تقارير وتحقيقات

تأثير الفصائل المسلحة على اقتصاد العراق في ظل الازمات الراهنة

م.م لمى كريم خضيرالجامعة المستنتصرية كلية العلوم السياسيةماجستير/ قسم النظم السياسية والسياسات العامة

بعد ان تزايدت التدخلات في الشأن العراقي وتدميرها لأمنه واقتصاده كان لابد لنا من توضيح مراحل هذه التدخلات والقوات المسلحة التابعة لها وكيفية استغلالها كغطاء لعملياتها التخريبية, وكيف نفذت هذه الجماعات الى داخل الحكم في العراق عن طريق جهات مساندة و تعد الداعم الأكبر لها, وكيف استغلت قوات الحشد الشعبي المساندة للقوات العراقية في معاركه ضد تنظيم (داعش) الإرهابي وحصولها على مراكز في الحكم وتأطير نفسها قانونياً بعد قرار ضم قوات الحشد الشعبي الى القوات المسلحة العراقية بأمر رئيس الوزراء (حيدر العبادي) ولكن بقيت مجاميع منها خارجة عن القانون تدعم من قبل ايران وتنتهك معايير الامن الداخلي.

وبسبب هذه التدخلات المدعومة خارجياً أصيب اقتصاد العراق بالعجز شبه التام واعتماده بشكل كبير جداً على المنتجات الإيرانية غير النفطية, واستغلت ايران العراق كمنفذ لسد العجز الحاصل في اقتصادها بسبب العقوبات الامريكية عليها, فكان الواقع الاقتصادي والأمني في العراق وخاصةً خلال ازمة جائحة (كورونا) منهار تماماً امنياً واقتصادياً وصحياً, وعلى الرغم من كل ذلك استمرت هذه التدخلات واغتيل بسببها العديد من الشخصيات البارزة في المجتمع العراقي كان من بينها الباحث في الشؤون الأمنية والإستراتيجية والجماعات المتطرفة (هشام عبد الجبّار الهاشمي).

لذا سنقسم هذا البحث – فضلاً عن المقدمة والخاتمة – على المباحث الآتية:

المبحث الأول: مراحل صعود الجماعات المسلحة وتأطيرها قانونياً في العراق:

المبحث الثاني: التأثيرات الإيرانية على اقتصاد العراق:

المبحث الثالث: الواقع الاقتصادي والأمني العراقي في ظل ازمة كورونا ونتائجها:

المبحث الأول: مراحل صعود الجماعات المسلحة وتأطيرها قانونياً في العراق:

المطلب الأول: مراحل صعود الجماعات المسلحة:

كي نفهم بطريقة أسهل التحدّي الذي يواجهه العراق في إعادة تثبيت سلطة الدولة، يجب إلقاء نظرة على صعود الميليشيات , يمكن تقسيم نمو تلك الميليشيات قبل حزيران/يونيو 2014 إلى ثلاث مراحل:

المرحلة الأولى:- كانت قبل العام 2003: عندما دعمت إيران سلسلة من الفصائل الإسلامية في سياق حربها مع العراق خلال الحكم السابق, وقد كانت كل تلك الفصائل منبثقة، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، عن حزب الدعوة الذي يُعد التنظيم الأم لجميع الإسلاميين الشيعة، والذي تأسّس في العام 1958 ويتولّى رئاسة الوزراء في العراق منذ العام 2005, الفصيل الأقوى بينها كان منظمة بدر، الجناح المسلّح لما يُعرَف الآن بالمجلس الأعلى الإسلامي العراقي, في حين أن المجلس كان أداة بيد إيران في تلك المرحلة، حافظت بعض الفصائل، مثل حزب الدعوة، على شيء من الاستقلال عن إيران.

المرحلة الثانية:- من نمو الميليشيات كانت بعد العام 2003: الميليشيا الأساسية التي تحدّت منظمة بدر كانت جيش المهدي، الجناح المسلّح للتيار الصدري, لقد انبثق الصدريون عن تيار أنشأه (محمد صادق الصدر) الذي أصبح نجله (مقتدى الصدر) رمزاً للتيار, خلال الحرب الأهلية في 2005-2006، حارب البدريون والصدريون على حد سواء بعدد من الاغتيلات والعمليات الإرهابية, وفي جانب أساسي، أتاح تقدّم منظمة بدر على صعيدَي القوة العسكرية والتنظيم، للمجلس الأعلى الإسلامي العراقي الحصول على حصة أكبر من حجمه في الانتخابات، وقد تسلّل عدد كبير من عناصر منظمة بدر إلى الأجهزة الأمنية, وبات العراقيون يربطون الصدريين بالإجرام، ماأثار رد فعل قوياً ضدهم سمح لرئيس الوزراء نوري المالكي بأن يُقدّم نفسه في صورة القومي عبر خوض حرب ضد الصدريين في العام 2008.

أما المرحلة الثالثة:- في نمو الميليشيات فبدأت في العام 2010: وتمحورت حول الانتخابات النيابية, على الرغم من أن ائتلاف دولة القانون برئاسة المالكي فاز بغالبية من الأصوات في المناطق الشيعية، حقّق ائتلاف العراقية العلماني الذي يتألف في شكل أساسي من الطائفة السنّة، أكثرية ضئيلة على الصعيد الوطني, تحوّل المالكي نحو إيران للحصول على المساعدة، فكانت هذه بداية تحالف بين الطرفَين, على الرغم من أن كلاً من الولايات المتحدة وإيران دعم المالكي، لكن إيران فقط استخدمت إعادة انتخابه لتشكيل تحالف مستمر معه.

المطلب الثاني: تأطير المجاميع المسلحة قانونياً:

الفرع الأول: في مرحلة حكم (نوري المالكي)

رعى المالكي ميليشيات متعددة، برز في شكل أساسي ارتباطه بمجموعتين اثنتين:

تمثل الارتباط الأول في تحالف جديد مع منظمة بدر بقيادة (هادي العامري) الذي وضع مقاعد المنظمة في مجلس النواب بتصرّف المالكي في العام 2010، وانشق رسمياً عن المجلس الأعلى الإسلامي في العام 2011، وانضم إلى ائتلاف (المالكي) في انتخابات المحافظات في العام 2013.

أما الارتباط الثاني والذي يحمل مضامين أبعد فتمثل في رعاية المالكي (لعصائب أهل الحق) المنبثقة عن التيار الصدري والتي لم يكن لها حضور قوي قبل أن تبدأ إيران بدعمها, ففي العام 2010، كانت لاتزال مجموعة صغيرة، لكن حضورها أصبح واضحاً في بغداد خلال ولاية (المالكي) الثانية (من كانون الأول/ديسمبر 2010 إلى أيلول/سبتمبر 2014). يبدو أن (كمال الساعدي) النائب عن ائتلاف دولة القانون، يؤمّن الارتباط السياسي بين المالكي والمجموعة؛ في عرض عسكري نظّمته عصائب أهل الحق في حزيران/يونيو 2012، ألقى (الساعدي) كلمة حذّر فيها من أن (المالكي) هو هدفٌ لمؤامرة تستهدف العراق برمته, ثم شارك في فعاليات مماثلة أقامتها عصائب أهل الحق في أيار/مايو 2013.

بعد ذلك، أنشأ المالكي الحشد الشعبي، وقد عرض المالكي نحو 750 دولاراً في الشهر على المتطوعين تشمل الراتب وتعويض المخاطر وبدل الطعام، مع العلم بأنه خلال الجزء الأكبر من العام 2014، لم يحصل سوى قلة من المتطوعين على رواتبهم وهمش الغالبية من المتطوعين في الحشد الشعبي.

الفرع الثاني: في مرحلة حكم (حيدر العبادي): عند تتبع سيطرة المجاميع المسلحة منذ بدايتها كانت الخطوة الأقوى التي قام بها رئيس الوزراء ( حيدر العبادي) لإخضاع قوات الحشد الشعبي تمثلت في التصويت داخل مجلس الوزراء في 7 نيسان/أبريل الجاري الذي وضع تلك القوات رسمياً تحت سلطته بوصفه القائد الأعلى للقوات المسلحة، بحسب ماينص عليه الدستور العراقي, وتتعزّز هذه السطة من خلال نفوذ المال، بما أن الحكومة هي التي تُخصّص أموالاً من الموازنة لتسديد رواتب عناصر قوات الحشد الشعبي, وقد يتم أيضاً تعزيزها بواسطة التشريعات، على غرار مشروع قانون “الحرس الوطني”، الذي من شأنه أن يمنح هيكلية قانونية لقوات الحشد الشعبي ويؤدّي إلى إنشاء وحدات من عناصر مجنَّدين محلياً في المحافظات كافة, الشيعية والسنية، مايضع السلطة في أيدي رئيس الوزراء, بيد أن هذا المشروع يواجه عرقلة في مجلس النواب، والشرعية الوحيدة التي تتمتع بها قوات الحشد الشعبي حالياً مستمدة من إدراجها في الموازنة وتخصيص أموال لها, فليس هناك من قوانين تنظّم هيكليتها أو هرميتها القيادية مثلاً.

المبحث الثاني: التأثيرات الإيرانية على اقتصاد العراق:

المطلب الأول: ثأثير المليشيات المسلحة التابعة لإيران على الاقتصاد.

سعي طهران، التي بات مستقبلها الاقتصادي على المحك، إلى الحفاظ على تأثيرها في العراق وزيادته عبر الاستثمار في مخططات ومشاريع على صلة بالقوى شبه العسكرية الموالية لها.

في وقت تتعرّض فيه المصالح الاقتصادية الإيرانية للتهديد بسبب المحاولات السعودية الآيلة إلى تطوير تعاون اقتصادي مع العراق، واحتمال تجدُّد العقوبات بعد الانسحاب الأميركي من خطة العمل المشتركة الشاملة، تركّز إيران بصورة مطردة على تأمين وصولها إلى السوق العراقية، وهي ثاني أكبر مستورِدة للسلع الإيرانية غير النفطية, واقع الحال هو أن نجاح تحالف الفتح الذي يقوده (هادي العامري) ويرتبط بطهران، والذي حلّ ثانياً بعد تحالف “سائرون” بقيادة (مقتدى الصدر) في الانتخابات البرلمانية العراقية في 12 أيار/مايو، يُقدّم لطهران ورقة ضاغطة تُمكّنها من فرض سياسي عراقي موالٍ لها في منصب رئاسة الوزراء.

لقد أفادت تقارير أن اللواء الإيراني (قاسم سليماني) ، من الحرس الثوري الإسلامي، يقوم بجولات مكّوكية على السياسيين في بغداد من أجل محاولة ضم تحالف فتح في إطار ائتلاف برلماني واسع, لكن حتى منذ ما قبل الانتخابات تضغط طهران بغية تعزيز مكانة شبكاتها المؤلفة من قوى شبه عسكرية موالية لها في البلاد، لجملة أسباب منها ترسيخ سيطرتها على السياسة الاقتصادية العراقية التي لا تمارس طهران تأثيراً كبيراً عليها بالمقارنة مع تأثيرها في السياسة الأمنية والوطنية.

المطلب الثاني: القوى الناعمة الإيرانية للاستحواذ على الاقتصاد العراقي:

بالإضافة الى ذلك، تسعى طهران إلى الإنفاق على مخططات اقتصادية من شأنها المساهمة في الحفاظ على نفوذها في العراق عبر المساعدة على إنشاء مؤسسات اقتصادية مرتبطة بالقوات شبه العسكرية الموالية لإيران داخل وحدات الحشد الشعبي، مثل عصائب أهل الحق، وحركة حزب الله النجباء، فضلاً عن تطوير برامج الرعاية القائمة عبر القيام بذلك، تأمل طهران بتكرار تجربة الباسيج، أي الجناح التطوعي شبه العسكري في الحرس الثوري الإسلامي، الذي أدّى دوراً كبيراً في عملية إعادة الإعمار الداخلية بعد الحرب الإيرانية-العراقية من خلال منظمة “جهاد سازندكي” الشهيرة.

لقوات الباسيج، التي استوحيت منها هيكلية قوات الحشد الشعبي العراقية، مكوِّن اقتصادي مهم يتيح لها التمتع باكتفاء اقتصادي أكبر، ما يجعلها أكثر قدرةً على الصمود في مواجهة النظام الاقتصادي العالمي الخاضع لسيطرة الولايات المتحدة.

وعلى غرار تجربة حزب الله، أنشأت القوات شبه العسكرية الموالية لإيران مؤسسات صغيرة في العراق، لا سيما مؤسسة شهداء أهل الحق التابعة لعصائب أهل الحق، والتي تؤمّن المساعدات لعوائل عناصر عصائب أهل الحق الذين يلقون مصرعهم في المعارك, في لبنان، تسببت هذه الكيانات بترسيخ التبعيات المحلية عبر تعزيز شبكات المحسوبيات، غير أن نطاقها بقي محصوراً بفعل انعدام الفرص الاقتصادية نسبياً في البلاد.

أما في العراق الغني بالنفط، فمن الممكن أن تعمد الأجهزة الحكومية إلى التعاقد مع هذه المؤسسات من الباطن لإنجاز مشاريع، ما يساهم في تعزيز حجمها وإمكاناتها.

في استشراف للمستقبل على المدى الطويل، تأمل إيران بأن تتيح “الطاقات الاقتصادية العالية” التي يتمتع بها العراق، نظراً إلى موارده النفطية، وأهميته الثقافية، وحاجته إلى إعادةالإعمار، للمنظمات الإيرانية ممارسة القوة الناعمة عن طريق استخدام خبراتها التقنية لتوسيع الانخراط الاقتصادي لهذه الكيانات العراقية شبه العسكرية، التي ستصبح بالتالي أكثر تنافسية من المنظمات الأخرى.

تأمل إيران بأن تتمتع هذه الكيانات، بسبب الحوكمة السيئة في العراق، بسطوة أكبر تتيح لها التأثير في السياسة الاقتصادية لمصلحة المصدّرين والمستثمرين الإيرانيين على حساب شركات دولية أخرى لا تخوض معها الشركات الإيرانية منافسة فعلية في السوق في الوقت الراهن.

يقول (حميد حسيني)، رئيس غرفة التجارة الإيرانية-العراقية المشتركة، “إن إيران تتطلع إلى زيادة صادراتها غير النفطية إلى العراق من عشرة مليارات دولار راهناً إلى نحو 15 مليار دولار في غضون العامَين المقبلين” لكن إلى جانب المشكلات المصرفية الثنائية الناجمة عن محدودية الوصول إلى عملات أطراف ثالثة مثل الدولار، تواجه الصادرات الإيرانية إلى العراق تعرفات مرتفعة وقيوداً على الكميات المسموح بتصديرها, غالباً ما يلمّح المسؤولون عن القطاع التجاري في إيران إلى أن السياسات التجارية التي تفرض راهناً حدوداً على الصادرات إلى العراق، تقع خارج نطاق التأثير الإيراني نظراً إلى أن المؤسسات الحكومية والوزارات العراقية موزَّعة على طيف واسع من الأفرقاء السياسيين المختلفين إلى درجة أن التأثير في السياسات يقتضي امتلاك روابط مع مجموعة واسعة من الأفرقاء.

قد يشجّع الدمج الفضفاض لهذه المؤسسات أو الكيانات في هيكلية الدولة، مثلاً تحت مظلة من المؤسسات العراقية المستقلة المعنية بإعادة الإعمار والمدعومة من الحكومة – قد يشجّع إذاً الحكومة العراقية على فتح الباب أمام الكيانات الاقتصادية العراقية الرديفة، التي سيكون عدد كبير منها مرتبطاً بطهران، من أجل تسهيل قدرتها على المساهمة في إعادة الإعمار, وتحت تأثير الضغوط من القوى شبه العسكرية المدعومة من إيران، قد يشمل ذلك خفض التعرفات على استيراد مواد البناء من إيران أو، على نحو أهم، الاستعانة بخدمات هندسية إيرانية، الأمر الذي من شأنه أن يساهم في تعزيز الاستثمارات وزيادة الصادرات إلى السوق العراقية، وتوفير مزيد من الفرص للمؤسسات والشركات المرتبطة بالحرس الثوري الإسلامي والباسيج من أجل أداء دور استشاري محوري لدى الكيانات العراقية الشقيقة، ما يُفضي إلى تعزيز التأثير الإيراني غير العسكري في البلاد.

تبذل إيران جهوداً بغية إعادة تكوين الحيّز المؤسسي بصورة تدريجية، وذلك عن طريق العمل باطراد على منح الأفرقاء السياسيين والأمنيين الموالين لها سلطات اقتصادية جديدة, قد يُتيح تعزيز نفوذ القوى شبه العسكرية المرتبطة بطهران في البرلمان والحكومة العراقيَّين، قطع أشواط إضافية في هذا الاتجاه.

المبحث الثالث: الواقع الاقتصادي والأمني العراقي في ظل ازمة كورونا ونتائجها:

المطلب الأول: الواقع الاقتصادي والأمني العراقي في ظل ازمة كورونا:

إن التهديد المستمر للعقوبات الأميركية يتوعد بمزيد من زعزعة استقرار الاقتصاد العراقي الهش الذي يواجه صراعاته العميقة بسبب كورونا وتراجع أسعار النفط, على مر سنوات عديدة، كانت الولايات المتحدة تضغط على العراق للتخلي عن إمدادات الطاقة الإيرانية. لكن واشنطن زادت هذا الضغط مؤخرا من خلال تقصير فترة الإعفاء من العقوبات الأخيرة إلى 30 يوما فقط قبل أن تبدأ في فرض العقوبات على واردات العراق من الغاز الطبيعي الإيراني, ومن المرجح أن يكون الهدف هو إرغام العراق على استبدال جميع وارداته من إيران على مدى السنوات الثلاث المقبلة، خاصة بالنظر إلى أن استهلاك العراق من واردات الغاز الإيراني ارتفع بالفعل من 24% إلى 31% بين 2018 و2019. وعلى خلفية انتشار وباء كورونا، فإن القيود المتنامية التي تفرضها واشنطن لتخليص العراق من النفوذ الإيراني لا تساهم إلا في مزيد من إغراق اقتصاد البلاد والحكومة في حالة من الفوضى.

ومع ذلك، فإن خفض هذا الاستهلاك بشكل كبير سيتطلب استثمارات دولية ضخمة، بالإضافة إلى زيادة استحواذ العراق على الغاز الطبيعي لتحسين الاقتصاد والاستفادة من إنتاجه المحلي.

رغم توجيه كورونا ضربة قوية للاقتصاد العراقي، فإن المخاوف بشأن احتواء تفشي المرض في البلاد تمنح بغداد هدنة من الموجة الأخيرة من الاحتجاجات المناهضة للحكومة, ويفسر ذلك ببقاء المزيد من الأشخاص في منازلهم خوفا من الإصابة أو نشر العدوى، حيث خرج عدد أقل بكثير من العراقيين إلى الشوارع في الأسابيع الأخيرة للتعبير عن شكاواهم من بغداد, ولكن بعد أن تبدأ الأزمة الصحية الفورية في التلاشي، ومع ظهور النقص الحاد في المياه والكهرباء في العراق مرة أخرى خلال فصل الصيف، يرجح أن تعود المظاهرات مجددا.

المطلب الثاني: نتائج التدخلات في الشأن العراقي:

وإذا كثفت الولايات المتحدة حملة القصف ضد كتائب حزب الله أو غيرها من المليشيات العراقية المدعومة من إيران، فقد تخاطر بعد ذلك بظهور مزيد من الاحتجاجات في العراق من خلال تأجيج غضب العراقيين الذين سئموا من الوقوع بين تبادل إطلاق النار بين الولايات المتحدة وأذرع إيران بالوكالة.

وخير مثال على ضحية هذا الصراع بين ايران وامريكا هو المؤرخ والباحث في الشؤون الأمنية والإستراتيجية والجماعات المتطرفة، ومختص بملف تنظيم داعش وأنصارها (هشام عبد الجبّار الهاشمي), الذي اغتاله ثلاث مسلحين هشام بإطلاق النار عليه وهو داخل سيارته وكانوا راكبين دراجاتهم النارية، وجرت العملية أمامَ بيته بمنطقة زَيُّونة في العاصمة بغداد في مساء 6 يوليو 2020.

وكان الهاشمي قد رُويَ عنه أنه تلقّى تهديداً متكرراً من أحد منتسبي كتائب حزب الله يدعى (أبو علي العسكري)، الذي توعّده قائلاً “سوف أقتلك في منزلك”.

وانتقد الهاشمي (أبو علي العسكري) واسمه الحقيقي هو (حسين مؤن) باعتباره مسؤولاً عن “أزمات سياسية بين مؤسسات الدولة العراقية الرسمية وخلايا وشبكات اللادولة المسيطرة على الدولة العراقية”.

یوم الثلاثاء 7 يوليو 2020، شيع عشرات المتظاهرين الراحل هشام الهاشمي بجنازة رمزية غاضبة في ساحة التحرير وسط العاصمة العراقية، بغداد، هتفوا فيها “حزب الله عدو الله”، وطالبوا خلالها الحكومة بالقصاص من قتلة الهاشمي.

ولأكثر من ساعتين، طافت جنازة رمزية للهاشمي ساحة التحرير، مركز اعتصامات بغداد، على أكتاف المتظاهرين في مشهد حزين وغاضب في الوقت نفسه.

وأيضا ورفع المشيعون الغاضبون صورا للمرشد الأعلی الإيراني علي خامنئي والدماء تسيل من فمه وعليها عبارة “خامنئي قاتل”، محملينه المسؤولية عن عمليات الاغتيال التي تقوم بها الميليشيات المدعومة إيرانيا.

الخاتمة:

انتج و-سينتج- عن هذا التدخل بالشأن العراقي خسائر كبيرة في الأرواح والأموال ضحيتها الوحيدة هو الشعب العراقي بسبب تخاذل حكوماته المتعاقبة وسماحها بهذه التدخلات, فضلاً عن سيطرة الجماعات الخارجة عن القانون التي تعد اذرع ايران في الداخل وتدميرها لامنه الداخلي وتشتت وسرقة اقتصاده, وأوضحت ازمة كورونا هذا الخلل بشكل كبير بسبب انخفاض أسعار النفط عالمياً الذي يعد الممول الوحيد لاقتصاد العراق, وغيره من المنتوجات الأخرى المختلفة كان يفرض استيرادها من ايران على الرغم من توفرها محلياً ولكن لايوجد دعم من قبل الحكومة للمنتج المحلي, مما زاد واستياء الشعب العراقي بشكل كبير بسبب الفقر والتهميش وشوء الخدمات وانعدام الامن وحالات الاختيلات المتكررة.

المصادر:1. https://web.archive.org/web/20200707133158/https://www.alhurra .com/iraq/2020/07/072. اغتيال المحلل السياسي العراقي هشام الهاشمي. اطلع عليه بتاريخ, 2020-07-063. تامر بدوي: تعزيز النفوذ الاقتصادي الإيراني في العراق, على الموقع الالكتروني : https://carnegieendowment.org/sada/764374. حرة 07 يوليو 2020 “خامنئي قاتل” و”حزب الله عدو الله”.. جنازة ثورية للهاشمي في التحرير 2020-07-08, https://www.alhurra.com/iraq/2020/07/075. حوار – هشام الهاشمي.. قمع النظام السوري ليس السبب الرئيسي في ظهور تنظيم الدولة الإسلامية, https://ar.wikipedia.org/wiki6. ستراتفور: لهذا قد ترتد إستراتيجية الولايات المتحدة في العراق عليها, متوفر على الموقع الالكتروني: https://www.aljazeera.net/news/politics/2020/4/87. العراق.. لحظة اغتيال الخبير الأمني هشام الهاشمي – فيديو”. RT Arabic. مؤرشف من الأصل في 6 يوليو 2020. اطلع عليه بتاريخ 06 يوليو 2020. https://web.archive.org/web/20200706213245/https://arabic.rt.com/middle_east/8. كيرك إيتش سويل: الميليشيات الشيعية ومستقبل الدولة العراقية, على الموقع الالكتروني: https://carnegieendowment.org/sada/59889

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى