مقالات

تحجيم الجيش..توجّه مَن؟

فاتح عبدالسلام

لم‭ ‬أسمع‭ ‬سياسياً،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬الطبقة‭ ‬المخملية‭ ‬من‭ ‬المشهد‭ ‬المتداول‭ ‬يمتدح‭ ‬في‭ ‬مناسبات‭ ‬عامة‭ ‬الجيش‭ ‬العراقي‭. ‬

نسمع‭ ‬مدائح‭ ‬أخرى،‭ ‬منها‭ ‬للحشد‭ ‬الشعبي،‭ ‬ولتكن،‭ ‬ولا‭ ‬اعتراض‭ ‬على‭ ‬المادحين‭ ‬هنا‭ ‬فلكل‭ ‬مجال‭ ‬كلمة‭ ‬حق‭ ‬يستحق‭ ‬ان‭ ‬تقال‭ ‬فيه‭. ‬غير‭ ‬ان‭ ‬اللافت‭ ‬هو‭ ‬اكتفاء‭ ‬المتحدثين‭ ‬على‭ ‬المنابر‭ ‬السياسية،‭ ‬في‭ ‬أحسن‭ ‬الأحوال،‭ ‬بالإشارة‭ ‬الى‭ ‬المصطلح‭ ‬غير‭ ‬الدستوري‭ ‬وهو‭ ‬القوات‭ ‬الأمنية‭. ‬ذلك‭ ‬انّ‭ ‬القائد‭ ‬العام‭ ‬للقوات‭ ‬المسلحة‭ ‬يوحي‭ ‬منصبه‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬الى‭ ‬الجيش‭ ‬كأول‭ ‬وجهة‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬المسميات‭ ‬والعناوين‭ ‬العسكرية‭ ‬الأخرى‭.‬‭ ‬الجيش‭ ‬العراقي‭ ‬ليست‭ ‬له‭ ‬حصة‭ ‬من‭ ‬الذكر‭ ‬سوى‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬السادس‭ ‬من‭ ‬كانون‭ ‬الثاني‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬ذكرى‭ ‬تأسيسه‭ ‬وبشكل‭ ‬مختصر‭

.‬وبات‭ ‬نشيد‭ ‬الجيش‭ ‬سور‭ ‬للوطن‭ ‬الذي‭ ‬تغنت‭ ‬به‭ ‬أجيال‭ ‬غريباً‭ ‬لا‭ ‬مكانة‭ ‬له‭.‬‭ ‬الجيش‭ ‬هو‭ ‬عصير‭ ‬تقاليد‭ ‬راسخة‭ ‬من‭ ‬المُحال‭ ‬تغييرها‭ ‬لصالح‭ ‬مقولات‭ ‬تعبوية‭ ‬جهوية‭ ‬أو‭ ‬طائفية‭ ‬أو‭ ‬شخصية‭. ‬حتى‭ ‬في‭ ‬الازمة‭ ‬التي‭ ‬حدثت‭ ‬مع‭ ‬تركيا‭ ‬في‭ ‬قضية‭ ‬قصف‭ ‬المصيف‭ ‬في‭ ‬أعالي‭ ‬دهوك،‭ ‬كان‭ ‬للحشد‭ ‬تصريحات‭ ‬عديدة‭ ‬بين‭ ‬وعيد‭ ‬وتهديد‭ ‬وانذار‭ ‬واحيانا‭ ‬فعل‭ ‬عبر‭ ‬قصف‭ ‬معسكرات‭ ‬وسيطرات‭ ‬تركية،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬ان‭ ‬يسمع‭ ‬احد‭ ‬كلمة‭ ‬للجيش‭ ‬العراقي‭ ‬ووزير‭ ‬الدفاع‭ ‬أو‭ ‬مَن‭ ‬هو‭ ‬بمثابة‭ ‬المسؤول‭ ‬عنه‭.‬‭ ‬

الاعلام‭ ‬العراقي‭ ‬لا‭ ‬يحتفي‭ ‬بالجيش‭ ‬العراقي،‭ ‬ولا‭ ‬يرد‭ ‬ذكره‭ ‬الا‭ ‬في‭ ‬الهوامش،‭ ‬وربّما،‭ ‬لولا‭ ‬بعض‭ ‬العمليات‭ ‬البطولية‭ ‬في‭ ‬تصدي‭ ‬الجيش‭ ‬لأوكار‭ ‬وتعرّضات‭ ‬تنظيم‭ ‬داعش،‭ ‬لما‭ ‬ذكره‭ ‬الاعلام‭ ‬في‭ ‬خبر‭ ‬أو‭ ‬تقرير‭ ‬أو‭ ‬لقاء‭.

‬هناك‭ ‬استثناءات‭ ‬متناثرة‭ ‬لا‭ ‬يعتد‭ ‬بها‭ ‬،‭ ‬و‭ ‬لا‭ ‬تليق‭ ‬بمكانة‭ ‬الجيش،‭ ‬وعمق‭ ‬تاريخه،‭ ‬وبطولاته‭ ‬العراقية،‭ ‬والعربية‭.

‬المسألة‭ ‬ليست‭ ‬اعلاماً‭ ‬فقط،‭ ‬يبدو‭ ‬ان‭ ‬هناك‭ ‬توجها‭ ‬عاما‭ ‬في‭ ‬تحجيم‭ ‬الجيش،‭ ‬برغم‭ ‬ما‭ ‬يعتريه‭ ‬من‭ ‬نقص‭ ‬اساساً،‭ ‬والتعاطي‭ ‬معه‭ ‬كحصة‭ ‬طائفية‭ ‬موزعة‭ ‬بين‭ ‬منصب‭ ‬وزير‭ ‬الدفاع‭ ‬للفئة‭ ‬الفلانية‭ ‬ومناصب‭ ‬قادة‭ ‬الفرق‭ ‬والحركات‭ ‬والعمليات‭ ‬لفئة‭ ‬أخرى،‭ ‬وترك‭ ‬الأمور‭ ‬تسير‭ ‬كما‭ ‬كانت‭ ‬طوال‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬عقدين‭ ‬متجهة‭ ‬الى‭ ‬نهايات‭ ‬مجهولة‭.

مَن‭ ‬يظن‭ ‬انّ‭ ‬تحجيم‭ ‬الجيش‭ ‬هو‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬استمرار‭ ‬هيمنته‭ ‬عبر‭ ‬أذرع‭ ‬عسكرية‭ ‬وأمنية‭ ‬وسياسية‭ ‬له‭ ‬ولحزبه‭ ‬وفئته‭ ‬متأسياً‭ ‬بتجربة‭ ‬ايران،‭ ‬يكون‭ ‬واهماً،‭ ‬وسيوغل‭ ‬في‭ ‬وهمه‭ ‬اذا‭ ‬اطمئن‭ ‬في‭ ‬وجوده‭ ‬لتشكيلات‭ ‬ليس‭ ‬لها‭ ‬عمق‭ ‬الجيش‭ ‬وسياقاته‭ ‬وأصوله‭.‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى