مقالات

المرجعيات العراقية بين الكلمة والبندقية

علاء الخطيب

في‭ ‬حومة‭ ‬الهجوم‭ ‬المفتوح‭ ‬على‭ ‬الذاهبين‭ ‬الى‭ ‬مكة‭ ‬،‭ ‬واتهامهم‭ ‬بالعمالة،‭ ‬وعرضهم‭ ‬العراق‭ ‬في‭ ‬السوق‭ ‬السعودية،‭ ‬والتنازل‭ ‬عن‭ ‬المبادئ‭ ‬وووو‭ ‬‮…‬‭ ‬الخ‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬تحكيم‭ ‬العقل‭ ‬ووضع‭ ‬الامور‭ ‬في‭ ‬نصابها،‭ ‬دون‭ ‬الانجرار‭ ‬الى‭ ‬الصخب‭ ‬المطبق‭ . ‬اولا‭: ‬الذاهبون‭ ‬الى‭ ‬مكة‭ ‬لم‭ ‬يذهبوا‭ ‬دون‭ ‬موافقة‭ ‬المرجعية‭ ‬واستشارتها‭ ‬،‭ ‬فجلهم‭ ‬من‭ ‬المرتبطين‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬بها‭ ‬،‭ ‬وان‭ ‬أمر‭ ‬ذهابهم‭ ‬والمشاركة‭ ‬في‭ ‬الحوار‭ ‬،‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬بعيداً‭ ‬عن‭ ‬رأيها‭ ‬وموافقتها‭. ‬ثانياً‭: ‬السعودية‭ ‬لم‭ ‬تدعو‭ ‬اسماء‭ ‬هامشية‭ ‬او‭ ‬متطرفة‭ ‬بل‭ ‬دعت‭ ‬المعتدلين‭ ‬والمعروفين‭ ‬،‭ ‬وهذا‭ ‬مؤشر‭ ‬جيد‭ ‬،‭ ‬ولو‭ ‬ان‭ ‬هناك‭ ‬شخصيات‭ ‬واسماء‭ ‬مقربة‭ ‬من‭ ‬المرجعية‭ ‬وذات‭ ‬تأثير‭ ‬وجهت‭ ‬لها‭ ‬الدعوة‭ ‬ولم‭ ‬تذهب‭ ‬،‭ ‬ولكن‭ ‬عدم‭ ‬ذهابهم‭ ‬ليس‭ ‬رفضاً‭ ‬،‭ ‬وانما‭ ‬لشأنٍ‭ ‬اخر‭ ‬ربما،‭ ‬أو‭ ‬لارتباطات‭ ‬مسبقة‭ . ‬ثالثاً‭ : ‬بلا‭ ‬ادنى‭ ‬شك‭ ‬ان‭ ‬تغليب‭ ‬صوت‭ ‬الكلمة‭ ‬على‭ ‬صوت‭ ‬البندقية‭ ‬،‭ ‬سلوك‭ ‬حضاري‭ ‬،‭ ‬لمواجهة‭ ‬دعاة‭ ‬الزيف‭ ‬والعنف‭ . ‬و‭ ‬ان‭ ‬تحاور‭ ‬الاخر‭ ‬عبر‭ ‬وسائل‭ ‬حضارية‭ ‬انسانية،‭ ‬خير‭ ‬من‭ ‬ان‭ ‬تقاتله‭ ‬في‭ ‬الشوارع‭.‬‭ ‬يقال‭ “‬ان‭ ‬الحوار‭ ‬افضل‭ ‬وسيلة‭ ‬للتواصل‭ ‬بين‭ ‬البشر‭ “‬،‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬القاعدة‭ ‬علينا‭ ‬ان‭ ‬نحدد‭ ‬ماذا‭ ‬نريد‭ ‬من‭ ‬السعودية‭ ‬وماذا‭ ‬علينا‭ ‬ان‭ ‬نكون‭ ‬،‭ ‬ومنْ‭ ‬نحن‭ ‬؟‭ . ‬‭ ‬هل‭ ‬نحن‭ ‬أعداء‭ ‬؟؟‭ ‬ماهي‭ ‬اسباب‭ ‬العداء‭ ‬بيننا‭ ‬‭ ‬هل‭ ‬نحن‭ ‬أخوة‭ ‬؟؟؟‭ ‬ماهي‭ ‬صلات‭ ‬الرحم‭ ‬بيننا‭ ‬الخطاب‭ ‬السعودي‭ ‬والتوجهات‭ ‬التي‭ ‬نشاهدها‭ ‬في‭ ‬المملكة‭ ‬اليوم‭ ‬تقول‭ ‬ان‭ ‬عهداً‭ ‬جديداً‭ ‬مختلفاً‭ ‬عما‭ ‬مضى‭ ‬بدأ‭ ‬يؤطَّر‭ ‬الحياة‭ ‬و‭ ‬يرسم‭ ‬ملاح‭ ‬مغايره‭ ‬وبعيدة‭ ‬عن‭ ‬التشدد‭ ‬والتشنج‭.‬لابد‭ ‬لنا‭ ‬ان‭ ‬نتعامل‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬الواقع‭ ‬الجديد‭ ‬بروح‭ ‬منفتحة‭ ‬،‭ ‬فنحن‭ ‬لسنا‭ ‬اعداء‭ ‬،‭ ‬ولا‭ ‬حاجة‭ ‬لنا‭ ‬بالعداء‭ ‬،‭ ‬ما‭ ‬دامت‭ ‬هناك‭ ‬عوامل‭ ‬اقوى،‭ ‬توجب‭ ‬الصداقة‭ ‬والاخوة‭ ‬فليست‭ ‬هناك‭ ‬عداوات‭ ‬دائمة‭ . ‬وعلينا‭ ‬ان‭ ‬نتسائل‭ ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬جنيناه‭ ‬من‭ ‬العداء‭ ‬والخصومة‭ ‬،‭ ‬وهل‭ ‬ارجعت‭ ‬البندقية‭ ‬يوما‭ ‬ما‭ ‬حقاً؟‭. ‬بل‭ ‬بالعكس‭ ‬فقد‭ ‬عمقت‭ ‬الهوة‭ ‬بين‭ ‬المختلفين‭ ‬دوما‭ ‬ً‭ . ‬‭ ‬و‭ ‬لندع‭ ‬الذاكرة‭ ‬تأخذنا‭ ‬الى‭ ‬ايام‭ ‬الصراع‭ ‬والحرب‭ ‬الطائفية‭ ‬ونتائجها‭ ‬،‭ ‬ونرى‭ ‬ماذا‭ ‬فعلت‭ ‬البندقية‭ !!!‬ونعود‭ ‬لمنطقة‭ ‬الفعل‭ ‬،‭ ‬منطقة‭ ‬الحوار‭ ‬والكلمة‭ . ‬‭ ‬حوار‭ ‬المرجعيات‭ ‬كان‭ ‬خطوة‭ ‬جريئة‭ ‬ومهمة،‭ ‬و‭ ‬ان‭ ‬يذهب‭ ‬جمع‭ ‬من‭ ‬رجال‭ ‬الدين‭ ‬العراقيين‭ ‬و‭ ‬اسماء‭ ‬من‭ ‬العوائل‭ ‬الدينية‭ ‬المعروفة‭ ‬وتتحدث‭ ‬بوضوح‭ ‬،‭ ‬وتطرح‭ ‬المشتركات‭ ‬الانسانية‭ ‬لهو‭ ‬شيء‭ ‬يجب‭ ‬ان‭ ‬ندفع‭ ‬به‭ ‬ونساهم‭ ‬بدعمه‭ . ‬ان‭ ‬مخرجات‭ ‬حوار‭ “‬المرجعيات‭ ‬العراقية‭” ‬كان‭ ‬ايجابياً‭ ‬خصوصاً‭ ‬تلك‭ ‬المتعلقة‭ ‬في‭ ‬ترشيد‭ ‬الفتاوى‭ ‬و‭ ‬فتح‭ ‬قنوات‭ ‬الحوار‭ ‬البناء‭ ‬والتواصل‭ ‬الإيجابي‭ ‬بين‭ ‬العلماء‭ ‬،‭ ‬ضرورة‭ ‬استقرار‭ ‬وازدهار‭ ‬العراق‭ ‬و‭ ‬التأكيد‭ ‬في‭ ‬الخطاب‭ ‬الديني‭ ‬والإعلامي‭ ‬على‭ ‬كلمة‭ ‬التوحيد‭ ‬ووحدة‭ ‬الكلمة،‭ ‬وحفظ‭ ‬هوية‭ ‬الوطن‭ ‬ورفض‭ ‬الإرهاب‭ ‬وإدانة‭ ‬العنف‭ ‬بكل‭ ‬صوره‭.‬و‭ ‬إشاعة‭ ‬القيم‭ ‬المشتركة‭ ‬لبناء‭ ‬الوطن‭ ‬وتحقيق‭ ‬المواطنة‭ ‬وبث‭ ‬روح‭ ‬التسامح‭ ‬والتعايش‭ ‬السلمي‭ ‬والاحترام‭ ‬المتبادل‭ ‬والاعتدال‭ ‬والوسطية‭ ‬ونبذ‭ ‬التطرف‭ ‬والغلو‭. ‬حوار‭ ‬المرجعيات‭ ‬العراقية‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬ظروف‭ ‬مناسبة‭ ‬وتكتسب‭ ‬اهمية‭ ‬كبيرة‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬التهدئة‭ ‬الاقليمية‭ . ‬فقد‭ ‬تزامن‭ ‬مع‭ ‬تقارب‭ ‬عراقي‭ ‬سعودي‭ ‬‭ ‬و‭ ‬حوار‭ ‬سعودي‭ ‬ايراني‭ ‬،‭ ‬كما‭ ‬انه‭ ‬قد‭ ‬يساهم‭ ‬بشكل‭ ‬او‭ ‬باخر‭ ‬لحل‭ ‬بعض‭ ‬القضايا‭ ‬العالقة‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ . ‬‭ ‬التواصل‭ ‬والحوار‭ ‬ربما‭ ‬يصل‭ ‬الى‭ ‬حل‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬واليمن‭ ‬وان‭ ‬يكون‭ ‬الحوار‭ ‬مدخلاً‭ ‬وجسراً‭ ‬للتفاهم‭ ‬بين‭ ‬الاطراف‭ ‬المتوجسة‭ ‬من‭ ‬بعضها‭ ‬البعض‭ . ‬رجال‭ ‬الدين‭ ‬الذاهبين‭ ‬الى‭ ‬مكة‭ ‬حملوا‭ ‬رسائل‭ ‬مهمة‭ ‬،‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬الملتقى‭ ‬مجرد‭ ‬حوار‭ ‬وبيان‭ ‬ختامي‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬يؤسس‭ ‬لمرحلة‭ ‬جيدة‭ ‬من‭ ‬التواصل‭ ‬،‭ ‬لمرحلة‭ ‬استبدال‭ ‬الكلمة‭ ‬بالبندقية‭ ‬،‭ ‬استبدال‭ ‬التسامح‭ ‬بالتطرف‭ ‬واستبدال‭ ‬التواصل‭ ‬بالقطيعة‭ . ‬حوار‭ ‬المرجعيات‭ ‬هو‭ ‬خطوة‭ ‬اولى‭ ‬نتمنى‭ ‬ان‭ ‬تتبعها‭ ‬خطوات‭ ‬عربية‭ ‬اخرى‭ ‬يحتاجها‭ ‬العراق‭ ‬لدعم‭ ‬السلم‭ ‬الاهلي‭ ‬واستقرار‭ ‬المنطقة‭.‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى