تقارير وتحقيقات

تراث العراق في خطر الجفاف

يعتبر العراق من اكثر البلدان التي تنتشر فيها المسطحات المائية ( الاهوار ) و التي تعتبر احد اهم ثروات البلاد ، و التي تم ادراجها في لائحة التراث العالمي ووضعها على الدينار العراقي ، تنتشر الاهوار في مناطق متعددة من محافظة ذي قار وميسانوالبصره مثل منطقة الجبايش و الاصلاح و كرمة بني سعيد و غيرها من المناطق الريفية ، يعود اصل الاهوار (حسب احدى المصادر ) حيث كانت المياه في الازمنة القديمة تغطي المنطقة الوسطى و الجنوبية من العراق و اخذت تنحسر عنها تدريجيًا حتى انتهت الى الوضع الحالي ، و في مصدر اخر يقال ان بعد انهيار السدود بانهيار الحكام الاقوياء في العصور الغابرة و سقوط الحضارات العريقة ، اندرست الانهار و انطمرت قنوات الري فاصبحت المياه تتدفق بلا موجه او مدير ، فغمرت ما غمرته من الاراضي الشاسعة في جنوب العراق و كونت مساحات واسعة من المياه غطت معالم و اثار الحضارة القديمة ، يعود سبب اختلاف اصل الاهوار الى قدم هذه المنطقة .

يسكن في هذه المناطق عشائر متنوعة لها عاداتها و تقاليدها ، يمارسون حياتهم بكل نشاط و قوة ، معتمدين على ما تحتويه هذه الاهوار من ثروات في رزقهم ، تمتاز الاهوار باحتوائها على انواع متعددة من الاسماك حيث تعتبر مصدر للثروة السمكية في العراق ، بالاضافة الى الانواع المتعددة من الطيور و الحيوانات ذات فصائل نادرة و مميزة ، و ايضًا يشتهرون بزراعة الشلب(الرز) و غيرها من المحاصيل الاخرى ، و يمتازون في صناعة الزوارق بأنواعها المختلفة و كل نوع له استخدام معين و يستوعب اعداد معينة من الركاب ، و تعتبر ايضًا طريقة نقل لهم .

يعيش سكان الاهوار في بيوت واسعة من القصب يتم بنائها بشكل هندسي دقيق و احد شروطها ان يتم بناؤها بالقرب من مياه الاهوار لان حياتهم تعتمد بشكل رئيسي على المياه ، ينتشر بين سكان الاهوار نسبة عالية من الامية بسبب عدم وجود المدارس في هذا المناطق و لكن في السنوات الاخيرة و تحديدًا بعد ثورة 14 من تموز عام 1958 تم بناء عدة مدارس حيث ينتهي المستوى الدراسي فيها الى السادس الابتدائي ، هذا الامر الذي قلل نسبة الامية فيها .

يرتاد الاهوار العديد من الاشخاص الاجانب من خارج البلاد ، من اجل رؤية احد اهم معالم العراق القديمة و اجمل مناطقها الطبيعية ، و مياهها الصافية التي تنعكس فيها زرقة السماء فتضيف لها جمالية ، و مساحاتها الواسعة المملوءة بالنباتات الخضراء المتنوعة ، و الى جانب هذه البيئة الطبيعية كرم و طيب اهلها ، فهم يستقبلون السياح الاجانب ابهى استقبال و يقدمون له اشهى و اطيب انواع الاطعمة ، فهذا الكرم معروف في هذه المنطقة .

لكن في السنوات الاخيرة جفت العديد من الاهوار في العراق ، بسبب قلة سقوط الامطار و ارتفاع نسبة الملوحة فيها بالاضافة الى التدخلات (السياسية -الخارجية) و انقطاع اصل منابعها في تركيا و ايران ، حيث قامت تركيا بتشييد السدود في منابعها و ايران قامت بتحويل مجرى الانهار فلا تصل الى العراق ، و هذا يعتبر تعدي على حصة العراق من المياه ، جفاف الاهوار يشكل خطر كبير على البلاد منها خطر الهجرة حيث تم نزوح اكثر من 700 عائلة من مناطق الاهوار من بعد انعدام المياه و نفوق مواشيهم لاجئين الى مناطق يتمكنون من خلالها ممارسة حياتهم الطبيعية ، بالاضافة الى خطر التصحر بسبب جفاف مساحات واسعة من الاهوار و تحولها الى اراضي قاحلة و في نفس الوقت لها تأثيرها على الاحتباس الحراري و يعتبر العراق من الدول الخمسة المهددة بالتغيير المناخي ، بالاضافة الى نفوق العديد من حيواناتهم جراء هذا الجفاف ، مع كل هذه المسوغات التي تسبب كارثة بيئة في العراق نلاحظ ان الجهات المختصة متواطئة جدًا من هذا الجانب ، فهي تلجئ الى حلول بسيطة مثل استخدام مخزون المياه لارواء هذه المناطق ، اما التدخل الدولي من اجل وضع حلول لهذه الكارثة فهو ضعيف من الجانب العراقي من دون معرفة الاسباب ، لذلك يجب وضع حد لهذه الكارثة بتعيين مختصين و خبراء لوضع الحلول ، و بناء علاقات مع دول الجوار من اجل اعطاء العراق حصته من المياه ، لكن اذا لم يتم اتخاذ الاجراءات اللازمة للحد من خطر الجفاف ماذا يحصل اذا كان الشتاء القادم يعاني ايضًا من شح الامطار ؟

تقرير لـ زهراء موسى

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى