مقالات

تمكين المرأة سينقذ الكوكب من مجاعة كبرى

الكاتب : كلوديا سادوف

باتت الإشارات التي تصلنا من عالمنا الطبيعي متقاربةً وطارئةً، وهي تقول لنا إن منظومتنا الغذائية بحاجة ماسّة للدعم.

يبدو أنّ الكوارث المتعلقة بالمناخ تبرز من كلّ حدب وصوب، بدءاً بالمجاعة الناشئة في جنوب السودان، ومروراً بأسراب الجراد التي تجتاح شرق أفريقيا، ووصولاً إلى الأعاصير التي تعصف بالفلبين، على سبيل التعداد لا الحصر.

وبات مزارعو العالم يواجهون بوتيرة متزايدة تساقط الأمطار غير المتوقعة وتفاقم الظروف المناخية.

أمّا نساء الأرياف، فيعشن وضعاً هشاً بدرجة غير متكافئة، كما أنّهن يلعبن دوراً جوهرياً في عكس مسار المشكلة وإطعام عدد متزايد من السكان. ومع ذلك، لا ينلن سوى نذر قليل من الاهتمام الذي يستحققنه.

ويمكن أن نمكّنهنّ بالسبل التالية:

الحرص على تمكين نساء الريف من الاستثمار المثمر في مزارعهن

تزرع النساء محاصيل أقل من الرجال بنسبة 20 إلى 30 في المئة لكل هكتار من الأرض – ليس لأنهن أسوأ منهم في الزراعة، لكن لأنهن يمتلكن موارد أقل يستطعن توظيفها في العمل.

وغالباً ما يُحال دون تملّك النساء الأراضي. ونتيجة لذلك، تقلّ قدرتهن على الحصول على القروض من أجل الاستثمار في مزارعهنّ لأنهنّ لا يملكن أي ضمانة يستطعن رهنها في المقابل. ومن دون موارد تمويل، لا يستطعن شراء أفضل البذور أو الأسمدة ولا توظيف اليد العاملة ولا بيع منتجاتهنّ في السوق بسهولة.

وعلى سبيل المثال، أظهرت دراسة شملت 36 “منطقة ساخنة” في الهند – أي المناطق شديدة التأثر بالجفاف وفائض الأمطار وموجات الحرّ- أنّ المزارعات كنّ الأكثر تأثّراً لأنهن لم يقدرن على الوصول إلى التكنولوجيا الذكية والحلول المتعلقة بالمناخ بالسهولة نفسها مثل الآخرين. لكن بعض الحلول، مثل التأمين القائم على الأقمار الصناعية، يسهم في ردم هذه الهوّة في حال وقوع كارثة لأنها مصممة كي تكون متاحة للرجال والنساء، على حدٍ سواء. 

تخفيف عبء الأعمال المنزلية التي تقع على عاتق النساء والفتيات عادة

غالباً ما تُحمّل النساء والفتيات مسؤولية جلب المياه والوقود من أجل الطهي يومياً. ويؤثر شح المياه والغذاء بسبب تغيّر المناخ بشكل غير متكافئ على هذه المجموعات التي تضطرّ إلى قطع مسافات أبعد للعثور على الموارد.

وقد يعين النساء استخدام التقنيات الجديدة في تحويل النفايات المنزلية إلى وقود من أجل الحصول على مصادر طاقة موثوقة أكثر وأرخص وأنظف – على غرار مشروع في أوغندا يساعد النساء على تحويل مخلّفات الموز إلى فحم.

 كما جرت العادة أن توكل مهام زراعة وطهو الطعام الذي تتناوله العائلة إلى النساء، ومن ضمن هذه المهام الاهتمام بالأراضي التي تزرع فيها المحاصيل الأساسية وحدائق المطبخ الصغيرة (التي تزرع فيها الخضار والفاكهة) والماشية الصغيرة (التي تعطي الحليب واللحم والجبن). ففي أفريقيا، تزرع النساء 80 في المئة من هذه الأغذية الأساسية.

وتتطلب هذه الأعمال المنزلية الكثير من الوقت، كما أن النساء لا يتلقين أيّ أجرٍ مقابلها في أغلب الأحيان مما يقلّص من الفرص المتاحة لهنّ بزراعة الأغذية وبيعها في السوق. وأظهرت دراسة أجريت في كازاخستان على ثلاث قرى تقع بمحاذاة مجرى مائي أنه على خلاف التوقعات، جنت النساء القاطنات في أعلى المجرى المائي اللواتي احتللن أفضل المواقع من أجل ريّ محاصيلهنّ أقل المكاسب. لماذا؟ لأنهن الأبعد عن السوق الواقعة أسفل المجرى.

ويُضاف إلى ذلك أنّ الأعمال المنزلية هذه غالباً ما تكون متكررة وتقصم الظهر وتستهلك الكثير من الوقت – مثل الانحناء من أجل إزالة الأعشاب الضارّة من حقول بأكملها يدوياً. وقد تكون غير آمنة تماماً، إذ يعتبر التلوّث الداخلي بسبب الطهو سبباً في وفاة 600 ألف شخص سنوياً في أفريقيا حسب التقديرات- أي أكثر من الوفيات العالمية جرّاء المالاريا بالثلث.

وهذا يعني أنه لدى النساء وقت أقل لحضور العروض التوضيحية في الحقول والوصول إلى معلومات حول السوق أو تعزيز منظومات الغذاء.

قيام نظم وثقافة بحثية على أسس تجعلها أكثر مساواة بين الجنسين على الأمد البعيد

يتطلّب الخروج من هذه الدوامة إعادة التفكير في طريقة تصوير النساء الريفيات في المجتمع وإسهامهن فيه بشكل عام.

قد يؤدي ردم هوة الإنتاج بين الجنسين في الزراعة إلى إطعام 150 مليون شخص إضافي- مع الحفاظ على الغابات والمراعي والموائل وبؤر امتصاص الكربون الطبيعية الأخرى بشكلها الحالي. وفيما لا تقع مسؤولية التصدي لهذا التحدي على عاتق النساء حصراً يجب أن يستفدن كذلك من الزيادة الإنتاجية جرّاء اضطلاعهنّ بهذه المهمة.

وحين تكاتفت مزارعات الفول السوداني في نيجيريا بهدف جمع الموارد، استطعن الوصول إلى الأراضي والقروض ونوعية أفضل من البذور، مما ضاعف محاصيلهن تقريباً. وهنّ يبعن شطراً أكبر من السلع في السوق لجني الأرباح التي يعدن استثمارها. وهذا تقدم مطرد يستدعي الاحتفاء بلا شك. لكن ما يزيد من فعالية هذه العمليّة هو أن يتغيّر النظام نفسه، بحيث يستطعن تحقيق هذا الإنجاز بأنفسهنّ إن رغبن بذلك.

وسيساعد تحقيق مساواة أكبر بين الجنسين على تعزيز مقاومة منظوماتنا الغذائية وتنشيط الاقتصادات الريفية وتحسين المعيشة في الأرياف.

مضى 25 عاماً على إطلاق هيلاري كلينتون تصريحها الشهير “إن حقوق الإنسان هي حقوق النساء، وحقوق النساء هي حقوق الإنسان”. لكن التقديرات تقول إننا ما زلنا على بعد 257 عاماً من تحقيق المساواة الاقتصادية. ولكن منظوماتنا الغذائية لا يسعها الانتظار طوال هذه المدة.

( تتولى الدكتورة كلوديا سادوف منصب المديرة العامة للمعهد الدولي لإدارة المياه، وهي مناصرة للمساواة بين الجنسين لدى المجموعة الاستشارية للأبحاث الزراعية الدولية) 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى