مقالات

الحرب والسلام في الازمة الأوكرانية

مازن صاحب

تختلف التحليلات في تحليل الجغرافية العسكرية عند تداول الازمة الأوكرانية الروسية، فحين يتوقف تعريف الحرب عند الجنرال البروسي كارل فون كلاتوفيتز بعدم قدرة تفاوض السياسة على الاتيان بنتائج مقبولة من قبل الطرفين، تكون نتائج الميدان حاكمة في تسويات مطروحة على طاولة التفاوض بعد هدوء المدافع، هذا يسجل مؤرخو الاستراتيجيات الحربية أهمية اظهار النتائج في ميدان الحرب قبل الجلوس على طاولة التفاوض، هكذا كانت نتائج اقرب ثلاثة حروب كونية تمثلت في الحربين العالميتين الأولى والثانية والحرب الباردة ، وفيما انتهت الحربين الى تسويات تاريخية كبرى في مؤتمر فرساي ” الأولى” ومن ثم مؤتمر يالطا ” الثانية” فيما لم تنته الحرب الباردة الى ذات التسويات الكبرى وبقيت الولايات المتحدة مثل ذلك النمر في محل للخزف الصيني تجيد فن إدارة الجغرافية المعرفية للجيل السادس والسابع من الأسلحة المتطورة لاسيما الأسلحة الالكترونية كالطائرات المقاتلة بلا طيار. لكن الاتحاد الروسي سعى الى تطوير قدرات المدرعات والحرب المجوقلة ناهيك عن سلسلة من الصواريخ ذات التأثير الدقيق في إصابة الأهداف لاختلاف واقعي في عقائد القتال ، فالولايات المتحدة تدير اكبر سلسلة للشركات متعددة الجنسيات وتمارس دور البلطجي لحماية مصالح هذه الشركات في مختلف بقاع الأرض لتنفيذ مشروعها المعروف عن القرن الأمريكي الحادي والعشرين بعد ما وصف بنجاح الرأسمالية المتوحشة في اسقاط الاتحاد السوفيتي عبر مخادعة سوقية بعنوان حرب النجوم أظهرت عيوب النظام المؤسساتي للفكر الشيوعي مما جعل غورباتشوف يطلق رصاصة الرحمة عليه بعنوان” البيريسترويكا ” .السقوط الشيوعي لم يغادره المخلصون لروسيا الام مثل سيرغي لافروف، اخطر شخصية روسية اليوم في مجلس الامن القومي وفي إدارة وزارة الخارجية ، وهو السفير السابق لموسكو في بغداد وعدد من الدول العربية ، حين كنت استمع الى كلامه في مناسبات تعقدها السفارة الروسية في بغداد عن مستقبل العالم ، يؤكد ان الشرق دائما ينتصر لأنه يتمسك بالأرض الام ، وفق هذا المنهج امتلكت روسيا الاتحادية حسب موقع ويكبيديا جيشا بريا نحو 15 ألفا وخمسمائة دبابة، و27 ألفا و607 عربات عسكرية تتضمن دبابات تي -90 وتي 72، ونحو 3781 منصة إطلاق صواريخ من مختلف الأنواع، و قاذفات الصواريخ: 3781 منها غراد وسميرتش وحوالي 4625 مدفعا و27607 بندقية ذاتية الدفع بما يمنح القوات الروسية السيطرة على الأرض في أي حرب رية تساندها قوات جوية بحسب إحصاءات أوردها موقع غلوبال فاير باور عام 2014، يصل عدد طائرات الجيش الروسي إلى 3082 طائرة، في حين يصل عدد المقاتلات إلى 736، والطائرات الهجومية إلى 1289،أما طائرات النقل فعددها 730.في المقابل، ليس باستطاعة الولايات المتحدة نقل قوات مجوقلة كما فعلت في حرب الكويت او حرب احتلال العراق او غزو أفغانستان، لاسيما وان الدول المحيطة لروسيا الاتحادية لا تقدم حتى ضمن حلف الناتو غير اشتراك في قواعد عسكرية يمكن ان تستخدم لوجستيات قتالية تختلف عن التحول الى قواعد الاشتباك المسلح مع القوات الروسية ، يضاف الى ذلك ان الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي ليس بإمكانهم فرض عقوبات على روسيا مثل تلك التي فرضت على العراق بموجب القرار 687 او ما ترفضه اليوم واشنطن على الملف النووي الإيراني ، لسب بسيط جدا ان هذه العقوبات ستؤثر بشكل واضح وكبير جدا على الشركات الاوربية والأمريكية التي فسحت لها سياسة الصدمة لإعادة انتاج الاقتصاد الروسي بوابه الاستثمار في الاقتصاد الروسي بشروط موسكو التي مكنتها من فرض السيطرة على إدارة الإنتاج المشترك مع هذه الشركات، هو مثال اخر لفرض عقوبات على الصين او الهند ،حين تتعامل الصين بأكبر كتلة نقدية من الدولار فيما تتشارك الهند مع الشركات الامريكية في واي سليكون لإنتاج الالكترونيات بالشراكة مع إسرائيل ما يجعل أي عقوبات تفرض على الهند مثلا عقوبات مباشرة على الشركات الإسرائيلية والأمريكية والأوروبية .خلاصة القول ثمة ثلاثة سيناريوهات مطروحة: الأول: مضمون التسوية التي يمكن ان تفرض أمريكيا واوربيا على موسكو وما يمكن ان يربحه الاتحاد الروسي من هذه التسوية في المستقبل المنظور والبعيد، بما يطرح السؤال عن عودة ظهور قوة الشرق في تحالف اقتصادي عسكري مقابل حلف الناتو والتحالف الاقتصادي الأوربي. والثاني: إمكانية عودة الحرب الباردة من جديد فمن سيركب القطار الأمريكي الأوربي مقابل قطار الشرق السريع ؟؟اما السيناريو الثالث وهو الأقرب، ان تكون هناك تسوية اوربية -روسية بموافقة أمريكية تعيد رسم الخارطة العسكرية لأوروبا الوسطى، يمكن ان تنتهي الى يالطا جديدة لتوزيع النفوذ الدولي تحدد مناطق منزوعة السلاح النووي وأخرى في اتفاقية سلام جماعية قد أقول قد تنتهي بإعادة النظر في نظام الأمم المتحدة لاسيما العضوية الدائمة في مجلس الامن الدولي ومدى انعكاس ذلك على منطقة شرق المتوسط، التي ستكون بقيادة إسرائيل محور الاساس مع الغاز الروسي في تدفئة شتاء أوروبا القارص، وبانتظار طاولة التفاوض يبقى من القول لله في خلقه شؤون !!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى