مقالات

انتفاضة تشرين العراقية تضيّع اهدافها

د. نصيف الجبوري

انتفاضة تشرين العراقية تضيّع اهدافهاعند انطلاق انتفاضة تشرين في اواخر عام 2019 كسبت نخبا وطنية عديدة من كل الاتجاهات السياسية. لقد حققت في اسابيعها الاولى اعظم انجاز نسف العملية السياسية التي ارسى اسسها الامريكان والايرانيون وحلفائهما في العراق. لقد قبرت الانتفاضة الطائفية حتى ان الطائفيون التكفيريون الذين جاءوا لاستبدال الحزب الواحد بالمذهب الواحد ركبوا موجة الانتفاضة وباتوا يتحدثون عن اغلبية سياسية وتناسوا المكونات التي قسموا فيها شعبنا الى شيعة وسنة واكراد وضيعوا هوية العراق العربية الاسلامية.تفاعل العراقيون مع الانتفاضة لكن النظام الذي تلبس بلبوس الوطنية تمكن من تحجيمها بوسائل عدة. فقد طارد الناشطين من خلال قواته ومليشياته الولائية واستخدم ضدهم القوة المفرطة من القتل والتعذيب والاغتيالات. اتهم قادة الانتفاضة بمحاربة المذهب وبالتالي رموهم بالالحاد والشيوعية واليسارية. منع تفاعل اهل المحافظات ذات الاغلبية السكانية السنية من المشاركة مع المنتفضين من اهل الوسط والجنوب من الاغلبية الشيعية. شراء ضمائر بعض قادتها من خلال اختيارهم كنواب او العمل مع الحكومة ومؤسساتها او كمستشارين لرئيس الوزراء او غيره.امام هذه التحديات العسيرة سواء في ممارسة الارهاب ضد الناشطين وتعذيبهم او وسائل الاغراء لشراء ضمائرهم. فقدت الانتفاضة بريقها وقربها من مطالب الشعب. لقد فرطت باهم شعار رفعته قبل حوالي عام ونصف وهو الطائفية. فعلى الرغم من نجاحها في الاسابيع الاولى من قبر الطائفية عمليا. لكنها تركت اساسها المقنن وهو الدستور وطالبت بترقيعه مثلما كان بعض الطائفيون يطالبون احيانا بذلك مدارات لمصالحهم الانية.لعل من الاخفاقات التي وقعت فيها قيادة الانتفاضة انها لم تلتحم مع مطالب الشعب العادلة في محاربة البطالة وبدا العمل في بناء الوطن بتشجيع طرح برنامج تنموي يعالج اساس تأخر العراق وعدم الاعتماد على النفط. كان من المفترض طرح خطة عراقية وطنية شاملة زراعية صناعية عمرانية لخلق فرص عمل مليونية لشعب يتسكع ويتفنن في قتل الوقت وتضييعه وبالتالي اخراج العراق من شعب مؤدلج طائفيا وحزبيا الى شعب عامل مثقف يحترم الزمن ويعمل لبناء مستقبله ومستقبل اولاده والاجيال القادمة.قبول قيادات الانتفاضة بوصفهم شيوعيين ملحدين معادين للدين وعلمانيين ضد الاسلام بعمومه قد اختزلت شعبيتهم وعزلتهم عن حضارة وتراث العراقيين. علما بان تلك التهم التي لم يكذبها قيادات الانتفاضة مما جعلت الكثير من النخب الوطنية الاسلامية غير المتحزبة ان تجمد تواصلها مع المنتفضين.ان عودة الحياة لانتفاضة تشرين لا تكون الا بالالتزام بمطلب اساسي كان سببًا أساسيا لنجاحها عند انبثاقها. وهو ضرورة الغاء الدستور والعمل على كتابته بروح عراقية وطنية. يجرم الطائفية ويلغي عراق المكونات الطائفية والعرقية ويمنع تاسيس احزاب على اسس دينية او طائفية. عندما تجري اقامة انتخابات حرة نزيهة تمنع مشاركة الاحزاب والشخصيات التي جاء بها الاحتلال الامريكي عام 2003 الى العراق.اخيرا وامام الحلقة المفرغة التي يدور فيها العراق من النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية والاخلاقية. لا مفر لاي حكومة وطنية قادمة من اقفال حدود العراق وعزله عن العالم الخارجي لمدة زمنية غير محددة. ليتسنى له بناء نفسه بنفسه. يتمكن فيما بعد من تنفيذ مشروعه الدستوري لكتابة قانون اساسي يكون بمثابة عقد اجتماعي دون تدخل من الدول الاجنبية الاقليمية والعالمية. كما ان البناء الاقتصادي بحاجة الى اعادة ترتيب شاملة بمناى عن المؤسسات العالمية التي ضاعفت وضخمت مديونيته. من المعلوم ان شبح الانهيار على كاهل شعبه واجياله القادمة يهدده كل يوم واحتمال الافلاس التام قائمً في كل لحظة. لذا ينبغي تحرير البلاد من هيمنة صندوق النقد الدولي والبنوك العالمية والشركات النفطية. تلك الموسسات التي سيطرت واستولت على مفاصل الاقتصاد العراقي وسيطرت على ثرواته. كما يجب ان لا ننسى البرنامج الاجتماعي الاخلاقي الذي يجب ان يركز على التسامح والانفتاح والصدق والامانة والاخلاص والوفاء والعلم والعمل لاعادة البرامج التعليمية والصحية ليكون اكثر انسانية ومتسامحة واخلاقية. هذه المواريث والثقافات والعادات منبثقة من عمق اصالة الشعب العراقي وحضارته العربية الاسلامية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى