مقالات

التصالح مع الذات.. من عزم الأمور!!

مازن صاحب

يقول عز وجل في الآية 43 في سورة الشورى ((وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ))، لست بصدد التفسير الفقهي لهذا النص القرآني الكريم فتلك مهمة رجال الدين، ولكني أحاول افهام من يستخدمون نصوص قرانيه او من تفسيرات الشريعة الإسلامية السمحاء ،الاجدر بهم ان يبدأوا في التصالح مع انفسهم قبل غيرهم لفهم متطلبات العيش في نظام” حكم رشيد لعراق واحد وطن الجميع” لان العدالة والانصاف من صفات الرحمة فيما مفاسد تغانم السلطان وعدم تعمير الأوطان من صفات الشيطان، هنا يطرح السؤال:

لماذا فشلت كل جهود المصالحة الوطنية ما بعد 2003 ؟؟الإجابة على هذا السؤال في ضوء مضمون الآية القرآنية أعلاه يمكن ان يكون ضمن السياق الاتي:أولا : حينما اختلفت تفسيرات الشريعة الإسلامية وظهور مذاهب متعددة ، يبقى التعامل الكلي في الإسلام السياسي تحت نموذج ” ارض السلام وارض الحرب ،هذا النموذج يغادر تعريف الدولة في ميثاق الأمم المتحدة، في وقت احتاجت اوروبا الى عدة اتفاقات مثل ويتسيفاليا وحربين عالميتين لكي تتحول العداوات الى مصالح اقتصادية مشتركة في الاتحاد الأوربي لكي تتكتل الدول وتتنازل عن سيادتها من اجل مصالح اكبر، تطبيقا لمفهوم ان ذلك من عزم الأمور، فيما عراق اليوم ما زالت كل مرحلة من الاصطراع الداخلي لتطبيق اجندات إقليمية او دولية توظف التضارب في نموذج الإسلام السياسي لمنهجي البيعة والتقليد ،ما يؤكد ضرورة الحاجة الى الارتقاء الى مضمون النص القرآني وتطبيقاته من ذات شخوص قيادات الإسلام السياسي .

ثانيا : إمكانية تكرار نموذج الانقياد الاعمى للاجندات الإقليمية والدولية التي تضع المؤدلجين من قيادات الإسلام السياسي الذين يعبرون عن (حرب اذا قام الامام حرب وسلام اذا قال سلام) من دون النظر الى مصلحة العراق الأعلى في تلك الاثار الوخيمة للتنابز وتضارب المواقف المجتمعية، في أوضح مثال لها، ما تجسده حالة العزوف عن المشاركة الشعبية في الانتخابات ، التي ما زالت تحت ضرس اعتراف اغلب القيادات السياسية بها من دون العمل الجاد والدؤوب لإيجاد مصفوفة حلول تصالحية بين شريحة الأحزاب السياسية وجمهورها والطبقة الوسطى العراقية ممثلة في النخب والكفاءات الرافضة للمشاركة في اية انتخابات برلمانية خلال الدورات السابقة .

ثالثا : لا يمكن الحديث عن المستقبل من دون فهم الماضي واثاره على وقائع الحاضر ، لكن البقاء في مستنقع الاختلافات التاريخية يجعل الحاضر تحت احكام الارتكازعلى أفعال ماضوية من دون العمل على فهم افضل للمستقبل، هناك عدة تجارب دولية مرت بمثل هذه الفترات للعدالة الانتقالية ، لعل ابرزها تجربة جنوب افريقيا، وتجربة رواندا ، فضلا عن تجربة سنغافورة وماليزيا،كل من هذه التجارب كانت محل اهتمام في برامج دولية ومحاولات جادة لتطبيقها في العراق منذ تشكيل وزارة متخصصة بالحوار الوطني، ويمكن تعداد العشرات من الندوات واللقاءات والمؤتمرات من دون نتائج نهائية في الإفصاح عن نموذج عراقي صحيح يكون فعلا من عزم الأمور .

رابعا: هناك متغيرات إقليمية ودولية متسارعة في المنطقة، تتطلب انتباه قيادات الإسلام السياسي وحتى قيادات الأحزاب الكردية ان ما حصل في عشرين عاما مضت ما بعد التاسع من نيسان 2003 باتت عنوانا للتغيير، هكذا أوضحت” جين بلاسخارت” في كلمتها امام مؤتمر عقد في السليمانية ان هذا النظام السياسي لا يمكن ان يستمر، بما يكرر السؤال عن تلك الحلول الفضلى المطلوب الاتيان بها بدلا من دفع عجلة “مفاسد المحاصصة” على ظهور جياع العراقيين.خامسا: لابد لمنظمات المجتمع المدني إطلاق مبادرات نوعية للمصالحة الشعبية، وتداول أكثر من هاشتاغ على مواقع التواصل الاجتماعي تؤكد جذرية الحلول لعراق واحد وطن الجميع بدلا من ” كل امة تلعن ما قبلها “، مثل هذه البرامج المجتمعية تحتاج الى دعم متعدد الأطراف، لكن الحقيقة في تطبيقات الحكم ” الناس على دين ملوكها “ويبقى من القول لله في خلقه شؤون!!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى