أخبار عامة

الإغاثة‭.. ‬دولة‭ ‬وليست‭ ‬وزارة

فاتح‭ ‬عبد‭ ‬السلام‭

‬برغم‭ ‬مصائب‭ ‬الحرب‭ ‬التي‭ ‬يكاد‭ ‬ألا‭ ‬يكون‭ ‬لها‭ ‬مثيل‭ ‬إقليمي‭ ‬وعالمي‭ ‬والتي‭ ‬وقعت‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬في‭ ‬خلال‭ ‬اكثر‭ ‬من‭ ‬عقد‭ ‬من‭ ‬الزمان،‭ ‬إلا‭ ‬انّ‭ ‬كارثة‭ ‬الزلزال‭ ‬أفرزت‭ ‬واقعاً‭ ‬مأساوياً‭ ‬جديداً،‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬العجلة‭ ‬السورية‭ ‬قد‭ ‬تهيأت‭ ‬لمواكبته‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬التجربة‭ ‬العسكرية‭ ‬التي‭ ‬مرت‭ ‬بها‭.‬‭ ‬أمّا‭ ‬مصائب‭ ‬تركيا‭ ‬فهي‭ ‬الأكبر‭ ‬والاعمق‭ ‬في‭ ‬الزلزال،‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الخسائر‭ ‬التدميرية‭ ‬في‭ ‬البشر‭ ‬والمباني‭ ‬ولنقل‭ ‬في‭ ‬بلدات‭ ‬كاملة،‭ ‬وقد‭ ‬نزلت‭ ‬تركيا‭ ‬الدولة‭ ‬الصناعية‭ ‬وذات‭ ‬الإمكانات‭ ‬الهائلة‭ ‬بثقلها‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬عملية‭ ‬استيعاب‭ ‬شاملة‭ ‬لحجم‭ ‬الكارثة‭.‬ما‭ ‬جرى‭ ‬من‭ ‬رد‭ ‬وبدل‭ ‬وتأخير‭ ‬واعاقة‭ ‬حول‭ ‬فتح‭ ‬المعابر‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تدفق‭ ‬المساعدات‭ ‬الدولية‭ ‬والعربية‭ ‬نحو‭ ‬سوريا،‭ ‬يعطينا‭ ‬درساً‭ ‬مهماً‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬في‭ ‬ضرورة‭ ‬اجراء‭ ‬تمارين‭ ‬استيعابية‭ ‬تحاكي‭ ‬وقوع‭ ‬الكوارث‭ ‬التي‭ ‬حدثت‭ ‬مؤخرا‭ ‬على‭ ‬حدودنا،‭ ‬وشعرنا‭ ‬بهزاتها‭ ‬الارتدادية‭ ‬القوية‭. ‬سمعت‭ ‬انّ‭ ‬هناك‭ ‬إجراءات‭ ‬قامت‭ ‬بها‭ ‬دوائر‭ ‬الدفاع‭ ‬المدني،‭ ‬وهذا‭ ‬لا‭ ‬يكفي‭ ‬لأنّ‭ ‬جهد‭ ‬الدولة‭ ‬الكامل‭ ‬لا‭ ‬يبدو‭ ‬منخرطاً‭ ‬في‭ ‬استيعاب‭ ‬كيف‭ ‬تكون‭ ‬عمليات‭ ‬التدخل‭ ‬السريع‭ ‬في‭ ‬ايام‭ ‬الازمات‭ ‬ولنقل‭ ‬في‭ ‬ساعات‭ ‬الازمات‭ ‬الاولى‭. ‬هناك‭ ‬مَن‭ ‬يقول‭ ‬ان‭ ‬التغطية‭ ‬الأمنية‭ ‬الناجحة‭ ‬لمناسبات‭ ‬زيارة‭ ‬العتبات‭ ‬المقدسة‭ ‬تعطي‭ ‬صورة‭ ‬واضحة‭ ‬عن‭ ‬جاهزية‭ ‬الإمكانات‭ ‬العراقية‭ ‬لمواجهة‭ ‬أي‭ ‬طارئ،‭ ‬وهنا‭ ‬نقول‭ ‬انّ‭ ‬تركيا‭ ‬وسوريا‭ ‬من‭ ‬اكثر‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬في‭ ‬الجاهزية‭ ‬الأمنية‭ ‬والعسكرية‭ ‬وانهما‭ ‬منخرطتان‭ ‬في‭ ‬حروب‭ ‬جزئية‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬لم‭ ‬تنطفئ،‭ ‬ولكن‭ ‬حجم‭ ‬الكارثة‭ ‬استدعى‭ ‬المساعدات‭ ‬الدولية‭ ‬وتغيير‭ ‬كل‭ ‬برامج‭ ‬الدولتين‭ ‬من‭ ‬اجل‭ ‬التعبئة‭ ‬للإنقاذ‭ ‬والإغاثة‭ ‬وتجاوز‭ ‬العثرات‭ ‬الشاخصة،‭ ‬لاسيما‭ ‬انّ‭ ‬المأساة‭ ‬الأكبر‭ ‬ستكون‭ ‬بعد‭ ‬الانتهاء‭ ‬من‭ ‬عمليات‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬ناجين‭ ‬،‭ ‬تلك‭ ‬هي‭ ‬عملية‭ ‬إسكان‭ ‬المشردين‭ ‬وهم‭ ‬بمئات‭ ‬الألوف‭ ‬مع‭ ‬تأثر‭ ‬ملايين‭ ‬بالكارثة‭.‬العراق‭ ‬لديه‭ ‬خبرات‭ ‬متراكمة‭ ‬في‭ ‬إسكان‭ ‬النازحين‭ ‬في‭ ‬المخيمات‭ ‬عقب‭ ‬احتلال‭ ‬داعش‭ ‬لمدن‭ ‬عراقية‭ ‬رئيسية‭ ‬قبل‭ ‬سنوات‭ ‬قليلة،‭ ‬لكن‭ ‬ما‭ ‬نحتاجه‭ ‬هو‭ ‬إعادة‭ ‬“مأسسة”‭ ‬كل‭ ‬العمليات‭ ‬الاغاثية‭ ‬التي‭ ‬تخللتها‭ ‬جهود‭ ‬فردية‭ ‬اجتماعية،‭ ‬وربما‭ ‬نيابية‭ ‬دعائية‭ ‬أحياناً،‭ ‬كما‭ ‬اعتراها‭ ‬الفساد‭ ‬ايضاً،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬البلد‭ ‬مهيئاً‭ ‬للتعاطي‭ ‬الناجز‭ ‬والناجع‭ ‬مع‭ ‬الازمات‭ ‬الكبرى‭. ‬لا‭ ‬تقل‭ ‬لي‭ ‬انّ‭ ‬هناك‭ ‬وزارة‭ ‬اقرب‭ ‬من‭ ‬أخرى‭ ‬الى‭ ‬اختصاص‭ ‬الإغاثة،‭ ‬فذلك‭ ‬أمر‭ ‬لا‭ ‬أعنيه‭ ‬هنا‭ ‬،‭ ‬وانّما‭ ‬الهدف‭ ‬التحول‭ ‬الى‭ ‬تشريع‭ ‬جديد‭ ‬يدعم‭ ‬مؤسسات‭ ‬دولة‭ ‬اغاثية،‭ ‬خارج‭ ‬مربعات‭ ‬ومثلثات‭ ‬الفساد‭ ‬المحتملة‭ ‬ويكون‭ ‬مستقراً‭ ‬ومصاحباً‭ ‬لعمل‭ ‬كل‭ ‬الحكومات‭. ‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى