مقالات

التشريع‭ ‬الذي‭ ‬لن‭ ‬يرى‭ ‬النور

فاتح عبدالسلام

كنّا‭ ‬ندعو‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الموضع‭ ‬من‭ ‬الكتابة‭ ‬اليومية،‭ ‬الى‭ ‬سن‭ ‬تشريعات‭ ‬تجرّم‭ ‬الطائفية‭ ‬قولاً‭ ‬وعملاً،‭ ‬تصريحاً‭ ‬وتلميحاً،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬خرج‭ ‬العراق‭ ‬اكثر‭ ‬من‭ ‬مرة‭ ‬متكسّراً‭ ‬ومطعوناً‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬الجنبات‭ ‬عبر‭ ‬غمار‭ ‬معارك‭ ‬اشتعلت‭ ‬تحت‭ ‬شعارات‭ ‬الطائفية‭ ‬البغيضة،‭ ‬ولم‭ ‬نجد‭ ‬أذناً‭ ‬صاغية‭ ‬من‭ ‬اية‭ ‬حكومة‭ ‬أو‭ ‬برلمان‭ ‬أو‭ ‬رئاسة،‭ ‬فالجميع‭ ‬يبدو‭ ‬خائفاً‭ ‬أو‭ ‬متوافقاً‭ ‬أو‭ ‬مُتحسباً‭ ‬من‭ ‬الاخر‭ ‬،‭ ‬و‮»‬يكاد‭ ‬المريب‭ ‬يقول‭ ‬خذوني”‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬موقف،‭ ‬وهذا‭ ‬جعل‭ ‬الطائفية‭ ‬التي‭ ‬يكرهها‭ ‬العراقيون‭ ‬الأصلاء‭ ‬باقية،‭ ‬تنمو‭ ‬سراً‭ ‬في‭ ‬الدهاليز‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬أزقة‭ ‬خلفية‭ ‬للمدن‭ ‬المشرقة‭ ‬أو‭ ‬الواجهات‭ ‬السياسية،‭ ‬أو‭ ‬تكون‭ ‬كامنة‭ ‬في‭ ‬تجاويف‭ ‬العقل‭ ‬الباطن‭ ‬لزعيم‭ ‬سياسي‭ ‬يعرف‭ ‬نفسه‭ ‬انه‭ ‬عار‭ ‬في‭ ‬مهب‭ ‬الريح‭ ‬أو‭ ‬آخر‭ ‬يصر‭ ‬على‭ ‬تذكير‭ ‬العراقيين‭ ‬بماضيه‭ ‬وأيامه،‭ ‬وكيف‭ ‬شهد‭ ‬البلد‭ ‬الانهيار‭ ‬على‭ ‬يديه‭ ‬وتحت‭ ‬ظلال‭ ‬شعاراته‭.‬

لا‭ ‬معنى‭ ‬أن‭ ‬يقولوا‭ ‬لنا‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مناسبة؛‭ ‬أننا‭ ‬نعمل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬اعلاء‭ ‬حق‭ ‬المواطنة‭ ‬والمواطنين‭ ‬كقيمة‭ ‬عليا،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬انّ‭ ‬القمم‭ ‬الطائفية‭ ‬تشمخ‭ ‬وتتطاول‭ ‬متى‭ ‬استطاعت‭ ‬الى‭ ‬ذلك‭ ‬سبيلاً‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬اية‭ ‬ضوابط‭ ‬لكبحها‭.

‬عودة‭ ‬النفَس‭ ‬الطائفي‭ ‬في‭ ‬خطابات‭ ‬السياسيين‭ ‬ومواقفهم‭ ‬دليل‭ ‬على‭ ‬انّ‭ ‬المرحلة‭ ‬التي‭ ‬ظننّا‭ ‬انّ‭ ‬البلد‭ ‬غادرها‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬ماكثة‭ ‬هنا‭ ‬وهناك،‭ ‬والأسباب‭ ‬لا‭ ‬تحصى،‭ ‬لكن‭ ‬استصدار‭ ‬تشريع‭ ‬يكافح‭ ‬الطائفية‭ ‬قد‭ ‬يلجم‭ ‬الأصوات‭ ‬الناشزة‭ ‬والبغيضة،‭ ‬ومع‭ ‬مرور‭ ‬الوقت‭ ‬ربّما‭ ‬نصل‭ ‬الى‭ ‬بدايات‭ ‬صافية‭ ‬لخط‭ ‬شروع‭ ‬عراقي‭ ‬أكثر‭ ‬وضوحاً‭.‬‭ ‬اعلم‭ ‬انّ‭ ‬من‭ ‬معوقات‭ ‬الوصول‭ ‬الى‭ ‬تشريعات‭ ‬ضد‭ ‬الطائفية‭ ‬وتعديل‭ ‬بنود‭ ‬في‭ ‬الدستور‭ ‬بما‭ ‬يضمن‭ ‬ذلك،‭ ‬هو‭ ‬وجود‭ ‬المحاصصة‭ ‬السياسية‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬واجهة‭ ‬شبه‭ ‬مطابقة‭ ‬غالبا‭ ‬للمحاصصة‭ ‬الطائفية،‭ ‬لذلك‭ ‬يكون‭ ‬البلد‭ ‬امام‭ ‬مأزق‭ ‬حقيقي،‭ ‬مأزق‭ ‬تعريف‭ ‬الهوية‭ ‬الانتمائية‭ ‬لحركته‭ ‬اليومية‭ ‬وما‭ ‬ينعكس‭ ‬منها‭ ‬على‭ ‬مجمل‭ ‬العمل‭ ‬السياسي‭ ‬وصولا‭ ‬الى‭ ‬الأحزاب‭ ‬والشخصيات‭ ‬التي‭ ‬تصل‭ ‬الى‭ ‬سدة‭ ‬الحكم‭.‬‭ ‬لكن‭ ‬ذلك‭ ‬لا‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬يصيبنا‭ ‬اليأس‭ ‬والإحباط‭ ‬المحيط‭ ‬بنا‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬جانب،‭ ‬مادام‭ ‬الشباب‭ ‬العراقي‭ ‬على‭ ‬درجة‭ ‬من‭ ‬الوعي‭ ‬المقاوم‭ ‬لموجات‭ ‬التجهيل‭ ‬العاتية‭ ‬التي‭ ‬هبّت‭ ‬على‭ ‬التراب‭ ‬الوطني‭ ‬منذ‭ ‬عقدين،‭ ‬وفتح‭ ‬بابها‭ ‬علينا‭ ‬الاحتلال‭ ‬الأمريكي‭ ‬الذي‭ ‬وأد‭ ‬أمل‭ ‬العراقيين‭ ‬في‭ ‬تجاوز‭ ‬حقب‭ ‬الحروب‭ ‬والديكتاتورية‭ ‬والحصار‭ ‬من‭ ‬اجل‭ ‬غد‭ ‬مشرق‭ ‬لأطفالنا‭ ‬وبلدنا‭.‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى