مقالات

بغداد تترهل كعجوز

بغداد تترهل كعجوز – نوزاد حسن

كان احد اخوتي يقول مازحا:لو نقلوا باب المعظم الى باريس فسأسافر انا خلف باب المعظم.ويقصد اخي أنني اعشق بغداد بحيث لا استطيع مفارقتها.وقد عشت في الاقليم اربعة اعوام عدت بعدها من جديد لأسكن في هذه المدينة. اتذكر وانا اكتب هذه الكلمات جبرا ابراهيم جبرا ذلك البغدادي القح الذي لم يجد عشا لترحاله افضل من بغداد التي بقي فيها حتى مماته.كان جبرا يحلم بأن بغداد ستنافس باريس ولندن وستكون واحدة من عواصم الدنيا المهمة.هكذا كان يأمل واظنه قد اخطأ في كل ما قال.ولا يوجد هناك ما هو اكثر سخرية من مثقف حين يحلم ولا يتحقق شيء من حلمه. لم تعد بغداد كما كانت في السابق.لقد ترهلت مدينة جبرا,ضاقت شوارعها بسيارات من كل نوع,واقتحم التكتك هذه الالة المتوترة فراغات يسير فيها عابرون تاهوا في موجة زحام مدمر.واكتست بيوتها بطبقة من غبار,يشوبه دخان من لهاث المولدات التي نصبت في كل شبر هنا وهناك. مدينة صاخبة بلا معنى.لا نرى فيها نسمة هواء نظيفة.مواسمها فقدت ملامحها بألكامل بحيث صار للخريف سخونة صيف يفرض ارادته على الفصول جميعا.حر الصيف هو السيد.بغداد سائرة الى فصل واحد سينهي عمر الفصول الثلاثة الاخرى. احزن لكل ما حدث.وافكر كيف وصلنا الى هذه الحال والوضع المزري.ولو عاد جبرا الى الحياة لسخرت منه,ولقلت له:انت اخطأت.وانا لم اعد عاشقا لهذه المدينة الميتة التي تترهل يوما بعد يوم.تختفي اشجارها,وتمتد البيوت الصغيرة التي تكشف عن حجم الفقر الذي يعيش فيه اهلها.بيوت تبنى بلا رؤية على عجل ليحبس فيها الاطفال كأصغر سجناء في العالم. انا سجين في صورة طليق.اسجن حين استمع الى صوت المولدة,واسجن حين اسير في الشارع,واسجن حين اجلس في المقهى,وحين اجلس في السيارة.وحين اراجع الطبيب وحين اقرأ.السجن هو شعور خفي بعدم الراحة.بغداد تترهل كعجوز – نوزاد حسنكان احد اخوتي يقول مازحا:لو نقلوا باب المعظم الى باريس فسأسافر انا خلف باب المعظم.ويقصد اخي أنني اعشق بغداد بحيث لا استطيع مفارقتها.وقد عشت في الاقليم اربعة اعوام عدت بعدها من جديد لأسكن في هذه المدينة. اتذكر وانا اكتب هذه الكلمات جبرا ابراهيم جبرا ذلك البغدادي القح الذي لم يجد عشا لترحاله افضل من بغداد التي بقي فيها حتى مماته.كان جبرا يحلم بأن بغداد ستنافس باريس ولندن وستكون واحدة من عواصم الدنيا المهمة.هكذا كان يأمل واظنه قد اخطأ في كل ما قال.ولا يوجد هناك ما هو اكثر سخرية من مثقف حين يحلم ولا يتحقق شيء من حلمه. لم تعد بغداد كما كانت في السابق.لقد ترهلت مدينة جبرا,ضاقت شوارعها بسيارات من كل نوع,واقتحم التكتك هذه الالة المتوترة فراغات يسير فيها عابرون تاهوا في موجة زحام مدمر.واكتست بيوتها بطبقة من غبار,يشوبه دخان من لهاث المولدات التي نصبت في كل شبر هنا وهناك. مدينة صاخبة بلا معنى.لا نرى فيها نسمة هواء نظيفة.مواسمها فقدت ملامحها بألكامل بحيث صار للخريف سخونة صيف يفرض ارادته على الفصول جميعا.حر الصيف هو السيد.بغداد سائرة الى فصل واحد سينهي عمر الفصول الثلاثة الاخرى. احزن لكل ما حدث.وافكر كيف وصلنا الى هذه الحال والوضع المزري.ولو عاد جبرا الى الحياة لسخرت منه,ولقلت له:انت اخطأت.وانا لم اعد عاشقا لهذه المدينة الميتة التي تترهل يوما بعد يوم.تختفي اشجارها,وتمتد البيوت الصغيرة التي تكشف عن حجم الفقر الذي يعيش فيه اهلها.بيوت تبنى بلا رؤية على عجل ليحبس فيها الاطفال كأصغر سجناء في العالم. انا سجين في صورة طليق.اسجن حين استمع الى صوت المولدة,واسجن حين اسير في الشارع,واسجن حين اجلس في المقهى,وحين اجلس في السيارة.وحين اراجع الطبيب وحين اقرأ.السجن هو شعور خفي بعدم الراحة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى