مقالات

(الموبايل) نعمة ونقمة

(الموبايل) نعمة ونقمة – زيد الحلّي

لا اظن خلو أسرة واحدة ، من ظاهرة التأثير السلبي للهواتف الذكية (الموبايل) على العلاقات الاجتماعية داخل العائلة ، وقدرتها غير المرئية على تمزيق الوشائج الحياتية التي كانت ترفل بها البيوت والمتمثلة بالألفة والحميمية .. وقد لفتت انتباهي اشارة الزميل العزيز د. جمال عبد ناموس في تغريدة له ، ذكر فيها ان : ( احد المتخصصين بالإعلام الرقمي يقول: الشخص الذي ينشغل بهاتفه بوجود العائلة أو الأصدقاء يحتاج لطبيب نفسي.. حقيقة لا غبار عليها، فقد سلبنا الهاتف كل اواصر التواصل الاجتماعي الحقيقية وجعلنا نعتمد التواصل المزيف الذي لا روح فيه)وقد اعادتني تغريدة ناموس ، الى استذكار قول البروفيسور في جامعة ” إسيكس ” البريطانية جان ديشيليه ، الذي اكد في دراسة له معتمدة اكاديميا إن الهواتف الذكية أصبحت ذات تأثير سلبي على العلاقات الاجتماعية، بل إنها قادرة على تمزيق الروابط الزوجية، فالشبكات الاجتماعية يمكنها أن تهدد العلاقات، حيث تحقق الإشباع الفوري، وتمكن من تحقيق نجاح سريع في الولوج إلى المستجدات، وهي عوامل قد تقود إلى الإدمان.. حيث تشير الإحصائيات إلى أن المرأة أكثر إدمانا على الهواتف الذكية من الرجل، حيث تبلغ نسبة الإناث المدمنات على الهاتف الذكي واللاتي يخشين فقدان الهاتف أو نسيانه حوالي 70 بالمئة، و36 بالمئة منهن يملن إلى امتلاك أكثر من هاتف، وتزداد نسبة الإصابة بهذا الإدمان بين صفوف الفتيات اللاتي تتراوح أعمارهن بين 18 و25 عاما، وقد أكد في دراسته أن 70 بالمئة من النساء يجدن الهواتف الذكية أهم من أزواجهن .!نحمد الله ، ان الدراسة آنفة الذكر ، تحدثت عن واقع الحال في بريطانيا ، وليس عندنا ، فالزوجة العراقية ، تتمتع بحصانة مجتمعية ، وعندها الاسرة فوق اي اعتبار ، واذا كان هناك ، استثناء ، فلا يمكن اعتماده .لكن ذلك لا ينكران انشغال الكثيرين بالهاتف المحمول أثناء الحديث واثناء الطعام والجلوس وقيادة المركبات ، بات ظاهرة مزعجة ساهمت في ابعاد الناس عن بعضهم ، واصبح عادة مستفزة تثير الغضب لاسيما اثناء وجود افراد الاسرة مجتمعين ، ف(المشغولين) بالهاتف نجدهم في عالم آخر ، وكأنهم لا يعرفون بعضهم ، ويمكن للمرء ، ان يلاحظ ان التزاور بين الاشقاء واسرهم والاقارب في المناسبات المعروفة ، قلّ بشكل كبير وربما اضمحل ، وحل بدله التواصل إلكترونيا عن طريق الهاتف الخلوي ، وقد ادى ذلك الى حالة من العزلة الاجتماعية ، تعاني منها الأسر ، ولاسيما كبار السن من الاباء والامهات الذين هم احوج الناس الى التماسك الاجتماعي ، والاحساس بقيمة لقيا الابناء والاحفاد .نعم ان وجود الهاتف الخلوي في حياتنا نعمة ، فبواسطته تم تسهيل امور الحياة ، فهو قرب البعيد واختصر الكثير من الوقت والجهد ، لكنه بسبب ادمان الكثيرين به ، تحول الى نقمة في الهيكل الاسري وتمثل ذلك ، بتلاشي الحوار وانعدامه بين افراد العائلة واصبح عائقا في وجود حرارة وسلاسة المودة بين الاخوة والاخوات والاباء والامهات .في الختام ، اقول ، أن قضاء ساعات عدة يوميا لتبادل الرسائل النصية والدردشة باستخدام الهاتف المحمول ، بدلا من الاتصال وجها لوجه أمر محزن للغاية .. فهل انا على خطأ في رؤاي؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى