مقالات

تأملات امرأة في اليوم الأول للحظر الجزئي

الكاتب رنا عبد الأمير القيسي

الأحد اليوم او غدا .. هو الموعد المرتقب لعودة الحظر الجزئي في بغداد بعد أن شهدت أسابيع طويلة لحظر شامل عانينا فيها ويلات الغربة وكأننا في سبات ، فمنذ أكثر من ثلاثة أشهر طبقت خلية الأزمة الحجر الصحي في عموم العراق وتحول من شامل إلى جزئي ليعود شاملا للكل بعد تفشي فيروس كورونا لان البلاد شهدت ارتفاعا ملحوظا بعدد الحالات الموجبة التي عبرت لأكثر من ألف شخص كل يوم ، ومن بين الذين لازموا ذلك الحظر المرأة سواء كانت موظفة او طالبة او ربة بيت ، وهي التي اعتادت على ممارسة حياتها بطريقة دينامية يرضى بها الرجال وتسجل في حقوقها الإنسانية ، كالذهاب للعمل وممارسة هوايتها المعروفة في ارتياد الأسواق وزيارات الأهل والأصحاب .

وبعدما كانت المرأة العاملة معتادة على النهوض مبكرا والعمل بسرعة لأجل تحضير الأولاد للمدرسة وإكمال ما يتطلبه المنزل قبل ذهابها للعمل والوقوف لساعات في الطرق المزدحمة للوصول إلى مقر عملها والعمل بجد وتفاني ، وبعد انتهائها من العمل وتطلعها لان يكون أدائها رائعا ومميزا تكون على أهب الاستعداد للرجوع لمنزلها لتلقي اعباءا جديدة في إكمال متطلبات عائلتها وهكذا هي ، حتى فرض الحجر الصحي بعد انتشار فيروس كورونا الذي اجبر الجميع في الابتعاد وعدم الاقتراب من بعضنا البعض ، إن كانوا إخواننا او أزواجا وحتى الآباء والأمهات ن فهذا الفيروس اللعين اوجد مفاهيم جديدة في التعامل مع المحظورات ، ومن أشكالها تجنب الزيارات والاجتماعات ووجوب الجلوس في المنزل للحد من تفشي الوباء .

وتحولت المرأة في بعض المرات من كائن صلب إلى واحدة تطلب مستلزمات المنزل والاحتياجات الخاصة عبر خدمة التوصيل المنزلي مع اتخاذ إجراءات الوقاية والتعقيم ، وعلى الرغم من أن منع التجوال له إيجابيات صحية تتمثل في منع انتشار وتفشي وباء كورونا ، الا إن هناك ايجابيات أخرى منها جعل النساء ، اخص بالذكر العاملات ، يقضين وقتًا أطول مع أسرهن خلال فترة الحجر الصحي إذ أتيح لكل واحدة وقتا أكثر وأطول في العناية بالمنزل والأولاد وعمل ما لذ وطاب من أكلات كانت في فترة ما لا تستطيع عملها لاستعجالها في تأدية واجبات من وجهة نظرها أكثر أهمية ن كذلك أصبحت تتحدث على االنقال أكثر وتسأل عن الأصدقاء والأحبة في ساعات يسود فيها الكلام والأحاديث الشيقة وأحيانا ممارسة الأنشطة الرياضية و المتابعة لما تبثه وسائل الإعلام في الفضائيات ، وممارسة ( حب الأسرة ، والرعاية الشخصية ، ومشاهدة الأفلام ، الاستماع إلى الموسيقى ، قراءة الكتب ، العبادة في أوقات الفجر والغروب من خلال الصلاة واستماع التلاوات في قنوات القران المنتشرة في كل مكان ) واغلبها من هدايا الله وليس خشوعا للفيروس .

و المرأة التي تشعر بظلم في كل العصور والأزمان ، باتت تنتظر تنفيذا لقرار خلية الأزمة في رفع الحظر وتحويله لجزئي ( اليوم ) تسأل نفسها ؟ ، هل ترجع الحياة إلى سابق عهدها مثلما تعودت عليها وينتهي هذا الوباء ويتلاشى أم تبقى تتخذ إجراءات الوقاية والتباعد الاجتماعي حتى وان كان مع اعز الإعزاء ؟ هذه الأسئلة وغيرها تجول في خاطرها وقلقها المتزايد على نفسها وعائلتها في حال رفع الحظر والرجوع إلى العمل والاختلاط مع الناس وكأن أمرا لم يكون رغم انه أمرا واقعا ويتطلب فروض الطاعة لأنه يفرض الوجود ، فيزداد القلق وتزداد دقات القلب خوفا من قدوم يوم ما تحمل فيه المرض فينتقل ( لاسمح الله ) لعائلتها أم تنتهي هذه الأزمة بأقل ما يمكن من الخسائر البشرية ، وتصبح كسابقاتها جزءا من الذكريات ، فالعراقيات محملات بجروح وقروح ليس من السهل إزالتها ، ويخسأ كورونا أن يكون متقدما على مآسينا فقد خبرنا منها الكثير والكثير ولعل بعضها سيبقى إلى يوم يبعثون ، وربما اقل او أكثر منه بقليل .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى