مقالات

المباراة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تنتهي

فاتح‭ ‬عبد‭ ‬السلام

‭ ‬خطفت‭ ‬الارجنتين‭ ‬كأس‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬يد‭ ‬فرنسا‭ ‬التي‭ ‬تفطر‭ ‬قلب‭ ‬رئيسها‭ ‬ماكرون‭ ‬حزناً‭ ‬ولم‭ ‬يتكلل‭ ‬حضوره‭ ‬في‭ ‬مونديال‭ ‬قطر‭ ‬بتكرار‭ ‬الفوز‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬المونديال‭ ‬السابق،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬شرعت‭ ‬الدوحة‭ ‬في‭ ‬استكمال‭ ‬تفكيك‭ ‬ملاعبها‭ ‬العملاقة‭ ‬المُبردة‭ ‬التي‭ ‬تزيد‭ ‬عن‭ ‬حاجتها‭ ‬مستقبلاً،‭ ‬وستعود‭ ‬الأضواء‭ ‬الإعلامية،‭ ‬التي‭ ‬حجبتها‭ ‬‮«‬تجارة‭ ‬الملاعب”‭ ‬الى‭ ‬حرب‭ ‬روسيا‭ ‬وأوكرانيا‭ ‬وأسعار‭ ‬الغاز‭ ‬وأوروبا‭ ‬التي‭ ‬تكافح‭ ‬لكي‭ ‬لا‭ ‬تتجمد‭ ‬بعد‭ ‬انقطاع‭ ‬الغاز‭ ‬الروسي‭. ‬أمّا‭ ‬ايران‭ ‬فقد‭ ‬مضت‭ ‬في‭ ‬برنامجها‭ ‬النووي‭ ‬كما‭ ‬تريد‭ ‬وأعلنت‭ ‬في‭ ‬خضم‭ ‬ضوضاء‭ ‬كأس‭ ‬العالم‭ ‬انها‭ ‬ضاعفت‭ ‬قدرتها‭ ‬على‭ ‬انتاج‭ ‬اليورانيوم‭ ‬المخصب،‭ ‬وأطلقت‭ ‬كوريا‭ ‬الشمالية‭ ‬ثلاثة‭ ‬دفعات‭ ‬من‭ ‬الصواريخ‭ ‬البالستية‭ ‬تختبر‭ ‬فيها‭ ‬صبر‭ ‬جيرانها‭ ‬المتحالفين‭ ‬مع‭ ‬واشنطن‭. ‬وهكذا‭ ‬تسير‭ ‬الاحداث‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬مسارين،‭ ‬الأول‭ ‬ظاهري‭ ‬يواكب‭ ‬المناسبات‭ ‬التي‭ ‬تحظى‭ ‬بإجماع‭ ‬الخصوم‭ ‬والحلفاء‭ ‬معا‭ ‬مثل‭ ‬المونديال‭ ‬،‭ ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬بؤرة‭ ‬لكل‭ ‬اربع‭ ‬سنوات‭ ‬في‭ ‬الاستثمار‭ ‬وتجارة‭ ‬المليارات،‭ ‬والمسار‭ ‬الثاني‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يرمش‭ ‬له‭ ‬جفن‭ ‬من‭ ‬جراء‭ ‬اية‭ ‬ضجة‭ ‬أو‭ ‬مناسبة‭ ‬عالمية،‭ ‬ذاهبا‭ ‬الى‭ ‬أهدافه‭ ‬المرسومة‭ ‬بثبات‭.‬

الحكومات‭ ‬العربية‭ ‬كانت‭ ‬تفيد‭ ‬من‭ ‬وهج‭ ‬مباريات‭ ‬كأس‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬تسكين‭ ‬شوارعها‭ ‬القلقة‭ ‬التي‭ ‬تبحث‭ ‬عن‭ ‬متنفس‭ ‬لرفض‭ ‬واقع‭ ‬مرير‭ ‬هنا‭ ‬وهناك،‭ ‬من‭ ‬غلاء‭ ‬أسعار‭ ‬المحروقات‭ ‬مثل‭ ‬ما‭ ‬يحصل‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬والأردن،‭ ‬الى‭ ‬رفض‭ ‬أوضاع‭ ‬انتخابية‭ ‬كما‭ ‬جرى‭ ‬في‭ ‬تونس،‭ ‬وأوضاع‭ ‬معيشية‭ ‬عنوانها‭ ‬تفاقم‭ ‬البطالة‭ ‬لاسيما‭ ‬بين‭ ‬أصحاب‭ ‬الشهادات‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬نشهده‭ ‬بقوة‭ ‬في‭ ‬العراق‭.‬كان‭ ‬العرب‭ ‬المحبطون‭ ‬من‭ ‬أوضاعهم‭ ‬الحياتية‭ ‬والسياسية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬في‭ ‬إجازة‭ ‬نفسية‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬الهموم‭ ‬القاتلة،‭ ‬لكن‭ ‬المواجهة‭ ‬مع‭ ‬الواقع‭ ‬التعيس‭ ‬عادت‭ ‬من‭ ‬جديد،‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬انّها‭ ‬لم‭ ‬تبرح‭ ‬مكانها‭ ‬أصلاً‭. ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬يمرّ‭ ‬من‭ ‬عنق‭ ‬نهاية‭ ‬العام‭ ‬الى‭ ‬عتبة‭ ‬عام‭ ‬آخر،‭ ‬ليس‭ ‬فيه‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬والحلول‭ ‬الدولية‭ ‬للأزمات‭ ‬سوى‭ ‬رقمه‭ ‬في‭ ‬التسلسل‭ ‬الميلادي‭.‬لكن‭ ‬أشد‭ ‬ما‭ ‬بعث‭ ‬في‭ ‬نفسي‭ ‬بالحزن‭ ‬هو‭ ‬انّ‭ ‬مناسبة‭ ‬اليوم‭ ‬العالمي‭ ‬للغة‭ ‬العربية‭ ‬كانت‭ ‬أولى‭ ‬ضحايا‭ ‬هذا‭ ‬الضجيج‭ ‬المنبعث‭ ‬من‭ ‬يوم‭ ‬ختام‭ ‬المونديال‭ ‬الذي‭ ‬صادف‭ ‬في‭ ‬اليوم‭ ‬ذاته‭ ‬للاحتفال‭ ‬بلغتنا،‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تحظ‭ ‬من‭ ‬رئاسات‭ ‬البلد‭ ‬بأكثر‭ ‬من‭ ‬تغريدات‭ ‬مقتضبة،‭ ‬لا‭ ‬أريد‭ ‬هنا‭ ‬الخوض‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬تلك‭ ‬التغريدات‭ ‬لغوياً‭.‬انتهت‭ ‬الاجازة‭ ‬المفترضة‭ ‬من‭ ‬أثقال‭ ‬الواقع،‭ ‬وعادت‭ ‬موجة‭ ‬الهموم‭ ‬أعلى‭ ‬من‭ ‬سواها‭.‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى