مقالات

الورطة.. وفرص المبادرة الكردية

فاتح عبدالسلام

في‭ ‬المعطيات‭ ‬العراقية‭ ‬المتداولة،‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬طرف‭ ‬مؤهل‭ ‬لتبني‭ ‬مبادرة‭ ‬سياسية‭ ‬توقف‭ ‬تداعيات‭ ‬الأزمة‭ ‬ولا‭ ‬أقول‭ ‬تنهيها،‭ ‬سوى‭ ‬الجانب‭ ‬الكردي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الحزبين‭ ‬الكبيرين‭ ‬في‭ ‬أربيل‭ ‬والسليمانية،‭ ‬ولاسيما‭ ‬ما‭ ‬يجري‭ ‬التعامل‭ ‬معه‭ ‬من‭ ‬جهود‭ ‬لزعيم‭ ‬الحزب‭ ‬الديمقراطي‭ ‬الكردستاني‭ ‬مسعود‭ ‬بارزاني‭ ‬،‭ ‬والزيارة‭ ‬المرتقبة‭ ‬لرئيس‭ ‬الإقليم‭ ‬الكردي‭ ‬نيجرفان‭ ‬بارزاني‭ ‬الى‭ ‬بغداد‭.‬ذلك‭ ‬انَّ‭ ‬اية‭ ‬مبادرة‭ ‬عراقية‭ ‬داخلية،‭ ‬تحتاج‭ ‬الى‭ ‬عناصر‭ ‬قوة‭ ‬وروابط‭ ‬مشتركة‭ ‬متينة‭ ‬مع‭ ‬ذوي‭ ‬الصراع‭ ‬السياسي‭. ‬والكرد‭ ‬لهم‭ ‬عناصر‭ ‬التأهيل‭ ‬النسبي‭ ‬المطلوبة،‭ ‬بما‭ ‬لديهم‭ ‬من‭ ‬تجربة‭ ‬سياسية‭ ‬كانت‭ ‬نواة‭ ‬التغيير‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬لولا‭ ‬أن‭ ‬افسدتها‭ ‬تداعيات‭ ‬الحرب‭ ‬الامريكية‭ ‬وخلطة‭ ‬بول‭ ‬بريمر،‭ ‬وما‭ ‬جاء‭ ‬بعدها‭ ‬من‭ ‬أحزاب‭ ‬دينية‭ ‬نهبت‭ ‬البلاد‭ ‬باسم‭ ‬الدين‭ ‬وصادرته‭ ‬ليبدو‭ ‬بحجم‭ ‬العُقد‭ ‬التاريخية‭ ‬المعشعشة‭ ‬في‭ ‬رؤوس‭ ‬أصحابها‭ ‬وليس‭ ‬بحجم‭ ‬العراق‭ ‬الذي‭ ‬تنظر‭ ‬اليه‭ ‬بقية‭ ‬بلدان‭ ‬العرب‭ ‬بوصفه‭ ‬منارة‭ ‬لا‭ ‬غنى‭ ‬عنها‭ ‬عبر‭ ‬التاريخ‭ ‬الحديث‭ ‬خاصّة‭. ‬‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬فشلت‭ ‬المبادرة‭ ‬الكردية‭ ‬الوشيكة،‭ ‬وهذا‭ ‬احتمال‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬رفع‭ ‬زعيم‭ ‬التيار‭ ‬الصدري‭ ‬مقتدى‭ ‬الصدر‭ ‬سقف‭ ‬المطالب‭ ‬ليزيح‭ ‬بعرضه‭ ‬الأخير‭ ‬الأحزاب‭ ‬المهيمنة‭ ‬على‭ ‬المشهد‭ ‬بعد‭ ‬احتلال‭ ‬العراق‭ ‬‮٢٠٠٣‬‭ ‬لتبدأ‭ ‬مرحلة‭ ‬سياسية‭ ‬جديدة‭ ‬تنهي‭ ‬الأزمة‭ ‬بحسب‭ ‬رأيه،‭ ‬وهي‭ ‬مطالب‭ ‬من‭ ‬المستحيل،‭ ‬بل‭ ‬من‭ ‬سابع‭ ‬المستحيلات‭ ‬ان‭ ‬توافق‭ ‬عليها‭ ‬القوى‭ ‬الشيعية‭ ‬في‭ ‬الإطار‭ ‬لأنها‭ ‬تعني‭ ‬النهاية‭ ‬السياسية‭ ‬والوجودية‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬البلاد‭. ‬من‭ ‬هنا‭ ‬تكون‭ ‬المهمة‭ ‬الكردية‭ ‬صعبة‭ ‬جدا،‭ ‬لكن‭ ‬لا‭ ‬بديل‭ ‬عن‭ ‬تحريك‭ ‬هذه‭ ‬المبادرة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الركود‭ ‬والانسداد‭.‬‭ ‬لعلّ‭ ‬الإقليم‭ ‬الكردي‭ ‬إذا‭ ‬وجد‭ ‬انَّ‭ ‬لا‭ ‬أمل‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬مصالحة‭ ‬نسبية‭ ‬بين‭ ‬التيار‭ ‬والإطار،‭ ‬فإنّ‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭ ‬سيدعوه‭ ‬الى‭ ‬تحريك‭ ‬ورقة‭ ‬انتخاب‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬بترتيبات‭ ‬جديدة‭ ‬تتيح‭ ‬نقل‭ ‬الوضع‭ ‬الى‭ ‬عتبة‭ ‬دستورية‭ ‬جديدة،‭ ‬تسمح‭ ‬بإعلان‭ ‬حكومة‭ ‬جديدة‭ ‬او‭ ‬التوافق‭ ‬داخل‭ ‬البرلمان‭ ‬مد‭ ‬عمل‭ ‬حكومة‭ ‬تصريف‭ ‬الاعمال‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬التوافق‭ ‬على‭ ‬حل‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬والذهاب‭ ‬الى‭ ‬انتخابات‭ ‬جديدة‭ ‬لطي‭ ‬صفحة‭ ‬المطالب‭ ‬الثقيلة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬قبول‭ ‬اقل‭ ‬الخيارات‭ ‬خسارة‭. ‬وبصراحة،‭ ‬حتى‭ ‬هذا‭ ‬الاحتمال‭ ‬صعب‭ ‬وخطير‭ ‬وقد‭ ‬يقود‭ ‬الى‭ ‬منزلقات،‭ ‬لا‭ ‬أحسب‭ ‬انّ‭ ‬الكرد‭ ‬بطبيعتهم‭ ‬الحذرة‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬يذهبوا‭ ‬اليه‭ ‬قبل‭ ‬استلامهم‭ ‬إشارات‭ ‬التطمين‭ ‬الداخلية‭.‬انّها‭ ‬ورطة،‭ ‬وهي‭ ‬نتيجة‭ ‬طبيعية‭ ‬لتراكمات‭ ‬من‭ ‬الانحرافات‭ ‬في‭ ‬تدبير‭ ‬شؤون‭ ‬البلاد،‭ ‬وحان‭ ‬وقت‭ ‬دفع‭ ‬استحقاقاتها،‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬الثمن‭ ‬غالياً‭.‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى