مقالات

التّلوثُّ السّمعيُّ

التّلوثُّ السّمعيُّ – عبير سلام القيسي

ما هو سبب انتشار الأغاني البذيئة في أيّامنا هذه بسرعة البرق؟ أتساءل بيني و بين نفسي دون الحصول على إجابة شافية، حتى إنّ أصحاب الأذن الموسيقيّة باتوا يطربون لمثل هذه الأغاني الدّخيلة على الذّوق العامّ، في الحقيقة لا اجد سببا كافيا يفسّر ويوضح البذاءة التي تعمّ على مواقع التواصل الاجتماعيّ، لا اجدها سوى تلوّثٍ بيئيٍّ سمعيٍ، يقضي و يحطّم كلّ ما قامت ببنائه القامات الفنّيّة العريقة منذ سنوات القرن الماضي، حيث أجتهد الكثير من محبّي الأغنية الهادفة و النّظيفة إلى إنتاج أغاني تداعب الأذن و تدغدغ الرّوح و الوجدان، إضافة إلى اختيار اصوات يهتزُّ لها النّاي وأوتار العود من أوّل (آه) تنطق عبر بوّابة الحناجر الذّهبيّة إلى آخر تأوّهٍ تعيشه الرّوح في ملكوت الوجدان و الكبرياء والعنفوان السّمعيّ.لا أدري، هل استطاعت أغاني البذاءة هذه أن تكسر عود الزّمن الجميل، أم أنّ محبّيها ولّوا عنها لتركنَّ وحيدةً في حجراتِ البيوتِ القديمةِ المتهالكة، ليأكل عليها غبار الزّمن و يشرب؟بسبوس عاشق بسّة ؟؟؟! والبطّة شيماء ؟!! هل هذا ما أجتهدت له أمُّ كلثوم و عبد الوهاب و الغزاليّ و حتّى فيروز و الصّافي؟حتّى إنّني لأخجل من كتابة أسمائها!! حيث كان العودُ دافئاً ما تنفكُّ عنه أصابع الجمال، و النّاي لا يكلُ ولا يملُّ من تنسّم المكان بعبير الإحساس في صوب الجبال و الوديان من شمال و جنوب، و شرق الأرض ومغربها، ما الّذي حدث لينحدر الذّوق بمجتمعنا كلَّ هذا الانحدار الشّنيع؟؟؟؟أتساءل ماهو البديل عن صوت فيروز صباحا؟وما هو البديل عن صوت أمُّ كلثوم في الليالي الخالية؟أنّني استشيط غضبا لما أصبح عليه الوضع، إن وضعنا هذا لمحزن مبكيّ، إنّه بالفعل لوضعٍ مخزيٍّ، و يا العار و كلُّ العار أن نساهم في القضاء على أصوات نمت قلوبنا عليها، لتحلَّ محلّها أصوات تقضي على ما تبقّى من كلّ جميل في أرواحنا، ارجو أن تنتهي هذه الكارثة سريعا، بل و حتّى أن تختفي تماماً من الوجود قبل أن تنمو على قلوب أجيالنا الصّغيرة، و حينها يكون من الصّعب انتزاعها من دواخلهم أو إصلاح آذانهم الموسيقيّة على مرِّ الزّمان، إذ إنّ التّعلم منذ الصّغر يعدّ كالنّقش على الحجر، و أخشى أن يكون قد فات الأوان على ذلك، أخشى ذلك كلُّ الخشيةِ الّتي تجعل قلبي ينقبض لما ستؤول إليه الأمور مستقبلاً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى