الأقتصادية

التأثيرات الأقتصادية لتخفيض لتخفيض سعر صرف العملة

تخفيض سعر الصرف هو تخفيضٌ مُتعمد لسعر الصرف الرسمي لعملة بلدٍ ما وتحديد سعرٍ جديد فيما يتعلق بمرجع العملة الأجنبية مثل الدولار الأمريكي.
يتم إجراء تخفيض سعر صرف العملة من قبل السلطة النقدية للبلد (البنك المركزي) ويتم ذلك غالباً في حالات العملات ذات سعر الصرف الثابت.
يجب عدم الخلط بين تخفيض سعر العملة وتناقص قيمة العملة الطبيعي في السوق مقارنة بمعايير العملات الرئيسية الأخرى الناتج من تفاعل قوى العرض والطلب. تجعل عملية تخفيض سعر صرف العملة العملة الأجنبية أعلى سعراً بالمقارنة مع العملة المحلية. أسباب تخفيض سعر العملة:غالباً ما تستخدم الدول تخفيض سعر العملة لتحقيق أغراض بعض السياسات الاقتصادية.
يمكن أن يؤدي خفض سعر عملة البلاد مقارنة بالعملات الأجنبية إلى تحسين الصادرات وتقليص العجز التجاري وتقليل عبء ديون البلد.
عندما تكون العملة المحلية أرخص من العملة الأجنبية، سيتم تشجيع الصادرات وتثبيط الواردات.
لأن الدول الأجنبية ستجد أسعار السلع أرخص في الدولة التي ينخفض سعر صرف عملتها.
مع ذلك، تتوخى الدول الحذر لتجنب زيادة الصادرات بشكلٍ كبير لأن هذا قد يتسبب في حصول إضطراب في قوى العرض والطلب المحليين مما قد يؤدي إلى الضغط على الأسعار للأعلى ويسبب التضخم مما يسلب تخفيض سعر صرف العملة تأثيره المتوقع. 
يساعد تخفيض سعر صرف العملة كذلك في تخفيض تأثير العجز التجاري لأنه سيؤدي إلى تحسين ميزان المدفوعات لأن قيمة الصادرات ستكون أعلى من قيمة الواردات. 
أسباب تخفيض سعر صرف العملة. لزيادة الصادرات وتثبيط الواردات: الحرب التجارية أمرٌ شائع الحدوث في السوق العالمية في الوقت الحاضر. في السوق العالمية، تريد كل دولة أن تكون منتجاتها مطلوبة وأن يتم تداولها عبر الدول.
كُل بلدٍ يريد أن تكون منتجاته قادرة على المنافسة مع منتجات البلدان الأخرى.
على سبيل المثال، قد يتنافس صانعو الهواتف الجوالة في كوريا الجنوبية مع صانعي الهواتف الجوالة في الولايات المتحدة.
إذا انخفضت قيمة الون الكوري مقابل الدولار، يصبح هاتف شركة سامسونغ في الولايات المتحدة الذي كان متوفراً في وقتٍ سابق بسعرٍ معين أقل سعراً الآن بالدولار، مما يجعل الواردات للولايات المتحدة من كوريا الجنوبية أرخص. والعكس صحيح كذلك.
بمعنى آخر، فإن تخفيض سعر صرف العملة يجعل الصادرات أكثر ربحية ويثبط الواردات.
يؤدي تخفيض سعر الصرف إلى جعل الصادرات أكثر تنافسية وتبدو أرخص للمشترين الأجانب، ويؤدي هذا إلى زيادة الطلب على الصادرات.
أيضاً، بعد تخفيض سعر صرف الدينار يمكن أن تصبح الأصول العراقية أكثر جاذبية.
على سبيل المثال، يمكن أن تبدو العقارات في العراق أرخص لمن يعيشون خارج البلاد وعليه يزداد طلبهم عليها.
كذلك يعني خفض سعر صرف العملة أن الواردات، مثل السيارات والمواد الغذائية والمواد الخام ستصبح أكثر تكلفة.
سيؤدي ذلك إلى تقليل الطلب على الواردات، وقد يشجع أيضاً السياح العراقيين على قضاء إجازاتهم داخل العراق، بدلاً من السفر إلى دولٍ أخرى التي تبدو الآن أكثر تكلفة.
  لتضييق العجز التجاري: العجز التجاري هو الفرق بين قيمة صادرات البلاد وقيمة وارداتها. يرتبط العجز التجاري بصافي صادرات البلاد. صافي الصادرات = قيمة الصادرات – قيمة الواردات.
 يكون هناك عجز تجاري اذا كانت قيمة الصادرات أقل من قيمة الواردات. قد يكون للعجز التجاري آثار سلبية على اقتصاد الدولة وقد يؤدي إلى مستويات ديون ضخمة مما يؤدي إلى شل الاقتصاد وكان هذا الأمر مصدر قلقٍ بالغ بالنسبة للحكومة العراقية.
وبالتالي يمكن أن يساعد تخفيض سعر صرف العملة في تعزيز الصادرات من خلال جعل الصادرات أرخص وتقليل الواردات بجعلها أكثر تكلفة بالنسبة لسكان الدولة.
وبالتالي يمكن تحقيق توازن التجاري (مساواة قيمة الصادرات والواردات) أو فائض تجاري (قيمة الصادرات أكبر من قيمة الواردات) عن طريق تخفيض سعر صرف العملة.
مع زيادة تنافسية الصادرات وزيادة تكلفة الواردات، ينبغي أن يشهد الاقتصاد ارتفاع الصادرات وانخفاض الواردات، مما يقلل من عجز الميزان التجاري.
منذ عام 2010 سجل العجز التجاري العراقي أرقاماً قياسية بالمقارنة بالناتج المحلي الاجمالي، لذا فإن تخفيض قيمة الدينار قد يُعدُ ضرورياً لتقليل حجم العجز. 
3 – تقليل عبء الديون السيادية: إذا أصدرت دولة ما عدة سندات سيادية لجمع الأموال، فقد يكون للدولة حافزٌ لتخفيض سعر صرف العملة.
بعبارة أخرى، تساعد العملة التي تم تخفيض سعر صرفها على تقليل عبء الخدمة المنتظم للديون السيادية (أي الفوائد التي يتم دفعها على الديون) الصادرة من بلدٍ ما إذا كانت الاستثمارات مرتفعة من قبل المستثمرين الأجانب وكانت الفوائد التي يتعين دفعها ثابتة.
على سبيل المثال، إذا أصدرت حكومة العراق ديوناً سيادية تم شراء معظمها من قبل مستثمرين أمريكيين.
ولنفترض أن حكومة العراق يجب أن تدفع 500 مليون دينار عراقي شهرياً لهؤلاء المستثمرين وأن رسوم الفائدة ثابتة عند هذا المبلغ.
لو تم تخفيض سعر صرف الدينار من 1,200 دينار إلى 1,450 دينار للدولار، فإن عبء الخدمة الشهرية سينخفض من 416,66 ألف دولار إلى 344,83 ألف دولار. زيادة الطلب الكلي: يمكن أن يؤدي خفض سعر صرف العملة إلى ارتفاع النمو الاقتصادي.
جزء من الطلب الكلي هو الفرق مابين قيمة الصادرات والواردات، لذلك تؤدي زيادة الصادرات وانخفاض الواردات (بافتراض أن الطلب مرن نسبياً) أن تزيد من الطلب الكلي على البضائع والسلع المحلية.
في الظروف العادية، من المرجح أن يتسبب ارتفاع الطلب الكلي في ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي والتضخم كذلك. 
من المحتمل أن يحدث التضخم بعد تخفيض قيمة العملة للأسباب التالية. تصبح الواردات أكثر تكلفة، مما يخلق تضخم مدفوع من زيادة تكاليف الاستيراد. ويؤدي ارتفاع الطلب الكلي إلى رفع مستوى التضخم المدفوع من زيادة الطلب.
ومع انخفاض تكلفة الصادرات، قد يكون لدى المُصنعين المحليين حافز أقل لخفض التكاليف وزيادة الكفاءة.
لذلك يمكن أن تزداد تكاليف الانتاج بمرور الوقت. 
على المدى القصير، يؤدي تخفيض سعر صرف العملة إلى حدوث تضخمٍ ومستوى نمو أعلى وزيادة الطلب على صادرات البلاد.
تصبح الصادرات أرخص للعملاء الأجانب والواردات أكثر تكلفة. الأجور:  خفض سعر صرف الدينار يجعل العراق أقل جاذبية للعمال الأجانب.
على سبيل المثال، مع تخفيض سعر صرف الدينار، قد يفضل العمال المهاجرون من آسيا العمل في الكويت أو دولة الإمارات العربية المتحدة بدلاً من العمل في العراق.
في قطاع الخدمات مثلاً، العديد من العمال هم من جنسيات آسيوية، وقد يضطر مشغلوهم العراقيون إلى رفع أجورهم للابقاء عليهم.
بالمثل، يصبح الحصول على عمل خارج العراق أكثر جاذبية للعمال العراقيين لأن الأجر الذي سيتقاضونه بعملات أجنبية سوف يحقق لهم الحصول على دنانير عراقية أكثر مما يخدم أغراضهم (او عوائلهم) داخل العراق.
  إنخفاض الأجور الحقيقية: في فترة ركود نمو الأجور الإسمية، يمكن أن يؤدي تخفيض سعر صرف العملة إلى انخفاض الأجور الحقيقية، اي مقدار ما تشتريه الأجور من البضائع والسلع.
ولأن تخفيض سعر صرف العملة يسبب التضخم، تنخفض الأجور الحقيقية فقط إذا كان معدل التضخم أعلى من الزيادات في الأجور الإسمية. 
يعتمد تأثير تخفيض سعر صرف العملة على مجموعة من العوامل من بينها: مرونة الطلب على
الصادرات والواردات: إذا كان الطلب على البضائع والسلع غير مرن بالنسبة للأسعار، فإن انخفاض سعر الصادرات لن يؤدي إلا إلى ارتفاع طفيف في كمية البضائع والسلع المصدرة.
لذلك، قد تنخفض قيمة الصادرات في واقع الحال. يعتمد تحسين الميزان التجاري على حالة مرونة الطلب على الصادرات والواردات.
أذا كان فرق قيمة الصادرات والواردات موجباً، فإن تخفيض سعر صرف العملة سيحسن الميزان التجاري. قد يستغرق تخفيض سعر صرف العملة بعض الوقت للتأثير على الاقتصاد المحلي.
على المدى القصير، قد يكون الطلب غير مرن، ولكن بمرور الوقت قد يصبح الطلب أكثر مرونة بالنسبة للاسعار ويكون له تأثير أكبر.
 حالة الاقتصاد العالمي: إذا كان الاقتصاد العالمي في حالة ركود، كما هو الحال الآن بسبب جائحة كورونا، فقد يكون تخفيض سعر صرف العملة غير كافٍ لتعزيز الطلب على الصادرات.
لو أصبح نمو الاقتصاد العالمي قوياً بعد توفر اللقاح، فستكون هناك زيادة أكبر في الطلب.
ومع ذلك، من المرجح أن يؤدي تخفيض سعر صرف العملة إلى تفاقم التضخم، في فترة الازدهار.  
التضخم: يعتمد تأثير التضخم على عوامل مثل:طاقة الاقتصاد الانتاجية الفائضة. على سبيل المثال في حالة الركود، من غير المرجح أن يتسبب تخفيض قيمة العملة إلى حدوث تضخم لأن هناك فائض في الانتاج أعلى من الطلب.
قيام الشركات المستوردة بتمرير تكاليف الاستيراد المتزايدة على المستهلكين من عدمه. قد تخفض الشركات المستوردة هوامش ربحها، على الأقل في المدى القصير على أمل أن تطور عملياتها في المستقبل من خلال عدم خسارة حصتها في السوق.
أسعار الواردات ليست المحدد الوحيد للتضخم. قد تكون هناك عوامل أخرى تؤثر على التضخم مثل زيادة الأجور، أو إنخفاض الانتاجية المحلية، من ضمن عوامل أخرى. 
السبب وراء تخفيض سعر صرف العملة. إذا كان ذلك بسبب فقدان القدرة التنافسية، فإن تخفيض سعر صرف العملة يمكن أن يساعد في استعادة القدرة التنافسية والنمو الاقتصادي.
لكن إذا كان تخفيض سعر الصرف يهدف إلى تحقيق سعرٍ معين للعملة، فقد يكون ذلك غير مناسب للاقتصاد إن لم يتوافق مع تغييرات هيكلية للاقتصاد. .
 الرابحون والخاسرون من تخفيض سعر صرف العملة:الرابحون: المصدرون، وصناعة السياحة المحلية، والعاملون في الصناعات التصديرية. قد يزداد النمو الاقتصادي، وينبغي أن يتحسن العجز في الميزان التجاري.
الخاسرون: المستهلكون ممن يشترون بضائع مستوردة، والسكان الذين يرغبون بالسفر الى الخارج، والشركات التي تستورد مواد أولية أجنبية للانتاج، وأصحاب الدخول الثابتة الذين سيعانون من التضخم، والمصدرون الأجانب وصناعة السياحة الخارجية.
 آثار تخفيض سعر صرف العملةيمكن أن يؤدي زيادة الطلب الأجنبي على البضائع المحلية المصدرة إلى خلق حالة من التضخم.
عندما يحدث هذا، يمكن للحكومة رفع أسعار الفائدة المحلية لكن ذلك سيبطئ من نمو اقتصاد البلاد.
يمكن أن يتسبب تخفيض سعر صرف العملة أيضاً في أضرار نفسية للمستثمرين الأجانب لأنه قد يسبب أن ينظر المستثمرون للعملة الأضعف على أنها مؤشر على الضعف الاقتصادي للبلاد وبالتالي تجعلهم يخافون الاستثمار ويُخرجون أموالهم من البلاد بسرعة.
تأثير آخر لخفض قيمة العملة هو أنه قد يؤدي إلى مخاوف من قبل الدول المجاورة مما يدعوها إلى خفض سعر صرف عملاتها أيضاً في “سباقٍ نحو القاع” وبالتالي يتسبب في خلق حالة عدم استقرار مالي في الأسواق المجاورة، أو مايسمى بحرب العملات. 
على الرغم من أن تخفيض سعر صرف العملة قد يساعد في تقليل العجز التجاري، إلا أن هناك جانباً سلبياً محتملاً له. معظم البلدان النامية لديها قروض بالعملات الأجنبية.
وبالتالي، قد يؤدي تخفيض سعر صرف العملة إلى زيادة عبء الديون عندما يتم تسعير القروض بالعملة المحلية.
قد يؤدي عدم خدمة مثل هذه الديون إلى إبراز صورة سلبية للبلد بين المستثمرين الأجانب.
يتم استخدام تخفيض سعر صرف العملة في أغلب الأحيان كأداة للسياسة النقدية لتعزيز تجارة الدولة.
ومع ذلك، هناك قيود متعددة على هذه السياسات. 
علاوة على ذلك، قد يضطر بلدٌ ما إلى إجراء تخفيضات في سعر صرف العملة عندما لا يكون قادراً على الحفاظ على سعر الصرف الرسمي. على سبيل المثال، حالة روسيا بعد إنهيار الإتحاد السوفيتي.
حاول البنك الروسي في وقتٍ مبكر بعد بروز روسيا كدولة منفصلة أن يحافظ على سعر صرف الروبل مقارنة بالدولار.
أثناء ذلك الوقت كانت هناك عمليات كبيرة لشراء الروبل وبيع الدولار.
لاحظت الأسواق ذلك وأدرك تجار العملة أنه أمر غير مستدام، وعليه بدأ بيع الروبل، مما شكل تهديداً للبنك المركزي بما يتعلق بامكانية خسارة الاحتياطيات من الدولار.
وبالتالي، لم يكن أمام البنك المركزي الروسي خيار سوى ترك عملية بيع الروبل تستمر ومراقبة انخفاض سعر صرفه مقابل الدولار. 
لماذا التخفيض مهم؟أهم فائدة لتخفيض سعر صرف العملة المحلية سواء كان مُتعمداً أو نتيجة لمناخ السوق، هو تقليل سعر الناتج المحلي للبلد. لهذا الأمر القدرة على إفادة الاقتصاد من خلال المساعدة على زيادة حجم الصادرات.
وعلى العكس من ذلك، تتقلص أحجام الواردات مع ارتفاع أسعار السلع والخدمات الأجنبية بشكل كبير.
* أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة ولاية كنساس، الولايات المتحدة الأمريكية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى