مقالات

تجسيمُ الرّبْ وتنزيه الصانع من العدِ والحد .. إبن تيمية مثالاً

أبا ذر احمد الباحث

تجسيمُ الرّبْ وتنزيه الصانع من العدِ والحد .. إبن تيمية مثالاً
الطائرة تدلّ على وجود صانع لها .. المخلوقات تدلّ على وجود خالق لها .. الطائرة لا تدلّ على أنّ صانعها واحد .. ما الدليل على أنّ الله واحد ؟
أهل الحرفة والصنعة من الأساتذة الأعلام يقولون التوحيد هنا ذاتياً , أيّ انّه سبحانه وتعالى واحد لا ثاني له ولا شريك كما قال تعالى في سورة الإخلاص : (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ).
منظومة التوحيد والمعارف الإلهية عند أهل البيت تستندُ على ثلاث ركائز وهي
(( توحيد الذات , وتوحيد الأسماء والصفات , وتوحيد الافعالي العبادي)) .. توحيد الذات يتعكز هو الأخر على ثلاث قواعد أيضا وهي ( إثبات الوجود لله تعالى ,ثم هذا الموجود هل هو واحد أم متعدد ,ثم بعد إن يثبت انه موجود وواحد يأتي السؤال ,هل الله محدود بحد وله غاية ونهاية أم لا , مثلاً ؛ هذا الكتاب لهُ أمتداد طول ,ولهُ نهاية وغاية ينتهي عندها ,وهو حد الكتاب.
هُناك تلازماً عقلياً بين المحدودية والمعدودية , أي بين الشيء الذي له حد وبين العدد ؟
إن الشيء إذا كان محدوداً فهو لا بد أن يكون معدوداً , أي يمكن عدهُ وحسابهُ ,وتقول هذا واحد اثنان ثلاثة .. الخ .
فإذا ثبت أن وحدة الله سبحانه وتعالى وحدة عددية, هذا معناه أن الشيخ ابن تيمية وأتباع الشيخ ابن تيمية من الوهابية وغيرهم, يعتقدون أن الحق تعالى على مستوى الذات ,وحدته وحدة عددية، يعني كما أن هذا الكتاب واحد ,وأن هذا القلم واحد ,وأن هذا الشخص واحد أيضاً وحدة الله من هذا القبيل , وإذا كانت وحدته عددية، فما هي المشكلة.
هناك مجموعة من الآثار تترتب على ذلك
  • إذا قبلنا أن الوحدة عددية , فهذا معناه أن وحدته قليلة في مقابل الاثنين والثلاث والأربع، لأن الواحد أقل من الاثنين والثلاث والأربع, وهذا معناه أن الوحدة تقابلها الكثرة فتكون وحدته قليلة في مقابل الكثرة العددية.
  • أن الوحدة إذا كانت عددية سوف تكون مغلوبة ومقهورة للكثرة، يعني إذا جاء الثاني سلب الوحدة عن الأول , أنا أقول هذا قلمٌ واحد، أما إذا جاء هذا القلمُ الثاني إلى جنبه فهو واحد أو اثنان، هذا معناه أنه انتفت وحدته، يعني أن الثاني عندما جاء غلب الوحدة وأبدلها إلى الثاني , من الواضح أن الوحدة العددية سوف تكون وحدة مقهورة ومغلوبة.
  • في الوحدة العددية إذا كان الشيء أولاً ,لا يستطيع أن يكون آخراً ,وإذا كان آخراً لا يمكنه أن يكون أولاً, المسطرة لها أول (بداية) ولها أخر (نهاية) , هذا الأول لا يمكن أن يكون هذا الآخر لأنه أول ، وهذا الآخر لا يمكن أن يكون الأول لأنه أخر .
  • الإنسان لهُ بعدان , ظاهر وباطن , الجسد ظاهر , والروح والنفس باطن , فما هو ظاهر لا يكون باطناً، وما هو باطن لا يكون ظاهراً , إذا كانت وحدة الحق تعالى وحدة عددية فإن لازم ذلك إذا كان ظاهراً لا يمكن أن يكون باطناً وإذا كان باطناً لا يمكن أن يكون ظاهراً. لماذا؟ لأنه محدود , فإذا كان حده الظهور لا يمكن أن يكون باطناً، وإذا كان حده البطون لا يمكن أن يكون ظاهراً ,ولهذا لا نقول هو الباطن هو الظاهر .
  • إذا كان الله وحدته عددية ,فيمكن أن نضيف إلى وجودهُ وجود ثاني ,مادام ثبت له حد وغاية ونهاية ,وهذا يعني ان فرض وجود الثاني عقلا ليس بمحال ,فالكتاب الذي أمامي هذا واحد وله نهاية وغاية هو الحد ,فهذا الكتاب الواحد عندما ينتهي بحد ,فلا يمنع أن يأتي إلى جنبه كتابٌ ثاني، إن الوحدة العددية ليست مانعة من الثاني، يمكن أن يوجد الثاني ويمكن أن لا يوجد، ولكن لا يمكن للأول أن يمنع الثاني.
بشكل واضح وصريح نجد أن القرآن لا يوافق على أن وحدة الله وحدة عددية لأنه إذا كانت عددية للزم أن تكون مغلوبة ومقهورة قال تعالى:((هو الأول والآخر والظاهر والباطن)) , هذه العقائد هي نفسها رسخت عند الخوارج الدواعش وعلى أثرها كُفّر المسلمين واستبيح دمائهم ,ولهذا يعلق العلامة أحمد الهيتمي في (الجوهر المنظم في زيارة القبر المكرم، ص57) ويقول: (من هو ابن تيمية حتى ينظر إليه أو يعول فيه شيء من أمور الدين عليه وهل هو إلاكما قال جماعة من الأئمة الذين تعقبوا كلماته الفاسدة وحججه الكاسدة حتى أظهروا عوار سقطاته وقبائح أوهامه وغلطاته وهل هو إلا عبد أضله الله وأغواه وألبسه رداء الخزي وأرداه وبوئه من قوة الإفتراء والكذب ما أعقبه الهوان وأوجب له …) .. وهنا لدفع التقديس والصنمية والكهنوتية وإماطة اللثام عن الفكر المتطرف الداعشي التيمي , تصدى العلامة الحلي بكل حزم سابقا, دون ان يستطيع ان يحدد بعد ومسافة هذا الفكر ومدى تأثيرهُ في الأمة ,ولكن حاليا شهرت سيوف العلم لأحد المحققين المصلحين المعاصرين الذي اثبت انحراف ابن تيمية وتدليسه وخواء فكره , وذلك من خلال قوة الدليل الذي قدمه الأستاذ المحقق الصرخي الحسني حتى فاق جميع الذين سبقوه بتصديه لهذا الفكر المنحرف بمحاضرات قيّمة حول التجسيم الأسطوري لله كالشاب الأمرد, أوقعت الفكر المجسم تيمية في إشكاليات وتساؤلات عجيبة, وكيف إنهم يقفون على ظواهر الألفاظ في الآيات الكريمة بدون تصرف وتأويل , نذكر منها في مقام الشاهد [أنا أسأل التيمية ما دام الحديث عن البصر وعن النظر وعن الرؤيا، (لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ) 22 سورة ق , سؤال للتيمية: هذا الحديد من أي أنواع الحديد؟ هل هو من الحديد القابل للصدأ أو غير القابل للصدأ؟ هل مطلٍ بطلاء ضد الصدأ أم غير مطلٍ؟ هل يستعمل للبناء والتسقيف وصنع الهياكل والمسقفتين (والجملونات) أو لا يستعمل؟ .. هل يمكن أن نبني وننشأ مصانع في عيون هؤلاء الذين صارت أبصارهم حديد أم سيلتجئ التيمية وسيكونون أئمة الجهمية فيؤولون هذا؟]
وبنفي العددية والحدية عن الله يستلزم نفي اللوازم العقلية الخمسة وبذلك يثبت ان الله واحد (ظاهره موصوف لا يرى وباطنه موجود لا يخفى، يطلب بكل مكان )
ويقول الحكيم السبزواري :
يامن اختفى لفرط نوره
الظاهر الباطن في ظهوره
ومعنى ذلك إن الله تعالى من شدة نوره لا نراه .

الكاتب
أباذر احمد الباحث

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى