مقالات

العراق في زمن الحصار.. زمن بداية الفساد

ابراهيم المحجوب

بعد نهاية حرب الخليج الاولى عام ١٩٨٨.. بدأت بعدها بعامين حرب الخليج الثانية وبعدها مباشره اي في عام 1991 قررت الامم المتحدة ومجلس الامن الدولي بفرض عقوبات اقتصادية على العراق نتيجة السياسة الخاطئة في ذلك الوقت… ولكن الحصار الاقتصادي الجائر تسبب بهلاك الشعب العراقي ولم يتسبب بمعاقبة المسؤولين في حينها بل ان من دفع الثمن هو الشعب فقط حيث اصبحت المعاناة واضحة وآثار للجوع وانتشار للأمراض واصبح المواطن العراقي يعيش في عزلة تامة عن العالم الخارجي.. واصبحت المواد الغذائية بين ممنوع ومفقود حيث قررت الدولة في حينها منع استيراد اغلب المواد بحجة انها تعتبر من الكماليات سواء في المواد الغذائية او في المواد العامة الاخرى التي يحتاجها الانسان في حياته اليومية وذلك بسبب شحة العملة الصعبة لدى الدولة….ومن هنا بدأت المعاناة لأبناء هذا الشعب فأصبحت اغلب انواع المواد الغذائية مفقودة نهائيا في الاسواق وشبه محرمة واصبح أمر تداولها يعتبر من الممنوعات وعلى سبيل المثال بعض انواع الفاكهة والحلويات مثلا والمشروبات الغازية وكثير من انواع الملابس والقرطاسية وغيرها من المواد الضرورية في حياة الانسان قد قررت الدولة منعها بالكامل في حينها…بدا العراقيون يعيشون حياتهم بشكل مختلف وبدأوا يبحثون عن البدائل فكل انواع الحلويات اصبحت تصنع من التمور المحلية اما المشروبات الغازية في حينها فقد قاموا باستخدام مادة الصودا واضافه لها بعض المحليات لتكون مكان تلك المشروبات الغازية اما ما يخص المواد الأخرى فاصبح الاعتماد على شراء المواد المستعملة سواء من ملابس او مواد كهربائية او منزليه اخرى واصبح الجميع يعيشون تحت خط الفقر فلقد وصل راتب الموظف الى دولار واحد.. وتخيل عزيزي القارئ دولار واحد فقط لموظف يعمل لمده شهر سواء في السلك العسكري او الوظيفة المدنية وربما احيانا يصل الى عشر دولارات وهذا يعتبر رقم كبير جدا ومع كل هذه المعاناة الا ان الشعب العراقي كان من الشعوب الصابرة على البلوى وكانوا قد فوضوا الامر لله في حينها اعتقادا منهم بان كل دول العالم اصبحت اعدائهم لانهم لا يستطيعون ان يتكلموا في حينها عن سياسة البلد وسياسة الدولة تجاه البلدان المجاورة ودول العالم وهكذا هو حالنا العراقيون منذ ان خلقنا الله نطبل ونصفق للرئيس وللملك والسلطان وينطبق علينا المثل القائل(( لا احد يستطيع ان يقول حلگ السبع جايف)) واستمر حالنا الى يومنا هذا ولم نفلح او نفوز بشيء وماعلينا قوله هو فقط كلمة(( آمين)) والدعاء اثناء خطبة الجمعة اللهم غير حالنا من هذا الحال لأحسن حال… وفي الحقيقة لم نرى الاحسن لحد الان.وعودة على ظروف الحصار الجائر انتشرت بيننا ونتيجة لمعاناة الجوع والمرض ظاهرة التهريب وهذه الظاهرة هي من ولدت لدينا الفساد والرشوة في حينها.. حيث اجبرت الظروف المواطن العادي والموظف على ذلك من خلال قيامه بشراء كمية صغيرة من الوقود والذهاب ببيعها للمناطق المتلاصقة مع اقليم كردستان.. وكان عند مروره اي سيطرة يدفع لهم المقرر وبصورة علنية ثم تسهل عملية عبوره لبيع ما يحمله.. وهكذا انتشرت الرشوة في كل نقاط التفتيش واصبحت الوظيفة في تلك النقاط تباع مقابل مبلغ مالي كبير…كانت الدولة في حينها قررت تغيير طبع عملتها واصبح الدينار العراقي يطبع محليا بعد ان كان يطبع في الخارج وله رصيد قوي… وانهارت العملة العراقية ووصلت الى الحظيظ… فبعد ان كان الدينار العراقي الواحد يعادل اكثر من ثلاثة دولارات اصبح الدولار الواحد يعادل 3000 دينار عراقي تقريبا واصبحت الدولة عاجزة عن تامين بعض المفردات الضرورية من الاحتياجات للمواطن وهذا ما جعلها مضطرة الموافقة على توقيع مذكرة التفاهم الاقتصادي بينها وبين الامم المتحدة من اجل توفير الغذاء والدواء للمواطن فقط ولكن المعاناة باقيه في الرواتب نفسها والمواد الاخرى مفقودة….واصبح الجيش العراقي الذي كان يعتبر ثالث جيش في العالم بدون تسليح وبدون اي اهتمام من الدولة لأفراد هذه المؤسسة العسكرية المهمة وهذا ما ادى الى انهيار تلك المؤسسة في ايام معدودة.. ورغم زوال النظام ودخول العراق في نظام جديد الا ان الدينار العراقي ما زال يراوح في ضعف شديد فاليوم يصرف الدولار الواحد مقابل 1500 دينار عراقي في حين ان العراق اليوم يبيع اكثر من اربع ملايين برميل نفط وبأسعار عالمية عالية ولكنه في المقابل يعيش في ظل فساد مالي اكبر مما كان موجود في عهد النظام البائد ومازال العراقيون يرددون كلمه آمين واللهم غير حالنا الى احسن حال!!!!!!!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى