مقالات

الموازنة تمر من دون معجزات

فاتح عبدالسلام

تخفيض سعر الدولار إزاء الدينار العراقي كما كان عليه قبل شهور قليلة،لا تتوافر له من العوامل سوى دعوات سياسية يمكن أن تدخل في اطار الانتخابات المقبلة، اذ أنها تلامس حاجة المواطنين للحد من غلاء أسعار المواد الاساسية والغذائية التي لا تتناسب مع الدخل المعيشي للناس .ما يقال عن الحاجة الى هذا التغيير الجوهري في سعر صرف الدينار إزاء العملات الاجنبية كلها وليس الدولار فقط، من اجل زيادة الاحتياطي النقدي للبنك المركزي العراقي، يوحي بقوة الى عقم ما قيل انها اجراءات اصلاحية لتعزيز الوضع المالي للبلد، في حين يعلم العراقيون كم هي نسبة الفساد وصفقات الاستحواذ على الموارد الاساسية، حتى في المنافذ الحدودية التي كانت عنواناً لمرحلة ما لبثت ان انتهت، من دون أن تكون هناك نتائج حاسمة في تحصيل اموال منهوبة بإمكانها رفد الموازنة وتعزيز الاحتياطي النقدي .الضجة حول الموازنة مبالغ فيها ولا يوجد أي طرف في البلد قادر على اعاقة إقرارها أو راغب في ذلك أصلاً، لكنها مناورات ذات أهداف معروفة، يحاول كل طرف الظهور بمظهر دستوري في مناقشة قوت الناس الذي لا تبدو حصيلته اكثر نفعاً من الموازنات التي سبقتها في السنوات العجاف من حياة العراقيين.العراقيون الذين قدموا الدماء الغالية وعانوا التهجير والنزوح والفقر وانواع القهر، ليسوا مجبرين ان يرثوا ويلات حكومات نهبت المال العام وبدّدته بما جعل الاحزاب تثرى اكثر والشعب يجوع الى ما لانهاية. لن يقبل العراقي اي كلام يتفلسف حول الاصلاحات المالية والبنك الدولي وسعر صرف الدولار، فالموظفون لا يقبضون رواتبهم بالدولار، وكذلك الكاسبون في علاوي الخضار والدكاكين الصغيرة لا يفكرون بتحويل محصول دنانيرهم اليومية أو الشهرية الى العملة الخضراء. الاغلبية تريد كسب قوتها اليومي، وتفكيرها لا علاقة له بطبقة السياسيين في المنطقة الخضراء والاحزاب التي تعيش أساساً في املاك عامة متجاوز عليها.الموازنة تمر، كما مرت سواها، والفشل الاقتصادي يتسع،لأنّ أفضل المعالجات هي رؤى فردية محدودة تصطدم بجدار الفاسدين العالي .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى