مقالات

الظمأ السياسي

محمد حمزة الجبوري

لواضح أن القوى السياسية الممسكة بزمام المبادرة العراقية والمتطاحنة على بناء‮ “‬مجدها السياسي‮” ‬على إنقاض شعب تحول‮ ‬غالبيته إلى‮ “‬رهائن‮ ” ‬بكل ما تحمل‮ ‬الكلمة من معنى‮ ‬،لم ولن تريد الاعتراف ولو لمرة واحدة أنها تعيش عصر‮ “‬الظمأ السياسي‮” ‬وزمن‮ “‬التيه‮” ‬وليس بمقدورها تحقيق هدف واحد مما طرحته عبر خطابها المتكرر ومنهجها المتأرجح ورؤيتها الضيقة ولم تدرك بعد أن العراق على مشارف‮ “‬تحولات جذرية‮” ‬ويمر بمنعطف تاريخي‮ ‬حاسم،‮ ‬بمعنى أن ما تعرض له العراق‮ ‬في‮ ‬فتراته المتأخرة من ضربات متعددة سياسياً‮ ‬وأمنياً‮ ‬واقتصادياً‮ ‬يعد الأضخم مقارنة مع دول الشرق الأوسط مجتمعة‮ ‬،‮ ‬وأن‮ “‬التقهقر الإقتصادي‮” ‬جراء تناسل أنظمة الفساد المبددة لثرواته هو الأشرس ما نجم عنه‮ “‬إنهيار قيمي‮”

‬انسحب على جميع الفعاليات تأثيراً‮ ‬وتداعي‮ ‬،‮ ‬ذلك لأن‮ “‬الضياع الإقتصادي‮” ‬ونفاد المال الوطني‮ ‬يؤثر تأثيراً‮ ‬مباشراً‮ ‬على التفكير الجمعي‮ ‬ونمط الإعتقاد والرؤية والتطلعات لكل مجتمع من المجتمعات‮ ‬،وهذا المآل سيمهد الأرضية لهيمنة قوى وجماعات ويمكنها من تأسيس قاعدة رصينة للتحكم بالمصائر ويفتح الباب واسعاً‮ ‬لبروز قطيع مبرر خوفاً‮ ‬وطمعا للاستبداد السياسي‮ ‬وإلا ماذا‮ ‬يمكن أن نسمي‮ ‬إنصهار‮ ‬أفراد ومجتمعات في‮ ‬رمزية واحدة‮ ‬،‮ ‬أرجح أن ما وصلت إليه قوى السياسة في‮ ‬العراق بعد‮ ‬2003 ‮ ‬من تخبط وتوهان وحيرة في‮ ‬بلورة رؤية سياسية ناهضة قادرة على بناء دولة هو وجود مجتمع لم‮ ‬يفقه بعد أبجديات المساهمة في‮ ‬بناء دولة مواطنة‮ ‬،ولم‮ ‬يدرك حتى اللحظة انه شريك حقيقي‮ ‬في‮ ‬تأسيس واقع سياسي‮ ‬واقتصادي‮ ‬مغاير‮ ‬،بل على العكس من ذلك ساهم عن علم وجهل في‮ ‬وصول قوى وأفراد إلى ذروة جبروتها لتتحول بعد ذلك إلى‮ “‬أمبراطوريات‮” ‬عصية على الكسر والتلاشي،‮ ‬ولا أجد مبرراً‮ ‬واحداً‮ ‬لهذا الانقياد التام الذي‮ ‬حول العراق إلى أطلال والسياسيين إلى ملوك وسلاطين‮. ..‬وأكتمل الهدم .

‬ولعل هذه التيه التي‮ ‬أشرت إليها في‮ ‬سياق المقال أسهمت في‮ ‬غياب‮ “‬اليقظة الجماهيرية‮” ‬حيال الضياع والإنهيار الشامل الذي‮ ‬وصل إليه العراق جراء تمدد هذه المجموعات السياسية وكبحها لكل نهضة ونتاج‮ ‬،بينما‮ ‬يرى‮ “‬مطبلوا المرحلة‮” ‬أن الفضل‮ ‬يعود لهذه القوى السياسية الشجاعة‮ ‬،وبأنها التي‮ ‬أسهمت في‮ ‬تغيير مجرى التاريخ‮ !!

‬وهذا لعمري‮ “‬المرض الإجتماعي‮” ‬العضال الذي‮ ‬مهد الطريق لظهور ديكتاتوريات فردية وأضعاف دور الشعوب في‮ ‬تقرير مصيرها وبناء دولتها ونهضتها ورقي‮ ‬مواطنيها‮… ‬وأكتمل الوهن‮.‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى