مقالات

الموازنة في العراق .. صفقة سياسية تتحول إلى قانون

مجاشع التميمي

في العراق بعد 2003 نجد أن كل شيء قد تسيس ومنها قوانين الموازنات لأن العراق لا يصيغ موازنة علمية على أسس اقتصادية وتنموية وإنما تتم الصياغة على أسس حزبية فئوية مناطقية، ولذلك الصراعات تتجدد في كل موازنة ومثل هذاك الحديث عن المحافظات المظلومة ويجب أعطاؤها مزيداً من الأموال واذا تم منحها الأموال الكبيرة فأنها ستنتهي في جيوب الأحزاب الحاكمة في تلك المحافظات ولا تترجم على شكل خدمات ومنافع للمواطنين وهذا التفكير هو إشكالي وهو نتيجة واقعية لمفهوم الفئوية التي تم ترسيخها بعد العام 2003.معلوم أن في الموازنات التي تصاغ في الدول المحترمة هناك أشياء ذات طابع وطني ومنها مشاريع التنمية ذات الطابع الوطني مثل الكهرباء والماء والتعليم والصحة والطرق وغيرها بمعنى أنها تمتد على مستوى البلد وتخطط لها الحكومة وتنفذ على الأرض بعيداً عن فكرة هذا الصراع والمناطق.الأخطر في موازنات العراق هي الصراع بين الأحزاب السياسية على موارد الدولة من قبل الأحزاب الفاسدة حيث تقوم بالنهب الممنهج لموارد الدولة، لذا فالصراع على الموازنة هو صراع بين القوى الفاسدة على موارد الدولة ولا وجود لمصالح المواطنين، فمثلاً مشروع الموازنة الثلاثية التي سربت للإعلام هي عكس التي يراد لها أن تمرر تحت الطاولة وهي بحدود (199) ترليون دينار وأكثر من ثلثي الموازنة هي تشغيلية أي بحدود (133) ترليون دينار، وأنها تذهب للرواتب وشراء السلع وليست بها طابع استثماري أما الجانب الاستثماري فهو لا يتعدى (10) مليارات دولار تذهب خدمة للدين العام.والكارثة هناك أن الموازنة للسنوات الثلاثة التي يرغب البرلمان تمريرها تخلوا من المشاريع الاستثمارية ومع كل هذا يذهب البعض إلى الاستدانة الكبيرة التي يذهب إلى تمويل المشاريع التشغيلية لأن الدول التي تحترم شعبها تستند لمشاريع تنموية وليس لتمويل الموازنات التشغيلية بل يجب تأسسيس مشاريع على مستوى الوطن وليس لتمويل مشاريع حزبية وتغذية صراع المحافظات وتفضيل محافظة على أخرى ونشاء مشاريع بلا جدوى اقتصادية ومنها كتأسيس مطارات في كل محافظة ومشاريع لا يمكن تحقيقها في ظل التخصيصات المحدودة.في العادة الموازنة التنموية تكون عالية وتبرر الاستدانة لانها عندما تكتمل هي التي تدفع الدين عكس ما يحصل بالعراق نحن نستدين لتمويل موازنات تشغيلية لا جدوى منها.عموماً ورغم كل ما حصل من لقاءات واجتماعات في اللجنة المالية النيابية والحديث عن تعديلات في مشروع الموازنة الا انه لم يحصل أي تقدم لأنه عندما نرى صندوق تنمية الاقاليم تجد الكتل الشيعية تتصارع فيما بينها والجانب الكوردي رافض لموضوع كلف الإنتاج للشركات النفطية أو عقود تصدير النفط في الإقليم الذي يشترط أن يكون حصرياً بموافقة سومو والحساب البنكي أما الاتحاد الوطني الكوردستاني فهم يرفضون إدراج مادة تتعلق بتقديم احتجاج في حال عدم تسليم إحدى المحافظات لما يتوجب عليها من أموال للحكومة المركزية وبالتالي كل الأطراف ما يزال الصراع فيما بينها موجود وهو صراع نفوذ وحتى الاتفاق السياسي الذي كان أساس تشكيل الحكومة هو تمرير الموازنة لأن من يقرأ الاتفاق السياسي يلاحظ أنه خطوط عريضة للموازنة، ولا تملك القوى السياسية تفصيلات والذي على أساسه تم تشكيل حكومة السيد السوداني والآن عادة الامور للوراء لتعديل الاتفاق السياسي السابق الخاص بإدارة الدولة وهذا أمر صعب جداً ولا يوجد أمل بإجراء هذا التعديل خلال الساعات المقبلة لان الأزمة بحاجة إلى تخلي بعض الاطراف عن نفوذها وهذا ما لا يحصل في العراق.الخلاصة يمكن القول إنه لا توجد موضوعية ومرونة في العراق اليوم في إطار سياسية الواقع لأن القوى السياسية تتحدث عن صفقات سياسية وفيما يقوم الساسة بعقد الاتفاقات وبعدها تتحول إلى قوانين ومنها مشروع قانون الموازنة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى