مقالات

برهم صالح والدولة المقتدرة

برهم صالح والدولة المقتدرة – مازن صاحب

استمعت بتمعن شديد الى تكرار الرئيس برهم صالح لمصطلح ” الدولة المقتدرة ” خلال حضوره اعمال ملتقى بحر العلوم ومعهد العلمين ، ومع ان تفسيره للمصطلح لا يفرز غير عدم وجود إرادة سياسية مقتدرة لنفاذ القانون والحكم الرشيد ، تطرح السؤال عن تلك اليات المطلوبة للخروج من نموذج الدولة الفاشلة او الدولة المعوقة الى نموذج الدولة المقتدرة التي يشعر فيها (المواطن/ الناخب) بانه يركن الى نفاذ القانون والعدالة والانصاف المجتمعية وحصوله على منافع الدولة لاقتصادية بما يساوي في افرص ويحقق العدالة في الحقوق والواجبات، لا ان يركن سلوكه المجتمعي الى اللادولة بمظاهرها المختلفة .كذلك تأكيده على ان صناديق الاقتراع في انتخابات عادلة ونزيهة ومنصفة، الطريق الوحيد لهذا الانتقال من (مفاسد المحاصصة) الى (الدولة المقتدرة ) ومع الاعتراف الكامل بان 18 عاما كانت تترجم مخاوف ارث من التاريخ الدكتاتوري ربما ما بعد 1958 او 1979 فان هذا الإرث بات اليوم غير معروفا للجيل الجديد ما بعد 2003 الذي سيشارك في الانتخابات المقبلة ومن قبل ذلك شارك في الانتفاضة التشرينية، واذا اتفق مع فحوى المضمون لكني اتوقف عند مدخلات الوسائل وانماط التطبيق لهذا الانتقال:– هل ستركن الأحزاب والقوى التي ما زالت تتخوف من ارث الماضي البعيد الى اختيارات ناخب متخوف ويشعر بفجوة في الثقة بينه وبين جيرانه وبينه وين العملية السياسية برمتها؟؟– ام انها ستركن الى خطاب سياسي جديد، يغادر ذلك الإرث البعيد وينظر من خلاله الى المستقبل الواعد للدولة المقتدرة؟؟الإجابة على هذا التساؤلات الكبيرة ، يمكن اختصارها اذا سلمت النيات وكانت فعلا سائرة نحو الانتهاء من نظام ” مفاسد المحاصصة” ولكنه يبقى مفتوحا كحوت يبلع كل العراق، بل وربما هناك من يتهم هذا الكلام بكونه مجرد كلاما معسولا يراد به التعامل مع الانتخابات المقبلة التي تعد عند البعض تأسيسية لتغييرات تفرضها ظروف إقليمية ودولية ابرزها التشابك الدائر بين الموالين لإيران والولايات المتحدة من الأحزاب المتصدية للسلطة في داخل عملية مفاسد المحاصصة، مما أدى الى الصمت على الفساد السياسي لان الأولوية للأجندات الحزبية التي تناصر أي من طرفي الصراع على الأراضي العراقية ، ولا اولوية لمصلحة كيان الدولة التي غاب عنها حتى تعريف هويتها الوطنية بعد ان تقدمت الهويات الفرعية على الهوية الواحدة ومثل هذا الاتكال على المواطن المغيب وعيه أصلا عن مصالحة وطن في عراق واحد دولة جميع العراقيين، وانكفائه في حدود اجندات حزبية تقدم له المقنعة الوظيفية من خلال تزايد اعداد الموظفين في كل حملة انتخابية مما جعل اعداد موظفي الدولة في حالة لا تحسد عليها الموازنة العامة .مثل هذه المقارنة في توجيه دفة الانتقال الديمقراطي من الدولة الفاشلة الى الدولة المقتدرة التي يدعو لها السيد رئيس الجمهورية بكونه راع للدستور، تتطلب اشتراطات متعددة تبدأ باتفاق على حوار وطني من خارج العملية السياسية يشجع الأغلبية الصامتة على المشاركة في الانتخابات من اجل التغيير ، من دون ذلك لن يكون التغيير اكثر من إعادة تدوير ذات الوجوه السياسية بمسميات جديدة واشكال اثر ملائمة لخطاب متملق خلال فترة الانتخابات سرعان ما ينتهي الى الإمساك بحاسبة المحاصصة لإعادة توزيع المناصب الخاصة ما بعد الانتخابات ، فكيف يتم الانتقال الى الدولة المقتدرة ؟؟اعتقد مطلوب ان يرعى السيد رئيس الجمهورية نموذجا من خارج العملية السياسية سبق وان تمت مناقشته في (( مركز حلول للدراسات المستقبلية )) بعنوان ” مجلس الحكماء للحوار الوطني ” يتشكل من بيت خبرة لمراكز التفكير العراقية، يكون حريضا على إيجاد معادلات جديدة لإعادة بناء الدولة من خارج العملية السياسية ، وحينما يقتنع المواطن الناخب بهذه الطروحات الجديدة ، التي يمكن ان تتحول الى برامج انتخابية لمن يوافق عليها من الأحزاب ، ستكون من مهمات مجلس النواب الجديد انجاز هذا الانتقال عبر اليات محددة ضمن هذا المشروع الذي يتعامل مع مفردات تطبيقية وليس من اجل التنظير السياسي الاجوف بلا نتاج على الأرض يمكن للمواطن / الناخب ان يلتمسها ويشعر بأهميتها للوقوف امام صندوق الاقتراع والتصويت من اجل التغيير الى الدولة المقدرة .من دون هذا الوضوح في خارطة طريق محددة المعالم لعملية الانتقال وخطوات التطبيق ونوع الالتزامات ومشروعية هذه الخطوات، بما يحقق معايير الحكم الرشيد والمواطنة الفاعلة، سنبقى ندور في سؤال بلا اجابة، هل المواطنة العراقية وفق الدستور العراقي الوضعي النفاذ ام وفق التكليف الشرعي بمفهومي البيعة والتقليد؟وحينما تكون اغلبية أحزاب الاستلام السياسي هي المهيمنة على صناديق الانتخابات، فان عملية الانتقال تتطلب الإجابة أولا على هذا السؤال ، ناهيك عن وضع خطة مبرمجة لمعادلة المساواة بين المنفعة الخاصة للمواطن / الناخب والمنفعة العامة للدولة بلا تدخل من الأحزاب ، مثل هذه العدالة والانصاف في توزيع الثروة العامة للدولة، تجعل المواطن يفهم معنى الوقوف امام صندوق الاقتراع من اجل التغيير اما الواقع الحالي من الفساد السياسي المقنن والذي يزاد عليه بقانون للعفو ، الا انه افضل ان ينتظر امراء الطوائف السياسية ثورة الجياع وعندها جنت على نفسها براقش اهل الحكم، ويبقى من القول لله في خلقه شؤون!!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى