مقالات

تفعيل دور الباحث الاجتماعي في المحاكم العراقية

رسل الربيعي

“يتولى مكتب البحث الاجتماعي في محكمة الاحوال الشخصية القيام بالبحث الاجتماعي في دعاوى الطلاق والتفريق والنفقة والمطاوعة والحضانة ومعاملات الاذن بالزواج والدعاوى والمعاملات الاخرى التي ترتأي المحكمة اجراء البحث الاجتماعي فيها” ، هذا ما نصت عليه المادة 4 رقم 1 استناداً الى التعليمات الصادرة من قانون وزارة العدل رقم (101) لسنة 1977 ، اذ نفهم ان من أولويات الباحث الاجتماعي هي دراسة الحالات التي تعرض إمامه والمحاولة إلى فهم وإعطاء تفسير واقعي لتلك الحالات مع استنباط الحلول المناسبة لها بهدف بناء حياة أسرية خالية من المشاكل، وبنفس الوقت البحث عن إنصاف طرفي القضية وهما (الزوج والزوجة) فضلاً عن الأولاد بهدف وصولهم إلى قناعة في اتخاذ القرار المناسب الذي يحدد علاقتهما المستقبلية، ولكن يأتي السؤال هنا هل ان الباحث الاجتماعي يأخذ دوره الكافي في الحد من الدعاوى المعروضة امامه؟ وهل لديه متسع من الوقت ليستطيع حل الخلاف الحاصل بين الزوجين ام ان الحضور أمامه هو مجرد اجراء روتيني ! .

بات الطلاق مشكلة اجتماعية سائدة اتسع نطاقها بشكل كبير واصبحت ظاهرة خطيرة ,وللتصدي لهذه الظاهرة لابد من دراستها وتحليلها ومعرفة اسبابها واسباب استفحالها ثم وضع الحلول التي تعالجها او تحد منها, وهذه ليست مسؤولية الدولة لوحدها بل يشترك في هذه المسؤولية كل فئات المجتمع, وعلى الرغم من دور مجلس القضاء العراقي المتمثل ب رئيس مجلس القضاء الاعلى بإعطائه توجيهات تتمثل بإنشاء مكاتب البحث الاجتماعي في محاكم الاحوال الشخصية ، إلا اننا ومع شديد الاسف نلاحظ اليوم ان دور الباحث الاجتماعي قد تراجع في المحاكم وبشكل كبير، ولعدة أسباب منها:

١_عدم اختيار الاشخاص المناسبين من ذوي القدرة والكفاءة والاختصاص ممن يستطيع ان يمارس دور الباحث الاجتماعي بدون تململ .

٢_لديه من القدرة والادوات العلمية التي تمكنه من اصلاح ذات البين .

٣_ عدم وجود الدعم الكافي من قبل مجلس القضاء الاعلى وعلى كافة الاصعدة لمكاتب البحث الاجتماعي لكي يستطيع الباحث ان يمارس عمله بكل يسر وسهولة.

٤_ كثرة الدعاوى المرفوعة في المحاكم وعدم وجود الاعداد الكافية من الباحثين الاجتماعيين لاستيعاب اعداد الازواج المتخاصمين .

إن توفير الدعم الكافي والتام من الجهة القضائية والتشديد على الاعتراف بأهمية وجود الباحث الاجتماعي لما له من دور أساسي في حل الخلاف قبل حدوث التفكك الأسري أمر بات من الضروري توافره كونه سيساهم بالحد من الارتفاع الكبير في نسب حالات الطلاق في العراق ، نضيف الى ذلك وعي الباحث الاجتماعي بدوره ، عن دراية وعلم، اذا تواجد هذا الوعي لديه فإن قناعة جديدة ستتولد لدى الزوجين ولدى عامة الناس، وسيسود مفهوم اجتماعي وعرفي مفاده ان دعاوى الاحوال الشخصية التي تقام من احد الزوجين تجاه الآخر، واجراءات الباحث الاجتماعي التي تتخذ فيها، لا تمثل بداية لمشروع طلاق او تفريق بينهما، وانما هي مشروع لطلب المصالحة، يسعى له من اقام الدعوى، وانه بإقامة هذه الدعوى يستعين بإجراءات الباحث الاجتماعي وإمكانات المحكمة لتحقيق هذه الغاية ، ويبتغي منها حل ارضائي عادل ينهي المشكلة بينهما.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى