مقالات

الاتكال على الخرافة اسهل من فهمها

الكاتبة : عـلا الجبوري

  • على مر العصور والازمنة والخرافات والحكايات الشعبيىة تنتقل من جيل الى جيل دون وعي او قاعدة منطقية تنظم انتقالها او تعرفنا باصلها ,فالتراث الشعبي مليء بالخرافات وحكايات عن مصاصي الدماء والزومبي واكلي لحوم البشر , ففي التراث العربي هناك السعلوة والعفريت وساحرة الاسطح وابو لسان وغيرها الكثير حيث كانت تتخذها الجدات والامهات وسيلة لتمرير بعض القيم الى الابناء او للتخويف احيانا لتجنب الطفل فعل سلوك معين وليس افضل من اثارة الخيال لترسيخ الافكار خصوصا اذا صاحبها ذواسلوب سردي متقن وكذلك اسلوب اقناعي اضافة الى التهويل والتضخيم للشخصية الخيالة خاصة اذا كان الراوي شخص موثوق بكلامه كالام والجدة او الاب مما يجعلها اكثر تصديقا من قبل الاطفال وحتى الكبار من قليلي الوعي .
  • لا ينسى احدنا كم الاثارة والتشويق التي كانت تثيرها فينا القصص القديمة والخيالية وحتى افلام الكارتون الذي يروي قصص الخرافات من حول العالم مثل كارتون (في جعبتي حكاية او حكايات عالمية او حكايات لا ننساها) ,فكلها مسلسلات كارتونية نقلت لنا تراث الدول المختلفة وحكاويها القديمة والاساطير التي كانت سائدة والتي كان الناس يؤمنون بها ايمانا لا يدع مجالا للشك, ولكن مع تطور الحياة وتقدمها وتطور العلم اصبحت هذه الاساطير والخرافات مجرد حكايات لما قبل النوم وليس شيئا يجب تصديقه كما كان في السابق.

للخرافة اثر نفسي قوي جدا يظهر جليا في اوقات الازمات او الحروب او الظروف البيئية الصعبة حيث يصبح من السهل تداولها وانتشارها لانها تحمل عن الشخص اثقال الحياة وتدفعه لرمي همومه على عوامل خارجية ليس له سيطرة عليها او تحكم فيها مثل الاعتقاد بان الفشل في الحياة سببه الحسد او الحظ العاثر او ان المشاكل الزوجية سببها السحر والشعوذة او ان من يعيش في بلد تعمه الفوضى لن ينجح حتى لو سعى مع ان للظروف تاثير على النجاح لكنه ليس اكثر من خمسة بالمئة من نسبة النجاح والدليل ان هناك شخصيات ناجحة كثيرة عاشت في ظروف صعبة لكنها حاربت ضعفها وغيرت وضعها مثل اوبرا ونيفري حيث ان لدى البعض قول ان حياتي تعيسة بسبب السحر اهون من ان يحاسب نفسه على ما يجعل حياته تعيسة ويحاول ان يجد الحل .

  • ولكي نتعرف اكثر على الخرافة يجب ان نوضح معناها حيث ان الخرافة هي اعتقاد او قصة شهيرة او حدث غير حقيقي او نصف خيالي يرتبط بشخص او بعادة ما .او هي قصة حقيقية نصف خيالية لاسيما تلك التي تشكل جزءا من المذاهب الفكرية . وبالرغم ان الانسان لا يصدق الا ماتراه عينيه فهذا لا يعني ان رؤيته كاملة او ان مايراه حقيقيا وصحيحا كما ان الرؤية لا تعني سلامة الاعتقاد .
  • في الوقت الحاضر ومع ما نشهده من تقدم وتطور تكنلوجي اصبح من السهل انتشار الخرافات وتداولها سيما ان مواقع التواصل الاجتماعي هذه لا توجد عليها رقابة او ان المسؤلين عنها لا يحملون درجة عالية من الوعي التي تسمح لهم ان يفرقوا بين الخرافة والحقيقة او حتى يسعون الى توجيه المجتمع الى التفريق بينهم والحذر من الخرافة بوسائل وطرق علمية وربما احيانا يروجون لخرافة ما لمصالح شخصية او لاغراض التضليل والتشويه او التحريف وهذه المسؤلية تتحملها ايضا وسائل الاعلام لما لها من دور كبير في التوعية والارشاء والتوجيه الصحيح .
  • ومن الخرافات التي شاع تداولها في الاونة الاخيرة هي ان عمود كهرباء في احدى مناطق بغداد يحقق الاماني لكل من طلب منه او ان دجالا يمكنه علم الغيب وسره باتع وخرافات الزواج لها حظ وفير من الايمان بها من قبل شريحة كبيرة من الناس ومن مختلف الطبقات والمستويات حيث نجد مهندسة تؤمن بان حظ الجميلات رديء لان الغير جميلات اخذنه منهن ايعقل ان تحمل المراة الجمال والحظ معا ؟؟او ان مدرسة تؤمن بان الدعس على قدم العريس بيوم العرس سوف يجعل العروس تسيطر عليه وكانها تحتاج ان تدعس حتى تسيطر ؟ او رش الملح على العرسان ليلة الزفاف سوف يجلب لهم الحظ الجيد والحياة السعيدة وكان المشاكل سوف تخاف من الملح وتذهب بعيدا عن حياتهم ؟ والايمان بها ليس حكرا على شخصية دون غيرها فحتى مع الوصول الى مراتب عالية في العلم فان هناك اناس يتاثرون بالخرافات ويؤمنون ولو بواحدة او اثنتين منها .وهناك خرافة نذير الشؤم حيث شاع الايمان بها كثيرا مثل الاعتقاد بان الحمامة اذا غردت بالقرب من البيت فان مكروها سيحصل او ان البومة هي نذير شؤم لانها تجلب النحس مع ان طائر البوم في الدول الاوربية هو نذير خير وفي المانيا تحديدا يعتبر دليل على الحكمة لان اله الحكمة لديهم وهي اثينا كانت تحمل البومة على كتفها لذلك اصبحت البومة رمزا للحكمة كما ان لدى العرب خرافة الحذاء المقلوب الذي يطرد الملائكة من البيت وهذا فيه ذنب كبير لانهم يربطون الملائكة وتقديرهم بشيء يوضع بالرجل .
  • مما يجعل الخرافات امرا خطرا قد يتسبب بانهيار الحياة او الموت في بعض الاحيان هو التسليم بها وكانها امر واقع صحيح لا يقبل الشك وفي علم النفس المعتقدات هي التي تشكل حياتنا الخارجية فكل ما نعتقد به سنجده متمثل بحياتنا بشكل او باخر ربما بموقف او بشخص او صفة او سلوك وهذا القول العلمي صحيح وفي الدين هناك مايدل على صحته حيث يشير الحديث القدسي الى ضرورة الانتباه الى ما تعتقده وما نؤمن به حيث يقول( انا عند ظن عبدي بي فاليظن بي ما شاء) وايضا قول الامام على رضا الله عنه( كل متوقع ات) وقول الله عز وجل( والظانين بالله ظن السوء عليهم دائرة السوء) والدلائل القرانية كثيرة وهذا يدل على ان ما نؤمن به نجده بغض النظر كونه جيدا ام غير جيد وعليه فان الخرافات باتت تشكل كثيرا من معتقداتنا وبالتالي تتحكم بسلوكياتنا وينعكس تاثيرها على حياتنا في نهاية الامر .فلا حمام يجلب النحس عند التوكل على الله ولا بومة تجعلنا نتشائم ونحن واثقين في قضاء الله ولا سحر يؤذينا الا بامر الله ولا حسد يؤخرنا اذا اراد الله اكمالنا للطريق .ولا تعاسة مع العقل والفكر والتوجه الصحيح .
  • من الوسائل التي يمكن ان تحد وبشكل كبير او حتى تقتل الخرافات هي تعلم مهارة التفكير العميق الناقد وكذلك طرح التساؤلات والبحث عن الاجوبة المنطقية العلمية لكل ما يتم تداوله في مواقع التواص الاجتماعي او حتى على السنة العوام كذلك معرفة الله حقا تجعلنا نمتلك دليلا يمنحنا معرفة تامة بما نسمعه اله مرجع صحيح ام انه مجرد قصص خيالية ليس لها اساس من الصحة حتى لو كان معه دليل صور او صوت او فديو فلربما زاوية الرؤية والتصوير هي التي غيرت المشهد بالكامل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى