الإحتلالات وأشدها قسوة وقدرة على تدمير الهدف , ذلك أنه يجعل البشر طاقة مناهضة لوجوده ومعادية لذاته وموضوعه وما يمت بصلة إليه.

وقد إنتقلت البشرية بعد مسيرات طويلة من الصراعات الدامية إلى هذا المستوى من الإحتلال الشرس , وذلك لتوفر الوسائل والأدوات والمهارات اللازمة لتحقيقة بأيسر السبل والبرامج والخطط والتفاعلات الخفية التي تعطي أوكلها بسرعة , وتمضي في متوالية هندسية عذابية تدميرية لتحطيم الهدف.

والإحتلال الدماغي يتحقق بحقن الرؤوس بأفكار وتصورات مقرونة بتداعيات إنفعالية ذات شدة عاطفية قصوى , تساهم في ترسيخ الفكرة والتصور وصناعة حالة التمترس الدماغي , والتفاعل العدواني ما بين الأدمغة المحشوة بخليط الأفكار والإنفعال.

فلكي تحتل الأدمغة عليك أن تسخر وسائل الإعلام والتواصل وتشحنها بما تريد , وتؤجج مساعيك وتصعدها إلى ذروتها العدوانية , وتأتي بعمل بشع يثير العواطف والإنفعالات وتقرنها يقوة بما حصل , كدليل على صدق ما ذهبتَ إليه وتواصلتَ معه , وعندها تحصل الفاجعة ويتحقق السلوك المطلوب لتحطيم الهدف.

والأمثلة السلوكية على هذا الإحتلال كثيرة ومتنوعة , وقد تم التعبير عنها بشدة وقسوة وعدوانية شرسة ووحشية منذ ألفين وثلاثة وحتى اليوم , وستمضي مسيرة التعبيرات المطلوبة لترسيخ وتعزيز الإحتلال الدماغي للناس في رقعة الهدف المطلوب.

والعديد من مجتمعاتنا تم إحتلالها دماغيا وتحويلها إلى وسائط ووسائل , لإنجاز الأهداف المنشودة للقوى المعادية للوجود العربي والعروبة والدين , وبهذا تمضي مسيرة التداعيات القاسية , والتفاعلات التصارعية الإستنزافية اللازمة لتحقيق أقصى ما يمكن تحقيقه من البرامج المرسومة والخطط المكتومة , ويبدو الساعي إلى هدفه في موقف المتفرج أو الداعي للتهدئة والمساعدة , وما ذلك إلا جزء مهم من المساهمة في ترسيخ الإحتلال الدماغي.

والمجتمعات المحتلة دماغيا يمكن وصفها بالمجتمعات الروبوتية , التي تتحرك وفقا لمشيئة القوة التي تمكنت من إحتلالها , أي أن البشر وفقا لآليات الإحتلال الدماغي يتحول إلى روبوت مسخر لتنفيذ الأوامر الصادرة إليه من القوة التي إحتلت دماغه , وإستعبدته لتنفيذ مشاريعها والقضاء عليه بملئ إرادته.

فهل نمتلك ما في رؤوسنا , أم أنها محشوة بما يساهم بدمارنا وخرابنا؟!!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى