مقالات

الحصة التموينية واهانة العراقي

د. فاتح عبدالسلام

وجود الحصة التموينية أساساً هو وضع استثنائي لم يعرفه العراق في تاريخه الحديث يوماً إلا في فترة قصيرة بالحرب العالمية الثانية، وفي العام ١٩٩٠حين بدأ الحصار الدولي الشامل على البلد، وتصاعد بسرعة كبيرة خرج من منع الغذاد والدواء الى الحرمان من اقلام الرصاص لتلاميذ المدارس .

ومرت الحصة التموينية في السابق بمراحل مختلفة تبعاً لايرادات دولة محاصرة، استطاعت تأمين الحد الادنى من المواد الغذائية والادوية ببطاقات خاصة لجميع أبناء العراق .

السبب المساعد في قدرة الدولة على ادامة زخم البطاقة التموينية هو برنامج النفط مقابل الغذاء من جهة، وانخفاض معدلات الفساد في اجهزة الدولة، بالرغم من انّ الحصار كان عاملاً مباشراً في فساد طبقة من الموظفين الصغار لمواجهة اعباء المعيشة، وليس للاغتناء وشراء القصور في دول الجوار وتخزين الأرصدة في بنوك العالم .

العراق حقق أعلى معدلات انتاج في الحنطة والشعير هذا العام، وهذه الوفرة يمكن من خلالها توفير حصص من الطحين كافية للعراقيين، غير أنّنا نشهد أنَّ أبناء البلد يقولون انَّ الطحين سيّال أي لا يصلح للخبز، فضلا عن العفن في الرز وغياب المفردات الاساسية الاخرى ثلاثة أو أربعة شهور، وحين تعود مادة غذائية نراها في اسوأ حالاتها ومن انواع رديئة.

بعد قيام نظام سياسي جديد، وانتهاء الحصار الدولي منذ أكثر من سبعة عشر عاماً، واغراق العراق بمليارات من الضخ الدولاري بأشكال مختلفة فضلاً عن الايراد النفطي، بات من المعيب والمخزي والمسيء لكرامة العراقيين أن نطالب بتحسين الحصة التموينيةوادامتها، ذلك انَّ الوضع الطبيعي للدول والبشر، هو أن يكون دخل العراقي ومستواه المعيشي بمستوى ما موجود في دول كثيرة في العالم العربي لا تمتلك الغنى النفطي الذي بين ايدي البلد المنهوب.

إنَّ الطبيعي هو أن يأتي اليوم الذي يعود العراقي كما كان يعيش قبل العام ١٩٩٠ من دون حصة تموينية لأنَّ كلَّ شيء كان متوافراً بأسعار يقدر عليها الفقير قبل الغني.

أمّا اليوم فلا وجود لحصة مقبولة بالحد الأدنى، ولا وجود كذلك لإمكانية عيش المواطن بدخل يعتمد فيه على توفير مستلزماته الغذائية بنفسه.

مبرر وجود وزارة التجارة هو تأمين هذه الحصة الغذائية، برغم شحتها وضعفها وعفونتها ودودها أحياناً، وحين تختفي الحصة وتتعثر شهوراً، فلا حاجة للبلد لوزارة التجارة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى