مقالات

التآزر الاسري في زمن كوفيد 19

غيث الدباغ

الاسرة هي اهم مؤسسة اجتماعية تساهم في بناء وتقويم المجتمع لما لها من اهمية كبيرة ، حيث هي البيئة الاجتماعية الاولى التي تحتضن وتسعى الى تنمية الانسان منذ ولادته الى مراحل كماله وكذلك تكون الدافع الاساس والسند الاقوى لتطوراته وتحولاته من مرحلة الى اخرى اذن يمكننا وصف تلك العلاقة بين الاسرة والمجتمع بانها آصرة متكاملة متبادلة لان الاسرة تحقق القيم ألاجتماعية وتحافظ على الأنساب وعلى المجتمع من المشاكل النفسيّة والجسمية وتحقيق معاني التكافل الاجتماعي ، فضلاً عن غرس القيم الحميدة والفضائل الخُلُقية داخل الفرد و المجتمع ، و تعد الأسرة اللبنة الأساس في بناء المجتمعات حيث إنَّ قوة وضعف المجتمع تقاس على تماسك الأسرة أو ضعفها وان صلاح المجتمع أو فساده يتعلّق بالأسرة. وللتماسك الاسري في ظل انتشار وباء فايروس كورونا – كوفيد 19 الدور المهم الذي تكلل بدعم افراد العائلة فيما بينها للوقاية والاحتراز من الاصابة بالوباء وحثهم على مساعدة الناس وتقوية اواصر التكافل الاجتماعي في هذه الظروف التي تمثلت بتوزيع المواد الغذائية والدعم المادي والمعنوي للعوائل المصابة و المحجورة في مراكز الحجر الصحي و المنازل فضلاً عن مد يد العون الى العوائل المتعففة التي لا تمتلك سبلا للعيش سوى قوت العمل اليومي فهي لبت نداء خلية الازمة والتي دعت بدورها الى الالتزام بنظام الحظر الوقائي الذي ابتدأ منذ فترة وهذا ما يدل على الوعي الصحي والثقافي التي يتميز به الشعب العراقي المؤازر بعضه بعضا على مر العصور مهما مر بمحن وصعاب متمثلاً وملتزماً بما جاءت به الاديان السماوية الداعية الى التكاتف والتآزر و الاخاء والمودة بين افراد الاسرة والمجتمع الذي يجعل المجتمعات اكثر اتزاناً واستقراراً وقوة من جميع النواحي. لولا يمكن ان ننسى ما لمسناه في هذه الفترة التي شهدت زيادة عدد الاصابات بالفايروس خلال شهر حزيران تسارع الاشخاص المتعافين المتماثلين للشفاء من المرض بالذهاب الى مراكز الشفاء لغرض التبرع و اعطاء بلازما الدم الى الاخوة المصابين حديثاً حيث هذه العملية الطبية تمثّل السبيل الوحيد لعلاج الفايروس ، فضلاً عن التآزر والترابط بين افراد الاسرة المصابة بالتعاون فيما بينهم من اجل التماثل للشفاء و الاحتراز والحذر من اصابة افراد الاسرة غير المصابين حيث اشرت وزارة الصحة العراقية ان اغلب انتقال للإصابة يكون بين افراد الاسر الملتزمة بالحظر الوقائي فإذا كان فرد واحد غير ملتزم بتوجيهات خلية الازمة من هذه العائلة وقد اصيب بالفايروس سيعرض جميع افراد العائلة للإصابة وهذا ما سبب تصاعد اعداد الاصابات في بغداد – الكرخ. وخلال هذهِ الازمة كان للأخوة العاملين ضمن الكوادر الطبية في شتى انحاء العالم دور كبير وبارز في عملهم الانساني حيث يمكننا تسميتهم بالأسرة الطبية لإنـجازاتهم البطولية ولموقفهم المشرّف في مساعدة المجتمع للقضاء على هذه الجائحة ويقدمون خدمات جلية لا تقدّر بثمن و اصيب الكثير منهم والبعض قضى نحبه بذلك الفيروس وسط النقص في المعدات الطبية ومعدل الوفيات المرتفع بين المرضى ، يطال الإحباط الطواقم الطبية التي تخوض معركة شرسة ضد وباء كوفيد- 19، رغم صعوبة الاوضاع وفي هذا السياق ، أعرب عدد من الأطباء عن اعتزازهم بتصدّر الصفوف الاولى للطاقم الطبي في مواجهة انتشار الفيروس ، وأكدوا في تصريحات لهم في حساباتهم الشخصية ولقاءات عديدة لهم على تحمّل مشاق عملهم في هذه الظروف لحماية المجتمع من الوباء والقضاء عليه، منوهين بتضافر جهود مختلف الجهات في تحصين المجتمع والتنسيق المستمر لدى الجهات المعنية في اتخاذ التدابير الاستباقية، بهدف السيطرة على انتشار المرض وجعل الدولة مكاناً آمناً والحياة تسير بصورة طبيعية بالقطاعات كافة، إلى جانب ما تميزت وزارة الصحة العامة من شفافية في ما يتعلق بعدد الإصابات وطرائق التعامل معها فجائحة كورونا أودت بحياة كثير من الطواقم الطبية حول العالم ، و وفق احصاءات المعهد العالمي للصحة فإن نحو عشرة في المائة من المصابين هم من أفراد الاسرة الطبية ، واليوم بعد المواقف المشرفة لصاحب المعطف الأبيض، لا أظن أن اسكوتلندا اليوم ستحظر ارتداء المعطف الأبيض الخاص بالأطباء، كما كانت تنوي، وإن كانت حجتها التقليل من احتمالية انتشار الالتهابات الجرثومية بين نزلاء المستشفيات بسبب المعاطف البيض، التي أصبحت اليوم شعار الجيش الأبيض الذي وقف سداً منيعاً أمام شراسة كوفيد 19 .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى