مقالات

تأملات في ملف لايسقط بالتقادم الزمني

دكتور نزار محمود

يتعلم‭ ‬الانسان‭ ‬عندما‭ ‬يتعامل‭ ‬مع‭ ‬الاحداث‭ ‬بوعي‭ ‬ويقرأ‭ ‬التاريخ‭ ‬في‭ ‬عبر‭.‬بالأمس‭ ‬توفي‭ ‬كولن‭ ‬باول،‭ ‬رئيس‭ ‬اركان‭ ‬الجيش‭ ‬الامريكي‭ ‬واول‭ ‬وزير‭ ‬خارجية‭ ‬لامريكا‭ ‬من‭ ‬اصول‭ ‬افريقية‭. ‬لقد‭ ‬عرف‭ ‬الرجل‭ ‬باخلاصه‭ ‬وجهوده‭ ‬في‭ ‬مهامه‭ ‬الكثيرة‭ ‬التي‭ ‬تولاها‭ ‬في‭ ‬حياته‭ ‬التي‭ ‬دامت‭ ‬‮٨٤‬‭ ‬عاماً‭ ‬وفي‭ ‬حميميته‭ ‬الأسرية‭ ‬كما‭ ‬عبرت‭ ‬عنها‭ ‬عائلته‭ ‬بمناسبة‭ ‬وفاته‭.‬هذه‭ ‬الجهود‭ ‬وذلك‭ ‬الاخلاص‭ ‬لمواطن‭ ‬امريكي‭ ‬ستبقى‭ ‬محفوظة‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬تاريخه‭ ‬ومناسبات‭ ‬تذكره‭ ‬وتكريمه‭.‬بيد‭ ‬ان‭ ‬الجميع‭ ‬لا‭ ‬يختلف‭ ‬عن‭ ‬حراجة‭ ‬الموقف‭ ‬الذي‭ ‬ظهر‭ ‬فيه‭ ‬عام‭ ‬‮٢٠٠٣‬‭ ‬أمام‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬وهو‭ ‬يحاول‭ ‬اقناع‭ ‬أعضائه‭ ‬بتبرير‭ ‬شن‭ ‬حرب‭ ‬ضد‭ ‬العراق‭ ‬ونظامه‭ ‬ورئيسه‭ ‬الدكتاتور‭ ‬صدام‭ ‬حسين‭ ‬بدعوى‭ ‬امتلاكه‭ ‬لأسلحة‭ ‬دمار‭ ‬شامل‭ ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬صور‭ ‬ووثائق‭ ‬أقل‭ ‬ما‭ ‬يقال‭ ‬فيها‭ ‬أنها‭ ‬مفبركة‭ ‬ووهمية‭. ‬ولم‭ ‬يستطع‭ ‬الرجل‭ ‬اخفاء‭ ‬عدم‭ ‬قناعته‭ ‬بها‭ ‬وخجله‭ ‬من‭ ‬نفسه‭ ‬وحزنه‭ ‬بسبب‭ ‬ذلك‭. ‬لكن‭ ‬الجندي‭ ‬المطيع‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬كان‭ ‬عليه‭ ‬أن‭ ‬يقوم‭ ‬بذلك‭ ‬الدور‭ ” ‬المخزي‭” ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يليق‭ ‬بسيرة‭ ‬حياته‭ ‬الطويلة‭.‬وبمناسبة‭ ‬الوفاة‭ ‬هذه‭ ‬كتب‭ ‬الصحفي‭ ‬“مارك‭ ‬بتيسكه”‭ ‬مقالاً‭ ‬في‭ ‬موقع‭ ‬شبيغل،‭ ‬لخصه‭ ‬بجملة‭ ‬واحدة‭ ‬مفادها‭:‬ان‭ ‬حياة‭ ‬الرجل‭ ‬وانجازاته‭ ‬قد‭ ‬شوهتها‭ ‬وقفته‭ ‬المشبوهة‭ ‬وهو‭ ‬يعرض‭ ‬ما‭ ‬يبرر‭ ‬شن‭ ‬الحرب‭ ‬ضد‭ ‬العراق‭ ‬عام‭ ‬‮٢٠٠٣‬‭ ‬والمتعلقة‭ ‬باتهام‭ ‬امتلاك‭ ‬العراق‭ ‬لاسلحة‭ ‬دمار‭ ‬شامل‭ ‬بيولوجية‭ ‬وكيميائية،‭ ‬على‭ ‬أيام‭ ‬بوش‭ ‬الصغير‭.‬كم‭ ‬يمر‭ ‬من‭ ‬أناس‭ ‬في‭ ‬ذات‭ ‬المواقف‭ ‬التي‭ ‬مر‭ ‬بها‭ ‬كولن‭ ‬باول،‭ ‬ظناً‭ ‬منهم‭ ‬أو‭ ‬فرضاً‭ ‬عليهم،‭ ‬أو‭ ‬خوفاً‭ ‬من‭ ‬عواقب‭ ‬قد‭ ‬تصل‭ ‬الى‭ ‬التهديد‭ ‬بالحياة‭ ‬والاهل‭ ‬والمنصب‭ ‬والمال‭ ‬والسمعة‭ ‬والجاه،‭ ‬وبالتالي‭ ‬يقومون‭ ‬بأعمال‭ ‬أو‭ ‬يتخذون‭ ‬من‭ ‬مواقف‭ ‬أو‭ ‬يبدون‭ ‬من‭ ‬آراء‭ ‬يروح‭ ‬ضحيتها‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬وتضيع‭ ‬حقوقهم‭!‬لو‭ ‬كانت‭ ‬لدينا‭ ‬القدرة‭ ‬لنستمع‭ ‬الى‭ ‬دقات‭ ‬قلب‭ “‬باول‭” ‬قبل‭ ‬وفاته‭ ‬لكنا‭ ‬سمعنا‭ ‬أنين‭ ‬أسف‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬عرضه‭ ‬امام‭ ‬مجلس‭ ‬الامن‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬لتبرير‭ ‬ضرب‭ ‬العراق،‭ ‬وسنرى‭ ‬الدمع‭ ‬في‭ ‬عينيه‭ ‬وهو‭ ‬يتذكر‭ ‬ما‭ ‬حل‭ ‬من‭ ‬خراب‭ ‬ودمار‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬على‭ ‬أيدي‭ ‬المجرم‭ ‬بوش‭ ‬الصغير‭ ‬الذي‭ ‬ستبقى‭ ‬تلعنه‭ ‬وتطارده‭ ‬ارواح‭ ‬مئات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬ضحايا‭ ‬حربه‭ ‬العدوانية‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتهم‭ ‬ارواح‭ ‬الأطفال‭ ‬الأبرياء‭.‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى