مقالات

بعد مائة يوم.. حكومة الإطار بحاجة لمائة يوم أخرى

خالد الدبوني

مثلما كان متوقعاً لم يتضّح تقييم أداء حكومة السيد السوداني بالنجاح أو الفشل بعد انتهاء المائة يوم الأولى من عمرها، نظراً للأزمات والمشاكل المتراكمة والمزمنة التي تعصف بالبلد منذ سنوات طويلة، إلا أن السيد السوداني لم يتعرض لأي ضغط سياسي معارض وربما هذه المرة الأولى التي تعمل بها حكومة عراقية بوجود برلمان داعم لها بالمطلق، ولا توجد أي معارضة سياسية سواء داخل أو خارج البرلمان تحاسب أو تعرّقل عملها!. ولذلك نرى أن السيد السوداني لم يستعجل باجراءات انفعالية لمعالجة المشاكل العالقة وفضّل الاجراءات التي تؤدي إلى إصلاح طويل الأمد كما يحدث الآن بالعمل وفق المعايير الدولية في تحويل العملة العراقية . كما وأبعد السيد السوداني نفسه وحكومته عن الصراعات التي تدور في مجلس النواب، وهناك مجموعة اجراءات أخرى صحيحة ولكن كلها تنتظر نتائج متوسطة الأمد.

بالتأكيد المواطن البسيط لا يلمس من الحكومة أي تغييرعن الحكومات السابقة، فعلى سبيل المثال توزيع المناصب كان حسب معيار المحاصصة بل وأوغلت في تعيينات المستشارين والدرجات الخاصة وذلك كان إجراءً مستفزاً للمواطن الباحث عن مشهد مختلف للعملية السياسية. الفيصل في تقييّم أداء السيد السوداني هو البرنامج الحكومي الذي ألزّم نفسه به أمام الشعب، وإذا قارنا بين الوعود وتنفيذها فالمخرجات هي كالتالي: في الملف الاقتصادي لم يكن تعامله مع أزمة تدهور الدينار بالمستوى المطلوب وفشل في تلبية إحدى أهم فقرات البرنامج الحكومي بإعادة سعره السابق . وهو لم يحسم لحد الآن ملف الموازنة رغم تعهده بإنجازها منذ شهرين وهنا يبرز تحدّ أكبر وهو قرار المحكمة الاتحادية ضد الإقليم وتبعاته على ما تم الإتفاق عليه داخل الكتلة السياسية التي منحته المنصب (تحالف ادارة الدولة) بخصوص العلاقة بين بغداد وأربيل وملف النفط والغاز. والسيد السوداني وعد عند توليه منصبه، (مثلما فعل أسلافه من قبل)، بـ”محاربة الفساد بقوة”، إلا أن هذه المحاربة لم تتمكن حتى الآن من إحراز أي تقدم. وللأسف استمرت التعيينات بالوكالة في المناصب الوزارية رغم إصدار الحكومة للكثير من القرارات للإيفاء بوعودها، لكن حتى الآن لم تدخل هذه القرارات حيز التنفيذ.

أمّا على صعيد الملف الأمني فهو أبقى على وضع الفصائل المنفلتة (اللادولة) على حالها مستمرة بتنفيذ الهجمات على كوردستان ومن خلال المناطق القريبة من الإقليم وهذا يقودنا للحديث عن وعود رئيس الوزراء بتنفيذ اتفاقية تطبيع الأوضاع في سنجار بالاتفاق مع حكومة إقليم كوردستان، وتخصيص موازنة كافية لتعويض المتضررين جراء العمليات الإرهابية والعسكرية بموجب القانون النافذ، مع معالجة ملف الفراغ الأمني في المناطق الإدارية بين إقليم كوردستان وباقي المحافظات .

ملف السياسة الخارجية وعلى المستوى الدولي، يبدو أن حكومة السوداني لا تزال بحاجة إلى وقت أكثر لمعرفة مدى إمكانيتها في النجاح بهذا الملف، خصوصاً وأن السوداني جاء من رحم تحالف سياسي لديه تقاطعات كبيرة مع الفاعلين في الجانب الدولي الغربي والعربي، تحسب له زياراته القصيرة لدول التحالف الغربي ومن المبكر بالتأكيد ملامسة نتائج هذه الزيارات .

وبما أن الصراع الإقليمي هادئ في الوقت الحاضر فيجب أن يستغله دولة الرئيس بالعمل على تفاهمات وتنسيق بين الأطراف الإقليمية المتصارعة على أرضنا في كوردستان لإبعاد العراق عن هذا الصراع وتجنيب شعبنا المزيد من المآسي في أي حروب قادمة . أخيراً يبرز السؤال الأهم .. إلى متى سينتظر الشعب العراقي؟ فالمخاطر التي تواجه الحكومة تعتمد على ثقة الشعب بنتائج اجراءات الحكومة وصبره عليها، مع الأخذ بعين الاعتبار هدوء شباب تشرين والتيار الصدري وبقية المعارضة الصامتة حاليا ولكن إلى حين..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى